يجري مسؤولون من الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية محادثات مكثفة مع نظرائهم الأميركيين للتوصل إلى اتفاق تجاري قبل أيام، من انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية كبيرة على حلفاء واشنطن التجاريين. وأكد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا الأحد، أنه "لن يتنازل بسهولة" في المحادثات مع واشنطن في وقت تسعى طوكيو لتجنّب رسوم جمركية أميركية تصل نسبتها إلى 35% على السلع اليابانية. وقال إيشيبا في برنامج حواري وفقا لوكالة فرانس برس، إننا "لن نتنازل بسهولة. لهذا السبب يستغرق الأمر وقتا وهو صعب لهذا السبب أيضا".

وشدد إيشيبا على أن اليابان، أكبر دولة مستثمرة في الاقتصاد الأميركي، ويجب أن تحظى بمعاملة مختلفة عن باقي البلدان. وقال: "ما هو الأمر غير المنصف؟ وهو غير منصف من أي ناحية؟ علينا دراسة" مزاعم الولايات المتحدة "كلٌّ على حدة". وأضاف: "نحن حلفاء، لكن علينا أن نقول ما ينبغي علينا قوله. نحن أكبر دولة مستثمرة في العالم وأكبر جهة توفر وظائف (في الولايات المتحدة). نحن مختلفون". وفي برنامج آخر الأحد، قال إيشيبا إن اليابان "تستعد للتعامل مع كل الأوضاع"، وذلك ردا على سؤال بشأن الكيفية التي ينوي من خلالها التعامل مع رسالة ترامب. 

ويواجه إيشيبا اختبارا صعبا في انتخابات مجلس الشيوخ المقررة في وقت لاحق من هذا الشهر، في وقت تواجه حكومة الأقلية التي يترأسها صعوبات بعد هزيمتها الكبيرة في الانتخابات المبكرة التي جرت العام الماضي. وهذه الانتخابات ستكون اختبارا صعبا لقدرة إيشيبا على التعامل مع الأزمات الاقتصادية الداخلية والتحديات العالمية، مثل حرب الرسوم الجمركية التي يخوضها ترامب. 

وقال إيشيبا، الأربعاء الماضي: "سأدافع عن المصلحة الوطنية لليابان مهما كان الثمن"، مؤكدا مجددا تصميمه على عدم تقديم أي تنازلات بشأن سلامة اليابان أو غيرها من المجالات ضمن مفاوضات الرسوم الجمركية، رغم التهديد الجديد من جانب ترامب. وأضاف: "لليابان مصلحتها الوطنية الخاصة، وسأبذل قصارى جهدي لحمايتها".

وأجرى مبعوث طوكيو التجاري ريوسي أكازاوا اتصالات هاتفية مع وزير التجارة الأميركي هاورد لوتنك يومي الخميس والسبت. ووصفت الحكومة اليابانية المحادثات بانها كانت متعمقة. وذكرت الحكومة في بيان أنها تعتزم مواصلة التنسيق الفعال مع الجانب الأميركي بشأن هذه المسألة، إذ تعمل على تجنب فرض رسوم جمركية أعلى. 

وينتهي تعليق تطبيق الرسوم الجمركية المضادة البالغة 24% على الواردات من اليابان في التاسع من يوليو/ تموز، كما أن ترامب أشار إلى إمكانية رفع هذه النسبة. وبينما فرض ترامب رسوما جمركية واسعة النطاق نسبتها 10% على الواردات من معظم شركاء بلاده التجاريين في إبريل/نيسان، كشف عن رسوم بمعدلات أعلى تستهدف عشرات الاقتصادات بما فيها اليابان، لكنه علّق تطبيقها مفسحا المجال للمفاوضات.

وأفاد ترامب، الثلاثاء الماضي، بأنه سيوجه رسالة إلى اليابان يطلب منها "دفع 30% أو 35% أو أيا كان الرقم الذي نحدده"، واصفا العلاقة التجارية الثنائية بأنها "غير منصفة". وضغط خصوصا على اليابان لاستيراد المزيد من المركبات والأرز من الولايات المتحدة. كما أكد ترامب الجمعة الماضية، أنه وقع على خطابات إلى 12 دولة، في ما يتعلق بمعدلات الرسوم الجمركية المتبادلة، والتي سيتم إرسالها غدا الاثنين ومن المقرر أن تدخل معظمها حيز التنفيذ في الأول من أغسطس/آب المقبل.

