هل ستعالج زيادة الإطلاقات التركية مشكلة شح المياه في العراق؟
Arab
5 days ago
share

يتطلع العراق إلى تنفيذ سريع للاتفاق مع الجانب التركي بشأن زيادة الإطلاقات المائية إلى نهري دجلة والفرات، في ظل تصاعد مخاطر أزمة المياه وتراجع مستويات الخزين الاستراتيجي المائي لمعدلات خطيرة وارتفاع معدلات الملوحة جنوبي البلاد، ولا سيما في شط العرب. ونقلت وسائل إعلام محلية عراقية تصريحات منسوبة إلى وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله، تشير إلى عدم التزام الجانب التركي بنود الاتفاق، لكن سرعان ما خرج بيان مشترك لرئيس البرلمان ووزير الموارد المائية يؤكد عدم صحة المعلومات المنسوبة إلى الوزير، وأشار إلى أن الوزير تحدث عن أن نسبة الإطلاقات التركية تغطي ‎%‎50 من حاجة العراق الفعلية للمياه دون الحديث عن عدم وجود إطلاقات مائية تركية نحو العراق.

الإطلاقات التركية تصل إلى العراق

في الأثناء، أكد النائب وعضو الوفد العراقي إلى تركيا، لقمان الرشيدي، أن الإطلاقات التركية بدأت بالوصول إلى العراق، وستكون على مراحل، إلى حين الوصول إلى الزيادة المتفق عليها، والبالغة (420 م³/ثا). وقال الرشيدي في تصريح لـ"العربي الجديد": "إن الجانب التركي أبدى موافقته واستجابته المباشرة لطلب الوفد بخصوص زيادة الإطلاقات المائية، رغم تأكيد الرئيس التركي وجود أزمة مياه حالية في تركيا"، وأضاف أن "الزيادة المتفق عليها ستوجه إلى نهري دجلة والفرات بواقع 200 م³/ثا لدجلة و120 م³/ثا لنهر الفرات".

وأشار الرشيدي إلى أن الزيادة في الإطلاقات ستستمر لمدة شهرين، إلى حين تجاوز العراق أزمة الجفاف وقلة المياه والملوحة في الصيف الحالي، وأضاف أن الإطلاقات المائية بدأت بالوصول إلى الأراضي العراقية، وبدأ منسوب نهر دجلة بالارتفاع بشكل واضح، ولفت إلى أن هذه الإطلاقات من شأنها أن تعالج مشكلة الجفاف خلال موسم الصيف الحالي، فيما توقع أن يتوجه وفد عراقي آخر إلى تركيا لاحقاً إذا انتهت مدة الشهرين، ولم تنته مشكلة شح المياه في العراق.

سوء الإدارة يقود العراق نحو الكارثة

وعن تفاقم أزمة المياه في العراق، يحذر الخبير في شؤون المياه والسدود، عادل المختار، من حلول كارثة على العراق إن كان موسم الشتاء المقبل جافاً، فيما أوضح أن زيادة الإطلاقات التركية ستعالج مشكلة الجفاف الحالية، لكن جزئياً ومؤقتاً. وقال المختار لـ"العربي الجديد" إن "الخزين المائي العراقي الحالي لا يتجاوز الـ9 مليارات متر مكعب يتوزع على 3.5 مليارات متر مكعب على نهر الفرات و5.5 مليارات متر مكعب على دجلة"، مشيراً إلى خطورة الوضع المائي في نهر دجلة وسد الموصل، ولا سيما أن خزين السد المائي لا يتجاوز الـ3 مليارات متر مكعب، ملياران منها تُعَدّ خزيناً ميتاً، والباقي من الخزين فقط مليار متر مكعب فقط، مبرزاً أن استمرار الإطلاقات المائية الحالية دون زيادة مستمرة سيعرض سد الموصل للتوقف خلال الصيف الحالي.

أنس الطائي: الإطلاقات التركية من المياه ستضمن فقط تأمين مياه الشرب وعدم توقف محطات ضخها خلال الصيف الحالي

وأضاف المختار أن "سوء الإدارة لملف المياه من قبل الجانب العراقي هو ما أوصل إلى هذه الأزمة والكارثة"، مبيناً أن العراق كان يمتلك في الصيف الماضي خزيناً مائياً يزيد على 21 مليار متر مكعب، لكن المشكلة بدأت بعد سنة واحدة من هذا الخزين الجيد، وذلك بسبب استنزاف المياه بصورة خاطئة في الزراعة لتأمين زراعة 150 ألف دونم من محصول الأرز، وزراعة محصول الحنطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي منه، فضلاً عن منح المياه لمزارعي الحنطة خارج الخطة الزراعية، وهو ما تسبب بهدر المياه والوصول إلى الوضع الخطير حالياً.

وعن زيادة الإطلاقات التركية، شدد المختار على ضرورة أن يكون هناك إيضاحات من وزير الموارد بهذا الخصوص، لكشف كميات الإطلاقات وكيفية استغلالها في معالجة الأزمة، مبيناً أن ما صدر لغاية الآن لا يتعدى كونه تصريحات سياسية، بينما يجب أن تصدر تلك التصريحات عن الجهات المختصة. وحذر الخبير المائي من أن "الوضع المائي العراقي في خطر حقيقي، والأخطر من ذلك أن يكون الشتاء المقبل شتاءً جافاً وغير ممطر، وهذا ما سيؤدي إلى حلول الكارثة، إذ لا يمكن حتى تأمين مياه الشرب للعراقيين حينها".

إجراء مؤقت ولا حلول دائمة

من جهته، يرى الخبير والناشط في شؤون البيئة والزراعة، أنس الطائي، أن زيادة الإطلاقات التركية من المياه لا تمثل حلاً لمشكلة العراق المائية، وأنها ستضمن فقط تأمين مياه الشرب وعدم توقف محطات ضخها في الصيف الحالي. وقال الطائي لـ"العربي الجديد" إن "زيادة الإطلاقات التي تقدر بـ420 متراً مكعباً في الثانية ليست حلاً للمشكلة، إذ إن العراق بحاجة إلى إطلاقات تراوح بين (950 – 1000 م³/ثا) لسد الحاجة الضرورية والملحة من المياه، في حين أنه يحتاج إلى (2000 م³/ثا) للوصول إلى الاكتفاء من المياه لتأمين الحاجة للشرب والزراعة وتأمين حاجة السدود ورفع مستوى الخزين فيها ورفع مستويات نهري دجلة والفرات لضمان معالجة مشكلة الملوحة في شط العرب".

وأكد الطائي أن الحديث عن حل المشكلة المائية في العراق خلال الصيف الحالي مجرد تصريحات لامتصاص غضب الشارع، مشيراً إلى أن "العراق بحاجة إلى حلول استراتيجية لمواجهة مخاطر شح المياه". وذكر أن الحلول تتمثل بإنشاء العديد من السدود في منطقة شمالي العراق لتخزين المياه في مواسم الوفرة، إضافة إلى تفعيل الجهود الدبلوماسية والخارجية من أجل إلزام تركيا وإيران بدفع كميات كافية من المياه إلى العراق وتقاسم الضرر بين دول المنبع والمصب، وعدم ترك العراق وحده يواجه مشكلة الجفاف وقلة الأمطار، باعتباره دولة مصب، موضحاً أن باقي الدول لجأت منذ سنوات إلى معالجة مشاكل المياه عبر إنشاء العديد من السدود، فمثلاً تركيا تضم أكثر من 800 سد، بينما لا يوجد في العراق سوى 30 سدا، و"هذا الرقم يعكس حجم الكارثة وعدم التحرك الحكومي طوال السنوات السابقة لاتخاذ إجراءات احترازية للتعامل مع خطر الجفاف".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows