حريق سنترال رمسيس... عندما تصاب مصر بسكتة مالية وتكنولوجية
Arab
5 days ago
share

كانت مصر اليوم الثلاثاء على موعد مع ما يشبه سكتة دماغية مالية وتكنولوجية وأزمة حياتية، بسبب الحريق المروع الذي نشب في سنترال رمسيس أمس حيث يقع أحد أهم مراكز الاتصالات الرئيسية والبنية التحتية الرقمية في العاصمة القاهرة. سكتة أو صدمة امتدت لأجهزة وقطاعات حساسة وخدمات حيوية، منها البنوك والاتصالات والبورصة والمخابز وخدمات الإنترنت وحركة الطيران، وهو ما أثر على الخدمات المقدمة للمصريين وشبكات الاتصالات الخاصة بالخدمات المالية وسوق المال وخدمات الدفع الفوري والمعاملات المصرفية عبر الإنترنت.

البورصة المصرية أغلقت أبوابها وعلقت التداول لأول مرة منذ عام 2011 وتوقفت عن العمل ربما خوفا من خسائر فادحة أو صعوبة التشغيل، كذلك أثر الحرق سلباً على أنشطة البنوك، وفي المقدمة منها الأهلي المصري ومصر أكبر بنكين في الدولة، وكانت التطبيقات المالية على الهواتف المحمولة من أكثر المتضررين من الحريق، إذ فوجئ عدد من المواطنين بتوقف الخدمات المالية على تطبيق "إنستاباي" الذي يخدم نحو 34 مليون حساب مصرفي، وكذلك تأثرت محافظ إلكترونية الأخرى، بالإضافة إلى تأثر ماكينات الصراف الآلي.

وسارع البنك المركزي المصري لاحتواء جانب من تلك التأثيرات، إذ قرّر زيادة الحد الأقصى اليومي للسحب النقدي إلى 500 ألف جنيه للأفراد والشركات إلى حين عودة الاتصالات لطبيعتها، كما قرر مدّ ساعات العمل في بعض فروع البنوك لخدمة الجمهور حتى الساعة الخامسة مساءً بدلاً من الثالثة عصراً. كذلك أصاب التدمير الهائل الذي وقع في سنترال رمسيس شبكة النطاق العريض "البرود باند" التي تخدم القطاع المالي والمصرفي، وأجهزة الصراف الآلي وماكينات نقاط البيع الإلكتروني والمعاملات عبر الإنترنت، والخطوط الساخنة التي تربط بين قيادات بالدولة.

تأثيرات حريق سنترال رمسيس امتدّت أيضاً إلى قطاعات حيوية أخرى، أبرزها الاتصالات، إذ تأثرت نسبياً خدمات الإنترنت الثابت وخدمات المحمول (صوت/ نقل بيانات) لدى شركات المحمول الثلاث الكبرى، نتيجة تعطل بعض دوائر الربط.

ولم تسلم حركة الطيران المدني في مصر من تداعيات الأزمة، إذ شهدت الحركة اضطراباً إثر الحريق الهائل الذي شبّ في مبنى سنترال رمسيس، وتسببه في تعطل خدمات الاتصالات والإنترنت الحيوية التي تعتمد عليها أنظمة تشغيل مطار القاهرة الدولي، ما أدى إلى حدوث تأخيرات محدودة في إجراءات الإقلاع والهبوط، وتعطل أنظمة تشغيل الرحلات، وحدوث شلل مؤقت في إجراءات تسجيل المسافرين وتنسيق حركة الطائرات لمدة تقارب سبع ساعات، نتيجة حدوث عطل مفاجئ ومؤقت في شبكات الاتصالات والإنترنت. وقررت الوزارة ترحيل معظم الرحلات الجوية بالطرق البديلة. واعترفت وزارة الطيران المدني في بيان أن الأزمة أثرت في 69 رحلة مجدولة، وأدت إلى تأخيرها دون إلغاء أي رحلة.

ببساطة، تسبب حريق سنترال رمسيس في إحداث صدمة تكنولوجية قوية للخدمات الرقمية في مصر بشكل أربك الأنشطة الحيوية، وأدى إلى تعطل شبكات الاتصال، بما فيها المتعلقة بخدمات الإسعاف والمطافئ والخطوط الأرضية، ولن أسأل هنا عن أسباب حدوث الحريق، فهذه مهمة الجهات المسؤولة في الدولة، والقصور الشديد من قبل أجهزة الدولة في إدارة أزمة بحجم تلك الكارثة، فالقصة أكبر من ترهل إداري وفساد وبطء شديد في التحرك.

القصة تكمن في بنية تحتية مترهلة قيل إنه جرى إنفاق مليارات الجنيهات لتحديثها في السنوات الأخيرة، لكن نفاجأ بفشل ذريع في احتواء حريق كان من الممكن أن يُطفى خلال دقائق لو توافرت الإمكانات التقنية والبنية التحتية داخل هذا المبنى العريق وغيره من المباني الحكومية الاستراتيجية، لكن ما باليد حيلة، فإقامة مدن جديدة مثل العاصمة الإدارية والعلمين ومدن الجيل الأول والثالث باتت تحتل أولوية قصوى لدى النخب الحاكمة في مصر.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows