
من الجرائم الحربية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي خلال عدوانه الذي استمر 12 يوماً على إيران، قصف سجن إيفين الأشهر في البلاد والذي أدى إلى سقوط 79 ضحية. الهجوم على هذا السجن وقتل عدد من نزلائه يؤكد أن الكيان الإسرائيلي لا يفرّق بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية، أو السجناء المعارضين له، أو الأشخاص العاديين الآخرين. هذا السلوك جاء ليبطل مفاعيل "الصداقة" المزورة التي كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يبديها تجاه الشعب الإيراني عبر رسائله المصورة المتكررة خلال العام الأخير وبالذات خلال الحرب.
ومع ذلك، كان من الممكن أن تستغل السلطات الإيرانية هذا الحدث المأساوي لتعميق أجواء التضامن والتعاضد بين الإيرانيين ومنح دافع قوي إضافي للمشاعر المناهضة لإسرائيل، وذلك أقله عبر إطلاق سراح سجناء يوصفون وفق الأدبيات الرسمية بـ"الأمنيين"، بينما يعتبرهم مراقبون "سياسيين"، وكان بعضهم قد أدانوا العدوان الإسرائيلي. لكن لم يحدث ذلك وضاعت هذه الفرصة. في تحليل سبب استهداف السجن، قيل إن إسرائيل أرادت أن يتسبّب هذا الهجوم في هروب السجناء. غير أن هذا التفسير، إن لم يكن تبريراً للجريمة، فهو في غاية السذاجة. فلم يكن ممكناً أن يهرب السجناء إلا في حال حدوث فوضى شاملة في طهران والبلاد، لكن عندما لم تقع أي حالة من الاضطراب أو انعدام الأمن عقب العدوان، فكيف يمكن للسجناء الهروب؟ إلى أين يمكن أن يذهبوا في ظل استنفار جميع القوى الأمنية والعسكرية؟
أما عن سبب الهجوم، فلا يُستبعد أن يكون هناك جاسوس أو جواسيس "مهمون" اعتُقلوا وزجوا في هذا السجن، فخشيت إسرائيل من انكشاف بعض شبكاتها الاستخباراتية والعملانية، فاستهدفت مدخل السجن بغرض قتل هؤلاء. الاحتمال الآخر هو أن الهدف كان نشر حالة من الذعر وانعدام الأمن بشكل عام. بغض النظر عن الطرف المنتصر في الحرب الأخيرة، فإسرائيل كانت الخاسرة، إذ إن العدوان وحّد الإيرانيين بشكل غير مسبوق، فضلاً عن تغيّر نظرة بعض معارضي النظام الإيراني إزاء إسرائيل. كان نتنياهو ينظر إلى حالة الاستياء والمعارضة رصيداً اجتماعياً محتملاً ليوم الحاجة، لكن في الواقع وسّع دائرة العداء ضد إسرائيل في إيران أكثر من قبل، فعندما يتعرض أي بلد لعدوان خارجي يهم الوطنيون بالدفاع عنه بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.

Related News

