حريق هائل في أكبر سنترال اتصالات في مصر يربك خدمات البنوك والتلفزيون
Arab
5 days ago
share

شهدت مصر، مساء الاثنين، أزمة مفاجئة وغير مسبوقة في قطاع الاتصالات، بعد اندلاع حريق كبير داخل سنترال رمسيس الرئيسي وسط العاصمة القاهرة، ما أدى إلى تعطل واسع النطاق في خدمات الاتصالات والإنترنت الأرضي، وامتدت تأثيراته لتصيب قطاعات حيوية مثل الإعلام والبنوك والخدمات الرقمية، وسط حالة من الغضب الشعبي ومطالبات بالتحقيق في مدى كفاءة إجراءات السلامة داخل منشآت الاتصالات الحيوية.

وبحسب ما علمه "العربي الجديد" من مصادر أمنية، فإن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحريق اندلع في ثلاثة خزانات مياه داخل مبنى السنترال الكائن في شارع الجمهورية، في منطقة الأزبكية، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان الكثيف، واضطرت قوات الحماية المدنية إلى الدفع بست سيارات إطفاء في محاولة للسيطرة على النيران ومنع امتدادها إلى باقي طوابق المبنى، الذي يُعد من أكبر منشآت البنية التحتية لشبكات الاتصالات في مصر.

وتسبب الحريق في إصابة ثلاثة أشخاص باختناق جرى نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، فيما فرضت الأجهزة الأمنية طوقاً مشدداً في محيط السنترال حفاظاً على أرواح المواطنين، وواصلت قوات الدفاع المدني جهودها لساعات لاستخراج أي محتجزين في الداخل، بينما عملت الفرق الفنية التابعة للشركة المصرية للاتصالات على فصل التيار الكهربائي بالكامل عن المبنى المتضرر. ورغم السيطرة المبدئية على الحريق، إلا أن تداعياته امتدت بسرعة خاطفة لتشل جزءاً كبيراً من منظومة الاتصالات في مصر، حيث انقطعت خدمات الهاتف الأرضي والإنترنت الثابت في عدد من المحافظات، لا سيما في الوجهين البحري والقبلي.

وقال مصدر تقني لـ"العربي الجديد" إن الخسائر التقنية الناتجة عن الحريق شملت تعطل بعض "السويتشات" المركزية التي تربط الشبكة الرئيسية بالنقاط الطرفية، ما أدى إلى خلل واسع في الاتصالات الداخلية، وانقطاع الخدمة عن عدد كبير من العملاء، سواء الأفراد أو الشركات. وفي السياق نفسه، أكدت مصادر من داخل بعض القنوات الفضائية الخاصة أن الحريق أدى إلى توقف برامج تليفزيونية شهيرة، من بينها برامج "التوك شو" التي تُبث في توقيت الذروة، وأرجعت السبب إلى تعطل وسائل الاتصال التي يعتمد عليها مقدمو البرامج وفِرق الإعداد للتواصل مع الضيوف والمصادر الرسمية والميدانية.

وامتد أثر الحريق ليصيب البنية التحتية للقطاع المصرفي، حيث اشتكى عملاء عدد من البنوك المصرية من تعطل ماكينات الصراف الآلي (ATM) في مناطق متفرقة، وعدم القدرة على سحب الأموال أو إيداعها، أو حتى استخراج كشوف الحسابات. وهو ما أكدته مصادر مصرفية أوضحت لـ"العربي الجديد" أن بعض الماكينات تعتمد على الربط مع الخوادم المركزية عبر الإنترنت الأرضي، الذي تعطل كلياً أو جزئياً بسبب الحريق.

وبعد دقائق من اندلاع الحريق، ضرب عطل مفاجئ تطبيق "إنستاباي" واسع الانتشار في مصر، الذي يعتمد عليه كثير من المستخدمين في إجراء التحويلات المالية الفورية بين البنوك. وأدى العطل إلى توقف المعاملات الإلكترونية لدى شريحة واسعة من المواطنين، ما زاد من حدة الأزمة، لا سيما في ظل اعتماد قطاعات كبيرة من المتعاملين على الوسائل الرقمية بديلاً عن الفروع التقليدية. كما أكد عدد من البقالين في محافظات مختلفة لـ"العربي الجديد" أن نظام "سيستم التموين" الخاص بصرف المقررات التموينية انهار بالكامل في أعقاب الحريق، ما تسبب في توقف صرف الحصص التموينية للمواطنين لساعات.

في أول رد رسمي، أصدر الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بيانًا أكد فيه أن الحريق اندلع في إحدى غرف الأجهزة التابعة للشركة المصرية للاتصالات داخل سنترال رمسيس، ما أدى إلى تعطل مؤقت لبعض خدمات الاتصالات. وأشار الجهاز إلى أن فرق الدفاع المدني والفرق الفنية عملت منذ اللحظة الأولى على السيطرة على الحريق وتقليل تداعياته، لافتًا إلى أنه تم فصل التيار الكهربائي عن السنترال بشكل كامل في إجراء احترازي.

وأوضح الجهاز أنه يجري حالياً حصر الخدمات كافة والعملاء المتأثرين من توقف الخدمة، متعهدًا باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعويض جميع المتضررين، ومؤكدًا أن وزارة الاتصالات تتابع الموقف لحظة بلحظة، بالتنسيق مع الأجهزة المعنية. وأكدت مصادر من داخل الشركة المصرية للاتصالات أن العمل جارٍ على إعادة تشغيل الخدمة تدريجياً خلال الساعات المقبلة، مشيرة إلى أنه قد تُستكمل بعض الإصلاحات التقنية على مدار يومين أو ثلاثة حسب حجم الأضرار التي طاولت تجهيزات السنترال.

الحريق الذي وقع في منشأة حساسة بهذا الحجم يفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات متكررة حول إجراءات السلامة داخل مرافق الاتصالات في مصر، ومدى الجاهزية لمواجهة أزمات مشابهة في المستقبل، خصوصاً مع ازدياد الاعتماد على الوسائل الرقمية والأنظمة الذكية في مختلف مجالات الحياة اليومية. وفيما لم يُعرف بعد السبب الدقيق لاشتعال النيران، أو ما إذا كان الحادث ناجماً عن ماس كهربائي أو خلل فني داخلي، دعا خبراء في البنية التحتية الرقمية إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للوقوف على أوجه القصور وضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلاً.

في غضون ذلك، ما زالت الحياة الرقمية في مصر تعاني آثار الحريق، وسط وعود رسمية بسرعة الإصلاح، لكن المواطنين لا يزالون يتنقلون بين ماكينات صرف معطلة، واتصالات مقطوعة، وخدمات إلكترونية غير متاحة، في مشهد يكشف هشاشة بعض جوانب البنية التحتية الرقمية في مصر.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows