
صنع فريق طبي تركي في مدينة إزمير معجزةً حقيقيةً، لتمكّنه من إجراء جراحة قلب نادرة، هي الأولى من نوعها في تاريخ الطب، أُنقذت خلالها حياة مريضة تبلغ من العمر 55 عاماً، وذلك بتغيير ثلاثة صمّامات في قلبها وعلاج شريان رئيسي، في عملية مركّبة. واستمرت العملية الجراحية عشر ساعات، استُبدلت خلالها ثلاثة صمامات قلبية، وأُجري تدخّل جراحي للشريان الرئيسي، وهو بمثابة تدخل جراحي محفوف بالمخاطر.
وأجريت العملية بإشراف رئيس قسم جراحة القلب والأوعية الدموية في مستشفى "إيجه" الجامعي بإزمير، البروفيسور حيدر ياشا، الذي أكد نجاح تلك الجراحة النادرة، قائلاً للأناضول إنه "بعد فترة من المتابعة الدقيقة في وحدة العناية المركزة، سُمح للمريضة بالخروج من المستشفى والانتقال إلى منزلها، عقب استقرار حالتها الصحية".
والمريضة هي غولر توران، أم لطفلين تُقيم في منطقة بوجا بمدينة إزمير، وقد شُخّصت العام الماضي بعد إجراء فحوص طبية بمستشفى إيجه الجامعي بأنها مصابة بقصور في القلب، ظهر في أعراض التعب العام والصعوبة في المشي والتنفّس. ورغم تلقيها العلاج اللازم لحالتها، فإن وضعها الصحي استمر في التدهور مع مرور الوقت، حتّى عادت إلى الحياة مجدداً، بعد نجاح جراحة تغيير الصمامات القلبية.
الأولى من نوعها في تاريخ الطب
يستعرض البروفيسور حيدر ياشا، لـ"الأناضول"، تفاصيل هذه التدخل الجراحي النادر، قائلاً: "المريضة كانت تعاني من خطر يهدد حياتها عند قدومها إلى المستشفى. اتخذنا قراراً صعباً بإجراء عملية محفوفة بالمخاطر لإنقاذ حياتها". وأشار ياشا إلى أن العملية كانت الأولى من نوعها في مسيرته المهنية وفي تاريخ الطب بشكل عام.
وأضاف: "رغم خبرتي في إجراء العديد من عمليات القلب المختلفة، فإن هذه الحالة تُعدّ من أوائل الحالات التي أتعامل معها بهذا الشكل. العملية التي أجريناها تُعد الأولى من نوعها في تاريخ الطب". وأشار إلى أنه "عادة ما تعتبر الجراحة على صمام قلب واحد محفوفة بالمخاطر، فما بالك بثلاثة صمامات مع عملية جراحية في الشريان التاجي الرئيسي".
وأضاف: "استبدلنا ثلاثة صمامات، وأجرينا عملية جراحية للشريان التاجي، وسمحنا للمريضة بالخروج من المستشفى بعد أسبوع من العملية. واستدعيناها للمتابعة بعد 14 يوماً، وحالتها العامة جيدة جداً. مثل هذه الحالات تمنحنا الأمل في قدرتنا على تنفيذ أصعب عمليات القلب بأمان".
وأشار إلى أن الجانب المميز في هذه العملية "أنها المرّة الأولى التي يتم فيها الجمع بين استبدال ثلاثة صمامات قلبية وإجراء عملية جراحية للشريان التاجي الرئيسي في وقت واحد". ولفت إلى أن الفريق الطبي سينشر نتائج هذه العملية في الأوساط العلمية كدراسة بحثية هي "الأولى من نوعها في تاريخ الطب".
من جهته، أعرب مدير مستشفى "إيجه" البروفيسور ساواش ياقان عن فخره بنجاح زملائه في تنفيذ عملية غير مسبوقة في تاريخ الطب والعمليات الجراحية. وأكد ياقان لـ"الأناضول" مواصلةَ العمل على تعزيز البنية التحتية الصحية في المستشفى، مضيفاً: "نواصل العمل الدؤوب، ليلاً ونهاراً، من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المرضى وإنقاذ حياتهم".
استعدادات مكثفة
لم تكن تلك الجراحة النادرة مخططاً لها إلا قبل نحو شهر، عندما تعرضت توران لأزمة صحية مفاجئة في منزلها، لتُنقل بشكل عاجل إلى مستشفى إزمير الجامعي في جامعة العلوم الصحية. وبعد فحصها من قبل الجراح حيدر ياشا، تقرّرت ضرورة استبدال ثلاثة من صمامات القلب وإجراء عملية للشريان التاجي الرئيسي الأيمن المغلق.
وفي لقاء مع أفراد أسرتها، آنذاك، أُطلعت المريضة وذووها على تفاصيل المخاطر المحتملة للعملية المعقدة. في حين بدأ 15 من العاملين في أقسام جراحة القلب والأوعية الدموية، والتخدير، وأمراض القلب، استعدادات استمرت أسبوعاً كاملاً لإجراء هذا التدخل الجراحي الأول من نوعه.
ولدت من جديد
وفي حديثها لوكالة الأناضول، قالت توران إنها عانت خلال العام الماضي كثيراً بسبب إصابتها بقصور القلب، إلا أنها بدأت الوقوف والمشي مجدداً بعد العملية. وأشارت إلى أنها ودّعت أفراد أسرتها قبل دخول غرفة العمليات، مضيفة: "الآن أشعر بأنني بحالة جيدة جداً، أطباء هذا المستشفى مميزون حقاً. شعرت وكأنني وُلدت من جديد بعد العملية ومنحني الله فرصة جديدة للحياة". من جانبه، أعرب الزوج مراد توران عن سعادته بتحسّن صحة زوجته، مؤكداً أنهم يطمحون للعودة إلى حياتهم الطبيعية.
(الأناضول)

Related News


