
مع استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة للشهر الواحد والعشرين، خرج جندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي في مقابلة نادرة أمام الكاميرا، ليتحدث لشبكة "سكاي نيوز" عن الوحدة التي خدم فيها، التي كانت تُؤمر غالباً بإطلاق النار على أي شخص يدخل مناطق يُعرّفها الجنود بأنها مناطق محظورة، بغض النظر عما إذا كان يُشكّل تهديداً أم لا، وهي ممارسة يقول إنها تُسفر عن مقتل مدنيين في كل مكان.
وقال جندي الاحتياط الذي خدم ثلاث جولات في حرب الإبادة على غزة في المقابلة المصورة: "نحن موجودون في منطقة والأوامر هي: كل من يدخل يجب أن يُقتل". وأضاف: "إذا كانوا في الداخل، فهم خطرون، ويجب قتلهم. بغض النظر عن هويتهم". وقال الجندي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الجنود قتلوا مدنيين تعسفياً. وأضاف أن معايير إطلاق النار على المدنيين كانت تتغير باختلاف القائد.
بحسب "سكاي نيوز" فإن هذا الجندي جندي احتياطي في الفرقة 252 التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، نُقل مرتين إلى ما يُسمى "محور نتساريم"؛ وهو طريق أقامه جيش الاحتلال ليفصل شمال قطاع غزة عن الجنوب ويقع في وسط غزة، ويمتد من البحر إلى الحدود الإسرائيلية، صُمم كي يمنح القوّات الإسرائيلية سيطرة أكبر لإدارة الحرب من داخل القطاع.
وقال الجندي إنه عندما كانت وحدته متمركزة على أطراف منطقة مدنية، كان الجنود ينامون في منزل يعود للنازحين الفلسطينيين، ويرسمون حوله حدوداً غير مرئية تُعرّف بـ"المنطقة المحظورة" على سكان غزة، بما معناه أن أهالي غزة لم يعرفوا حدود "المنطقة المحظورة". وقال: "في أحد المنازل التي كنا فيها، كانت لدينا منطقة واسعة. كانت هذه هي الأقرب إلى حي المواطنين، وكان الناس بداخلها. وهناك خط وهمي يُخبروننا أن جميع سكان غزة يعرفونه، وأنهم يعلمون أنه لا يُسمح لهم بعبوره. لكن كيف لهم أن يعرفوا؟".
وقال إن الأشخاص الذين عبروا إلى هذه المنطقة كانوا يتعرضون لإطلاق النار في أغلب الأحيان. كان الأمر أشبه بكل من يدخل المنطقة، وربما كان الأمر أشبه بمراهق يركب دراجته". ووصف الجندي الاعتقاد السائد بين الجنود بأن جميع سكان غزة إرهابيون، حتى عندما كانوا مدنيين عُزّلاً بشكل واضح. وقال إن هذا التصور لم يُشكك فيه، وكثيراً ما أيده القادة، مضيفاً "لا يتحدثون معك حقاً عن المدنيين الذين قد يأتون إلى منزلك. كما حدث معي في طريق نتساريم، حيث يقولون إن من يأتي إلى هنا يعني أنه يعلم أنه لا ينبغي أن يكون هناك، وإن جاء رغم ذلك، فهذا يعني أنه إرهابي. هذا ما يقولونه لك. لكنني لا أعتقد أنه صحيح حقاً. إنهم مجرد فقراء، مدنيون ليس لديهم خيارات كثيرة حقاً".
وقال إن معايير إطلاق النار على المدنيين تتغير باختلاف القائد: "قد يُطلق عليهم النار، وقد يُؤسرون. الأمر يعتمد حقاً على اليوم، ومزاج القائد". وتذكر حادثة رجل عبر الحدود وأُطلق عليه النار. عندما جاء رجل آخر لاحقاً إلى الجثة، تقرر أسره. بعد ساعات من ذلك، تغير الأمر مرة أخرى، فأطلقوا النار على كل من يعبر "الخط الوهمي" فور رؤيته.
وتحدث عن مناسبة أخرى، كانت وحدته متمركزة بالقرب من منطقة الشجاعية في مدينة غزة. ووصف فلسطينيين يجمعون الخردة المعدنية والألواح الشمسية من مبنى داخل ما يُسمى بالمنطقة المحظورة. وقال: "بالتأكيد، لا يوجد إرهابيون هناك. لكل قائد أن يختار بنفسه ما يفعله. الأمر أشبه بعالم الغرب الأميركي. لذا، قد يقرر بعض القادة ارتكاب جرائم حرب وأمور سيئة دون أن يواجهوا عواقب ذلك".
ونقل الجندي أن العديد من رفاقه الجنود كانوا يناقشون عمليات القتل بصراحة قائلاً: "كانوا يقولون: نعم، لكن هؤلاء الناس لم يفعلوا شيئاً لمنع 7 أكتوبر/تشرين الأول، وربما استمتعوا بوقتهم عندما حدث هذا لنا. لذا فهم يستحقون الموت".
قال الجندي إنه لم يُرد الكشف عن هويته خوفاً من أن يُوصف بالخيانة، أو أن يُنبذ من قِبل مجتمعه، ومع ذلك، شعر بأنه مُجبر على التعبير عن رأيه لأنه شعر بمشاركته في أمر سيئ واحتاج لمواجهته بشيء جيد من خلال التحدث علناً لأنه "منزعجٌ جداً مما شاركتُ فيه وما زلتُ أشارك فيه، كجندي ومواطن في هذا البلد". وقال: "أعتقد أن الحرب... أمرٌ سيئٌ للغاية يحدث لنا وللفلسطينيين، وأعتقد أنه يجب أن ينتهي".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشنّ إسرائيل حرب إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة التي تدعمها واشنطن أكثر من 190 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات الآلاف من النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

Related News