كوريا الجنوبية تجري محادثات مكثفة بشأن رسوم ترامب

في السياق ذاته، أجرى مسؤولان كبيران من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية قبل الموعد النهائي وهو التاسع من يوليو/تموز، والذي يمثل نهاية فترة توقف مدتها 90 يوما لفرض الرسوم الجمركية الأميركية.
وقالت وزارة التجارة والصناعة والطاقة الكورية الجنوبية، اليوم الأحد، إن وزير التجارة الكوري الجنوبي يو هان كو التقى الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير أمس السبت في واشنطن، حسب شبكة (كيه.بي.إس.وورلد) الإذاعية الكورية الجنوبية اليوم الأحد.

وخلال المحادثات، أوضح يو هان كو موقف كوريا الجنوبية بشأن الرسوم الجمركية وقدم رؤية لإطار تعاون مفيد للجانبين في مجال التصنيع. وأكد وفقا لوكالة أسوشييتد برس، أن الاتفاق النهائي يجب أن يشمل إزالة أو تقليص الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات والصلب. وأضافت الوزارة أن الجانبين ناقشا أيضا احتمال تمديد الموعد النهائي وهو التاسع من يوليو/تموز للسماح بالمزيد من المفاوضات المتعمقة.

من جانبه، ذكر مكتب المستشار الأمني للرئاسة في كوريا الجنوبية وي سونج لاك أمس السبت، أن وي يعتزم زيارة واشنطن خلال الفترة من السادس إلى الثامن من يوليو/ تموز. وقال المكتب في بيان إن مستشار الأمن القومي للرئيس لي جاي ميونغ، يعتزم "إجراء مناقشات متعمقة حول جميع القضايا العالقة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة". ومن المتوقع أيضا أن يناقش وي عقد قمة محتملة بين ترامب ونظيره الكوري الجنوبي لي، الذي تولى منصبه الشهر الماضي. 

اجتماعات الفرصة الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي

كما يعقد ممثلون للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في نهاية الأسبوع محادثات الفرصة الأخيرة، مع سعي بروكسل إلى اتفاق قبل التاسع من تموز/يوليو، موعد انقضاء مهلة حدّدها الرئيس الأميركي لإعادة تفعيل التعرفات الباهظة التي فرضها، وفق ما أفاد دبلوماسيون الجمعة. إذا لم يتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بحلول الأربعاء المقبل، حيث ستعيد واشنطن تفعيل الرسوم الجمركية الباهظة مع ما تحمله من تداعيات سلبية على اقتصاد التكتل.

وفي محاولة لتجنّب حرب تجارية مدمّرة، أجرى مفوّض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش في واشنطن محادثات مع مسؤولين أميركيين الأسبوع الماضي، وُصفت بأنها مثمرة، لكن أيا من الطرفين لم يترجم بتقديرات مدى قرب التوصل لاتفاق. وقال مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي للدول الأعضاء أول من أمس الجمعة، إن أي اتفاق لم يتم التوصل إليه بعد لكن المحادثات ستستمر "وذلك محتمل خلال عطلة نهاية الأسبوع". 

وأكد الدبلوماسي أن "اتفاقا أوليا قبل انقضاء المهلة النهائية غير مستبعد"، مضيفا: "ما زالت الأمور تشهد تغيرات كثيرة". وقال دبلوماسي أوروبي آخر إنه لم يتضح بعد كيف سيصنّف الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في الرسائل التي قال إنه يعتزم توجيهها إلى الشركاء التجاريين لبلاده غدا الاثنين.

وأضاف الدبلوماسي أن ترامب قد يبقي تعليق التعرفات ساريا على الشركاء الذين تم التوصل معهم لاتفاق مبدئي، أو قد يعيد تفعيل التعرفات الباهظة إذا لم يتم التوصل لاتفاق، أو يفرض تعرفات جديدة في حال كانت المفاوضات تجري على نحو سيئ. وقال دبلوماسي أوروبي ثالث في تصريح لـ"فرانس برس" إن "الأمر صعب. كل شيء معقّد. كل السيناريوهات ممكنة".

وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، يفترض أن تتضاعف الرسوم على واردات الاتحاد الأوروبي إلى 20% أو أكثر، إذ سبق أن هدّد ترامب بفرض رسوم بنسبة 50%. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخميس الماضي، إن التكتل يتطلّع إلى "اتفاق مبدئي"، ما يعني أن الأمر سيتطلّب إجراء مزيد من المحادثات التفصيلية. وأوضحت أن حجم التجارة بين الحليفين عبر الأطلسي يجعل من إبرام اتفاق تفصيلي أمرا "مستحيلا" ضمن مهلة التسعين يوما التي تنتهي الأربعاء المقبل.

(فرانس برس، أسوشييتد برس، العربي الجديد)