فوزي بعلبكي... "هروب" بين طبقات التجريد
Arab
1 week ago
share

في إبريل/ نيسان الماضي، عاد اسمُ الفنان اللبناني فوزي بعلبكي (1940) إلى مشهد التشكيل في بلده، من خلال تقديمه ستّ لوحات ضمن معرض "لِمَ كلّ هذه الظُّلمة؟" أقامه ابنه الفنان أيمن بعلبكي، مساهمةٌ أخذت طابع الحوارية بين جيلَين ورؤيتين فنيّتَين؛ رؤية الأب (الفَرِحة) ومزاج الابن المختلف. لكن تلك اللوحات الستّ ليست إلّا جزءاً من مجموعة أكبر منفّذة بالأكريليك على القماش، يقدّمها الفنّان في معرضه الجديد "الهروب إلى الفرح" الذي افتُتح أول من أمس الخميس في "ملتقى دلول للفنّانين" بـ بيروت، ويتواصل حتى 29 أغسطس/ آب المُقبل.

صوب عالم بسيط

يمكن أن نقرأ "هروب" فوزي بعلبكي في اتجاهات عدّة، من الشيخوخة إلى الطفولة، ومن الحرب التي عايش فصولها بين عامَي 1975 و1990 وتركت بصمتها في أعماله إلى الطمأنينة؛ ومن بيروت إلى العديسة، البلدة الجنوبية التي وُلد وترعرع فيها مع شقيقه الفنان الراحل عبد الحميد بعلبكي، والتي دمّرها الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الأخير على لبنان. وأخيراً، هو هروب من التجريد بإطاره الجافّ إلى طبعة أكثر خفّة منه.

واكب فوزي بعلبكي أو "أدهم العاملي" (اسم مستعار وقّع به بعض أعمال البدايات التي تأثر بها بأسلوب العراقي جواد سليم) الحركة التشكيلية في لبنان منذ ستينيات القرن الماضي، أفكارُ اليسار ونشاطه السياسي تمثّلا في سيرته وأعماله مراراً، وإن كنّا لا نلحظها اليوم في أسلوبه المتأخّر، كعادة كلّ التجارب الفنّية المكتملة التي تُجانِب الوقوع في فخ التكرار والمباشرة. على العكس من ذلك، تنحو لوحات "الهروب إلى الفرح" صوب عالم بسيط، وطفولي أحياناً، قوامُه الألفة بين الأجساد التي تتشابك في ما بينها، وكذلك مع الطبيعة من حولها.

استعادة من طفولة قاسية

من بين الأعمال التي يُمكن استكشافها في معرض "الهروب إلى الفرح"، سلسلة بعنوان "الراقصون" تتكوّن من ثلاث لوحات بحجم (60 ×40 سم). وفيها تلعب الخطوط والأشكال الهندسية التي تُذكّر بتأثر فوزي بعلبكي منذ الثمانينيات (المرحلة الباريسية) ببيكاسو، دوراً قوياً للتعبير عن علاقة الحُبّ، تبدأ بحيّز واضح يشغله جسَدَا الرجل والمرأة، وتمرّ باقترانٍ في الزوايا ونهايات الخطوط، وتستقرّ في شكل واحد.

كذلك تُفصح لوحات "مهرجان الفرح"، إن جازت التسمية، عن حيوية تستلهم اليومي يُمكن أن نرى درّاجات هوائية منثورة على القماش بأحجام كبيرة، أو لاعبي بينغ بونغ بخفّتهم المعهودة، قططاً وكلاباً، طيوراً ووروداً مشرقة برؤوسها، تندمج أحياناً بالأجساد ومرّات تفرد بذاتها. لكنّ اللافت في كل ما سبق أنها خاضعة لعملية لَيٍّ (بالعامّية "تطعيج")، نحسب الفنان معها لا يُشكّل بالألوان والخطوط بل بقضبان من معدن صارت شخوصاً، أو هي استعادة من طفولة وحياة قاسية عاشها.

خلال تجربته الفنية الطويلة، لم يُقم فوزي بعلبكي الكثير من المعارض، إذ اقتصرت مساهماته الفردية على عدد محدود منها خلال التسعينيات، إلى جانب بعض المعارض الجماعية في باريس خلال فترة إقامته هناك. كما شارك، في العام الماضي، بالمعرض الجماعي "الطباعة وتقنيات الحفر" في مؤسسة رمزي وسائدة دلّول للفنون ببيروت، وأضاء على أعماله الغرافيكية تحديداً.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows