
كشفت وثائق رسمية لسلاح الهندسة الأميركي عن مشروعٍ قيمته مليارات الشيكلات، لإقامة منشآت عسكرية عدّة لسلاح الجو الإسرائيلي، بينها حظائر لطائرات التزوّد بالوقود ومروحيات جديدة سيتسلّمها الجيش، فضلاً عن منشآت خاصة لغرفة قيادة سرب الكوماندو في سلاح البحرية.
وطبقاً لمضمون دعوة وُجهت إلى مقاولين الشهر الماضي، فإنّ "مخطط البناء من المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل يتضمن مشروعاً تبلغ قيميته التنفيذية أكثر من 250 مليون دولار، ومشاريع مستقبيلة بأكثر من مليون دولار". الاجتماع المذكور بحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس"، اليوم الثلاثاء، تأجّل بسبب الحرب التي شنّتها إسرائيل على إيران في 13 يونيو/ حزيران الماضي،
وتتضمن المشاريع إقامة مقرّات ومنشآت جديدة في عدد من القواعد العسكرية، بينها عيادات، ورصيف بحري، وغرف قيادة وتحكم للوحدات، ومخازن للأسلحة، وتأهيل مبانٍ قائمة، وتأهيل مدرجات الطائرات. وبناء لوثائق سلاح الهندسة الأميركي، فإن الحديث يجري حول 20 مشروعاً بقيمة 1.5 مليار دولار، وجزء من المشاريع طبيعتها غير واضحة، وكذلك مواقعها، إذ تظهر أسماؤها باختصار تحت كود مشفّر.
وتتلقى إسرائيل من الولايات المتحدة مساعدة أمنية سنوية تبلغ قيمتها 3.8 مليارات دولار، في إطار اتفاق (2019-2028) وُقع في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما. فضلاً عن الاتفاق المذكور، فإنه منذ اندلاع الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، وحتى سبتمبر/أيلول من العام الماضي، قدّمت الولايات المتحدة 18 مليار دولار إضافية، وذلك بناء لما ورد في دراسة نشرتها جامعة براون في إنكلترا. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، صدّق مجلس الشيوخ الاميركي على رزمة مساعدات عسكرية بلغت قيمتها 26 مليار دولار، بينها 4 مليارات دولار خصّصت للمنظومات الدفاعية الجوية.
وتنتقد أوساطاً أميركية المساعدات المقدّمة لإسرائيل، على الرغم من أن جيش الاحتلال يستخدم هذه المساعدات لشراء وسائل قتالية من مصانع في الولايات المتحدة، وهو ما يُشغل العجلة الانتاجية للشركات الأميركية. وعلى خلفية أن المشاريع المزمع إنشاؤها في إسرائيل ممولة من المساعدات الأميركية، فإن المناقصات المطروحة لا يمكن سوى للشركات الأميركية حصراً التقدّم للمنافسة على الفوز بها، وربما قد يُنفذ العمل الميداني مقاولون إسرائيليون فرعيون للشركات الأميركية. وتبلغ قيمة إحدى المناقصات نحو 900 مليون دولار، ومن المتوقع أن تخرج إلى حيّز التنفيذ في الشهر الجاري، وفقاً لما جاء في إحدى الوثائق، وأضيف أكثر من نصف المبلغ عقب القرار الإسرائيلي القاضي بضرورة التزوّد بطائرات إضافية من طراز إف-35، وإف-15 إي آي.
طبقاً للوثائق الأميركية، تتضمن المشاريع مراكز تخطيط وهندسة، بقيمة تصل حتى عشرات ملايين الدولارات، ومراكز بناء، ومراكز ترميم مبانٍ قائمة، والتي تصل قيمتها إلى مئات ملايين الدولارات. وجزءٌ من المشاريع الكبيرة ترتبط بسلاح الجو الإسرائيلي: مناقصتان لتأهيل وترميم قواعد، بضمنها ترميم مدرجات الإقلاع والهبوط، باتت تقريباً في مراحل التنفيد. في حين أن مشاريع أخرى تتضمن تجهيز البنية (Bed Down) المعدة لاستيعاب واستقبال طائرات التزوّد بالوقود من نوع بيغاسوس كي سي-46. ومروحيات يسعور الحديثة سي إتش- 53 كاي (Sikorsky CH-53K King Stallion).
وتشمل المشاريع أيضاً إقامة مقرّ قيادة جديدٍ لوحدة "شييطت 13" في قاعدة عتليت البحرية، ومشروعين آخرين واحد باسم "تاما 38"، و"تاما 58" المُعد لتجديد مراكز صيانة عسكرية للمركبات المدرعة.
في وثائق سلاح الهندسة الأميركي، أُعلنت مواقع المشاريع برموز مشفرة. في حين أن المقاولين الذين دُعيوا لإجراء جولات ميدانية في المواقع قيل لهم موقع الأمكنة شفوياً قبيل وصولهم؛ فيما طالبت وثائق المناقصات الشركات المُرشحة بالامتناع عن نشر كل ما يتعلق بمواقع المشاريع. ومع ذلك فإن وثائق المناقصات تتضمن مئات وأحياناً آلاف الصفحات من التعليمات والخرائط، والتفاصيل الدقيقة، كسماكة الإسمنت. وفي عدد من هذه الوثائق يظهر الموقع الدقيق للمشاريع، وبعضها تتضمن خرائط تفصيلية وصوراً جوياً للمواقع المخططة، وبضمن ذلك الطرق المخطط من خلالها الوصول إلى موقع البناء.
وفي بعض الأحيان، فإن موقع سلاح الجو الإسرائيلي يقدّم المعلومات المنقوصة في الوثائق الأميركية. هكذا مثلاً على سبيل المثال، فإن العنوان المُعد لاستقبال المروحيات الجديدة كُتب فيه: "أقيم السرب 114 في 20 إبريل 1966 في قاعدة تل نوف. البنى التحتية للسرب سترمم بالاتساق مع الطائرات المتوقع استقبالها قريباً"، ما يعني أن "الموقع 20136" الظاهر في الوثائق الأميركية هو عملياً قاعدة تل نوف.
ليست هذه المرّة الأولى التي يكشف سلاح الهندسة الأميركي عن بناء مواقع ومقارّ في إسرائيل. ففي 2012، أفيد بأن الولايات المتحدة بنت منشأة سرية تحت الأرض في مشروع سُمي "الموقع 911"، المعد لخدمة سلاح الجو الأميركي. وقدرت قيمة المشروع في حينه بملايين الدولارات. الوثائق الخاصة بالمشروع والمنشورة على الشبكة تكشف أنه جرى بناؤه في قاعدة نفاطيم الجوية في النقب. وكانت هذه القاعدة قد أقيمت إلى جانب قاعدتين أخريين في إطار اتفاق السلام مع مصر، والذي أقرّ بإخلاء قواعد سلاح الجو من سيناء. وتعدّ هذه القاعدة مشتركة بين سلاح الجو الأميركي والإسرائيلي، وبناء على الوثائق، فإنه "يجب ترميم مباني سكن القوات الأميركية في القاعدة".
في 2012، أفيد أيضاً عن مشروع لإقامة منشأة سرية تحت الأرض ذكرت باسم كود "موقع 81"، بتكلفة بلغت مئة مليون دولار. وفقاً لوثيقة سلاح الهندسة الأميركي، فقد بني الموقع بسبب الخشية من تضرر الحاجب الكهرومغناطيسي، وفي صور أرفقت في تقرير الفحص، تكشف أن الموقع تحت الأرضي قائم أسفل مبنى في وسط تل أبيب.

Related News

