شيرين في موازين: انتكاسة الاحتفال بالعودة
Arab
1 week ago
share

كانت المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب على موعد جديد مع السجالات حولها، وهذه المرة من المغرب، حيث انتظر الجمهور عودتها إلى الحفلات بعد غياب طويل، في ختام الدورة العشرين من مهرجان موازين في الرباط. 

بدا كل شيء مثالياً قبل الحفل، الذي كان أكثر من مجرد عرض غنائي، بل احتفاءً بعودتها الرسمية إلى الغناء والإنتاج، وإعلاناً بانتصارها على شركة روتانا بعد خلافات طويلة ومعقّدة، وصلت إلى حدّ منعها من المشاركة في مهرجان موازين سابقاً، إضافة إلى حذف أغانيها الأخيرة، ومنعها من التعاقد مع شركات إنتاج جديدة.

قبل صعودها إلى المسرح، كانت شيرين استعادت زمام الأمور: تعاقدت مع شركة سوني، وطرحت أخيراً نسخة رسمية من ألبومها "بتمنى أنساك"، كما استعادت حساباتها الرسمية على "يوتيوب" ومنصات التواصل، وانتهت من أزماتها مع زوجها السابق حسام حبيب. ومع احتشاد ما لا يقل عن 250 ألف متفرج في ساحة النهضة يردّدون أحدث أغانيها، بدا المشهد استثنائياً، إلى أن صعدت شيرين إلى المسرح، وقدّمت أولى أغانيها مسجّلة عبر تقنية بلاي باك (Play Back).

لم تستغرق هذه الفقرة سوى سبع دقائق، لكنها كانت كفيلة بتوجيه سهام الغضب نحو شيرين، واتهامها بالاستهتار بالجمهور، على الرغم من أنها أدّت بعدها أغانيها مباشرة بصوتها لساعتين تقريباً. لكنها بدت على المسرح تائهة، متعبة، تؤدي بصوت خافت ومرهق، ولم تكن شيرين التي يعرفها جمهورها. سرعان ما غطّى الجدل حول الحفل على أجواء المهرجان، وتحوّل أداؤها إلى قضية رأي عام في مصر والمغرب، أُعيد معها فتح ملفاتها القديمة.

المؤكد أن شيرين قدّمت حفلاً جماهيرياً ناجحاً من حيث الحضور، لكنه لم يكن فنياً على قدر التوقّعات. ورغم أن النقد الفني مسألة طبيعية، إلا أن شيرين لم تُواجه فقط بالتقييم المهني، بل طاولها الهجوم على صحتها النفسية، واتُهمت بعدم احترام الجمهور، وبالسعي وراء الربح المادي، وبلغ الأمر حد السخرية من وزنها ومظهرها، والمطالبة بانسحابها من الساحة، وكأنها غير مؤهّلة للغناء أو حتى الظهور.

الغريب أن من بين الانتقادات ما وُجّه لصمتها على المسرح، وعدم تفاعلها مع الجمهور، رغم أن شيرين نفسها لطالما واجهت انتقادات بسبب مزاحها على المسرح، والذي أدخلها في مشكلات قانونية سابقاً. لذا، فإن هذه الهجمة الشرسة عليها أفرزت في المقابل موجة تعاطف واسعة، وصلت إلى حد التلميح بوجود حملات منظمة تهدف إلى تحطيمها نهائياً.

وتعقّدت القصة أكثر حين اختارت المطربة أنغام، في ذروة هذا الجدل، أن تخرج باكية على الهواء، متّهمة شيرين وفريقها بظلمها، وادّعت أن هناك من يدير ضدّها حملات بسبب المنافسة. وفي وقت قد لا تكون فيه أنغام على لائحة أولويات شيرين حالياً، أُضيفت هذه المواجهة إلى فصول متوالية من الأزمات التي تعيشها، فحوّلت الاحتفال بعودتها إلى قلق جديد، وربما انتكاسة نفسية لم تكن في الحسبان.

في الوقت نفسه، تدفع شيرين أيضاً ثمن الانتقادات المتكررة التي تطال مهرجان موازين نفسه، والتي تعود مع كل دورة، بشأن إنفاق أموال طائلة على نجوم أجانب، في مقابل تهميش الفنانين المغاربة، وسوء التنظيم. لذلك، استُغل أداؤها الباهت للتذكير بأجورها المرتفعة، مع التشكيك في مدى رضا الجمهور، رغم صعوبة قياس ذلك مع جمهور يتجاوز 200 ألف شخص.

الأثمان الأخرى التي تدفعها شيرين عبد الوهاب تتراكم منذ سنوات، بفعل رفض رسمي وإعلامي لشخصيتها المستقلة، ومحاولات دائمة لرسم صورة الفنانة "غير المتزنة"، تبريراً لوصايتها ومعاقبتها. ذلك، إلى جانب متاعبها النفسية والصحية، ومزاجيتها وانقطاعاتها الطويلة عن الساحة، حرمها من أن تُعامَل كمطربة عادية قدّمت حفلاً سيئاً، لا أكثر. من هنا، ليس مستغرباً أن تهتزّ ثقتها بنفسها وبصوتها، بعد كل هذا التراكم.

في النهاية، فإن ما تشهده شيرين عبد الوهاب اليوم هو أحد تجليات انتقال ثقافة "التعصّب الكروي" إلى الساحة الفنية، حيث يتحوّل الجمهور إلى روابط مشجّعين ضد الفنانين المنافسين. هذه الثقافة نفسها هي التي دفعت أنغام للشكوى من الربط المتكرّر بينها وبين شيرين، والضرر الذي لحق بها من المقارنات. وهي نفسها التي تفسّر التربص، والشماتة، والاحتفاء بفشل الآخرين. لكن يبقى السؤال: ما الذي يضر الجمهور العادي في عودة شيرين عبد الوهاب إلى بريقها، في وجود أنغام وعشرات المطربات الأخريات؟ وما الفائدة من تحطيم واحدة، أو من رفض وجودها بالكامل؟

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows