أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني في فيسبادن، اليوم الاثنين، أن الإنتاج الصناعي في البلاد سجل ارتفاعاً غير متوقع في شهر مايو/أيار 2025، ما يشير إلى تعافٍ تدريجي في أكبر اقتصاد في أوروبا، رغم استمرار حالة عدم اليقين العالمية. ووفقاً للبيانات الرسمية، ارتفع إنتاج شركات التصنيع في ألمانيا بنسبة 1.2% على أساس شهري، مقارنة بشهر إبريل/نيسان، متجاوزاً توقعات المحللين الذين رجّحوا حدوث تراجع طفيف في الإنتاج.

وعلى أساس سنوي، نما الإنتاج الصناعي بنسبة 1%، ما يمثل تحوّلاً إيجابياً مقارنة بالاتجاهات السلبية التي شهدها القطاع في الأشهر السابقة، نقلاً عن "أسوشييتد برس". وبحسب البيان الصادر عن مكتب الإحصاء ونقلته وكالة "أسوشييتد برس"، فقد شهدت بعض القطاعات الصناعية الرئيسية زيادات ملحوظة، حيث ارتفع الإنتاج في قطاع الطاقة بنسبة 10.8%، وصناعة الأدوية بنسبة 10%، فيما ارتفعت صناعة السيارات بنسبة 4.9% على أساس شهري. في المقابل، تراجع الإنتاج في قطاع البناء، الذي لا يزال يعاني من ضعف في الطلب وارتفاع تكاليف التمويل.

وبحسب "أسوشييتد برس"، تأتي هذه البيانات بعد انخفاض الإنتاج الصناعي في إبريل/نيسان الماضي بنسبة 1.6% مقارنة بمارس/آذار، نتيجة عوامل مؤقتة، أبرزها القلق من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة على خلفية إعلان واشنطن عن رسوم جمركية جديدة محتملة على واردات أوروبية، وهو ما أثّر سلباً على ثقة الشركات الصناعية في ألمانيا.

من جانبها، أكدت وزارة الاقتصاد الألمانية أن "الإنتاج الصناعي يواصل اتجاهه التصاعدي الملحوظ منذ بداية العام، بعدما تعرّض لتراجع مؤقت في إبريل نتيجة اضطرابات خارجية"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن "التطورات اللاحقة لا تزال تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين، سواء على مستوى الطلب العالمي أو تداعيات السياسات التجارية الدولية".

انتعاش هش وسط تحديات متشابكة

رغم الإشارات الإيجابية الأخيرة، لا يزال الاقتصاد الألماني يواجه تحديات هيكلية ومؤقتة، منها تباطؤ الطلب في الصين، وارتفاع أسعار الفائدة في منطقة اليورو، إلى جانب أزمة نقص العمالة الماهرة وارتفاع تكاليف الطاقة. وقد سجلت ألمانيا ركوداً تقنياً خلال عام 2023، قبل أن تظهر مؤشرات طفيفة على التعافي في بداية 2025.

ويرى خبراء اقتصاديون أن التحسن الأخير في أرقام الإنتاج الصناعي قد يعود جزئياً إلى تراجع أسعار بعض المواد الخام، فضلاً عن الطلب المتزايد على التكنولوجيا الخضراء والسيارات الكهربائية، التي تستفيد منها الصناعات الألمانية بشكل خاص. ومع ذلك، يحذّر المحللون من أن وتيرة التعافي قد تبقى بطيئة وغير متجانسة، خاصة في ظل المخاوف من تصاعد التوترات الجيوسياسية، واحتمال فرض قيود تجارية جديدة بين أوروبا وشركائها التجاريين.