
قررت دول رئيسية في أوبك+ تقديم اجتماعها عبر الإنترنت إلى يوم السبت بدلاً من الأحد، وذلك لبحث احتمال إقرار زيادة رابعة وكبيرة في إنتاج النفط، وفقًا لما نقل بلومبيرغ عن مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها. وبحسب هذه المصادر، تناقش السعودية وشركاؤها في التحالف رفع الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًّا خلال أغسطس/آب، وهو السيناريو المرجّح حاليًا، في إطار مساعيهم لاستعادة حصص سوقية فقدوها في الفترة الماضية. ويُرجع المسؤولون سبب تغيير موعد الاجتماع إلى اعتبارات تنظيمية داخلية، مؤكدين أن القرار لم يُعلن رسميًّا بعد.
وقد شهدت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاؤها في أوبك+ تغيرًا ملحوظًا في استراتيجيتها خلال الأشهر الأخيرة، حيث سارعت إلى إعادة ضخ كميات كبيرة من الإنتاج المعطّل، رغم ضعف الطلب ووجود فائض متوقع في السوق. وهذا التحول ساهم في خفض أسعار النفط الخام عالميًّا، مما منح بعض الارتياح للمستهلكين، ولاقى ترحيبًا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كان يضغط باتجاه أسعار وقود أرخص.
وكانت ثماني دول من كبار منتجي "أوبك+" قد اتفقت بالفعل على استئناف ضخ 411 ألف برميل يوميًّا خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو، أي ثلاثة أضعاف الوتيرة التي كان مخططًا لها مبدئيًّا. ويبدو أن الرياض تتجه بقوة نحو التخلي عن سياسة تقييد الإمدادات التي انتهجتها لسنوات بهدف دعم الأسعار، وتسعى حاليًّا إلى إعادة تشغيل أكبر قدر ممكن من إنتاجها غير المستغل، في محاولة لاستعادة موقعها التنافسي أمام شركات النفط الصخري الأميركية وغيرها من المنتجين.
الأسواق تترقب أوبك+ وسط مخاوف من فائض عالمي
وسبّبت هذه التحركات إرباك توقعات المتعاملين بشأن الدور الذي ستلعبه "أوبك+" في مستقبل سوق النفط العالمية، خصوصًا مع تصاعد المخاوف من حدوث تخمة في المعروض. وقد تراجع سعر خام برنت في لندن إلى حوالي 68 دولارًا للبرميل يوم الجمعة، بعدما سجل انخفاضًا بنسبة 12% خلال الأسبوع الماضي، نتيجة تراجع المخاوف الجيوسياسية عقب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وإيران، ما هدأ القلق بشأن صادرات الطاقة من الشرق الأوسط.
وفي السياق، تشير بيانات الوكالة الدولية للطاقة إلى أن الأسواق تتجه نحو فائض كبير في المعروض خلال النصف الثاني من العام. كما تتوقع مؤسسات مالية مثل جي بي مورغان تراجعًا إضافيًّا في الأسعار، مع استمرار ارتفاع المخزونات العالمية بمعدل يقارب مليون برميل يوميًّا في الأشهر الأخيرة، وسط تباطؤ الطلب في الصين وارتفاع الإمدادات في القارتين الأميركيتين.
إلى ذلك، نقلت رويترز عن مصادر من تحالف أوبك+ أنه من المرجح أن تقرر ثماني دول بالتحالف تسريع وتيرة الزيادة الجديدة في إنتاج النفط لشهر أغسطس، آب في اجتماع غدًا السبت في ظل سعيها لاستعادة حصتها في السوق. وذكرت عدة مصادر لرويترز شريطة عدم ذكرها بالاسم أن من المتوقع أن توافق الدول الثماني، وهي السعودية وروسيا والإمارات والكويت وسلطنة عمان والعراق وكازاخستان والجزائر، على زيادة 411 ألف برميل يوميًّا من أغسطس.
زيادة إنتاج النفط 1.5%؟
وفي حالة الاتفاق، سيزيد تحالف أوبك+ أهدافه للإمدادات بنحو 1.78 مليون برميل يوميًّا، أي ما يعادل 1.5% من استهلاك النفط العالمي. لكن الزيادات الفعلية جاءت أقل من ذلك، إذ خفضت بعض الدول الأعضاء إنتاجها لتعويض فائض الإنتاج السابق. وقالت المصادر إن مجموعة الدول الثماني قررت يوم الجمعة تقديم موعد الاجتماع يومًا. وقال أحد المصادر إنه لم يتضح بعد ما إذا كان الاتفاق النهائي سيقر زيادة 411 ألف برميل يوميًّا.
وأجرى التحالف تغييرًا جذريًّا في سياسته هذا العام، بعد عدة سنوات من تخفيضات الإنتاج التي تجاوز مجموعها خمسة ملايين برميل يوميًّا. وجاء ذلك عندما بدأ الأعضاء الثمانية في تقليص آخر شريحة تخفيضات إنتاجهم البالغة 2.2 مليون برميل يوميًّا بدءًا من إبريل/نيسان، وسارعوا في وتيرة الزيادات في مايو/أيار ويونيو/حزيران ويوليو/تموز، لكن زيادة المعروض أثرت على أسعار النفط الخام. وجاء هذا التسارع بعد أن تجاوزت بعض الدول الأعضاء، مثل كازاخستان، هدف الإنتاج المحدد لها بكثير، مما أثار غضب دول أخرى كانت أكثر تمسكًا بالتخفيضات المتفق عليها.
ووفقًا لما ذكره مصدر مطلع على البيانات لرويترز هذا الأسبوع، عاد إنتاج كازاخستان إلى الارتفاع الشهر الماضي، وبلغ أعلى مستوى له على الإطلاق، مع زيادة إنتاج حقل تنجيز الذي تقوده شركة شيفرون. ويتطلع تحالف أوبك+، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء بقيادة روسيا، إلى زيادة حصته السوقية في ظل تزايد الإمدادات من منتجين آخرين مثل الولايات المتحدة.
ويضخ التحالف نحو نصف نفط العالم. وحتى صدور قراره بشأن إنتاج يوليو، أعلنت مجموعة الدول الثماني في أوبك+ زيادات في الإنتاج بلغت 1.37 مليون برميل يوميًّا. ويمثل هذا 62% من شريحة تخفيضات الإنتاج البالغة 2.2 مليون برميل يوميًّا التي يجري إلغاؤها.
أوبك زادت إنتاج النفط في يونيو
وأظهر مسح أجرته رويترز أن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من النفط ارتفع في يونيو/ حزيران بقيادة السعودية بعد اتفاق تحالف أوبك+ على زيادة الإنتاج، لكن الزيادة جاءت محدودة مع ضخ العراق نفطًا أقل من المستوى المستهدف لتعويض فائض الإنتاج السابق. وأظهر المسح اليوم الجمعة أن أوبك ضخت 27.02 مليون برميل يوميًّا الشهر الماضي، بزيادة قدرها 270 ألف برميل يوميًّا عن إجمالي إنتاج مايو، مع تحقيق السعودية لأكبر زيادة.
ويُسرع تحالف أوبك+، الذي يضم أوبك وحلفاء من بينهم روسيا، خطته لإلغاء أحدث شريحة في تخفيضات الإنتاج. وفي الوقت نفسه، يُطلب من بعض الدول الأعضاء إجراء تخفيضات إضافية لتعويض فائض الإنتاج في السابق، مما يحد نظريًّا من تأثير هذه الزيادات. وبموجب اتفاق بين ثمانية أعضاء في أوبك+ بشأن إنتاج يونيو/ حزيران، كان من المقرر أن ترفع الدول الخمس الأعضاء في أوبك، الجزائر والعراق والكويت والسعودية والإمارات، الإنتاج بمقدار 313 ألف برميل يوميًّا قبل تأثير التخفيضات التعويضية التي يبلغ مجموعها 173 ألف برميل يوميًّا للعراق والكويت والإمارات.
وأشار المسح إلى أن الزيادة الفعلية من الدول الخمس بلغت 267 ألف برميل يوميًّا مع بلوغ الزيادة الفعلية من السعودية 200 ألف برميل يوميًّا رغم أنها لا تزال تضخ أقل من حصتها. وخلص المسح إلى أن العراق، الذي يتعرض لضغوط لتعزيز الامتثال لحصص إنتاج أوبك+، كبح الإنتاج. ورفعت الإمارات إنتاجها بواقع 100 ألف برميل، لكنها لا تزال تضخ أقل من حصتها المقررة في أوبك+. ويوجد نطاق واسع من التقديرات للإنتاج في العراق والإمارات مع وجود عدد من المصادر الخارجية التي تشير إلى أن إنتاج البلدين أعلى من تقديرات البلدين نفسيهما.
ويظهر مسح رويترز والبيانات التي قدمتها مصادر ثانوية في أوبك أن العراق والإمارات يضخان كميات قريبة من الحصص، في حين تشير تقديرات أخرى، مثل تقديرات وكالة الطاقة الدولية، إلى أنهما يضخان بمقدار أعلى بكثير. ويهدف مسح رويترز إلى تتبع الإمدادات إلى السوق ويستند إلى بيانات التدفقات من مجموعة بورصات لندن، ومعلومات من شركات أخرى تتعقب التدفقات مثل كبلر، ومعلومات مقدمة من مصادر في شركات النفط وأوبك وشركات استشارية.
استقرار سعر النفط في آخر أيام التداول
إلى ذلك، لم تشهد أسعار النفط تغيرًا يذكر اليوم الجمعة، إذ عزز استقرار سوق العمل الأميركية موقف مجلس الاحتياطي الاتحادي بالإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير، فيما يترقب المستثمرون وضوح خطط الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية على مختلف الدول. وبحلول الساعة 00:36 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لبرميل خام برنت 0.01% إلى 68.81 دولارًا، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.04% إلى 67.03 دولارًا. وكان التداول ضعيفًا بسبب عطلة يوم الاستقلال في الولايات المتحدة.
وتراجعت المخاوف إزاء وضع سوق العمل الأميركية بعدما أظهرت بيانات جديدة أمس الخميس، أن الشركات الأميركية أضافت 147 ألف وظيفة في يونيو، بما يتجاوز التوقعات، وأن معدل البطالة هبط بشكل غير متوقع إلى 4.1%. وكل هذه مؤشرات على أن الاقتصاد لا يزال متينًا رغم الاضطرابات وعدم اليقين بشأن معدلات الرسوم الجمركية. وقال ترامب إن واشنطن ستبدأ إرسال خطابات إلى مختلف الدول اليوم الجمعة تحدد فيها معدلات الرسوم الجمركية التي ستفرضها على السلع الواردة إلى الولايات المتحدة، في تحول واضح عن تعهدات سابقة بإبرام عشرات الاتفاقات مع كل دولة على حدة.
وأخبر ترامب الصحافيين قبل مغادرته إلى ولاية أيوا أمس الخميس، بأن الخطابات ستُرسَل إلى 10 دول في كل مرة، مع تحديد معدلات الرسوم الجمركية التي تراوح بين 20 و30%. وتنتهي مهلة التسعين يومًا التي حددها ترامب قبل تطبيق زيادات الرسوم الجمركية الأميركية في التاسع من الشهر الجاري، ولم يبرم عدد من الشركاء التجاريين الكبار بعد اتفاقات تجارية مثل الاتحاد الأوروبي واليابان. وفرضت الولايات المتحدة أمس الخميس عقوبات على شبكة تهرب النفط الإيراني على أنه نفط عراقي وعلى مؤسسة مالية يسيطر عليها "حزب الله". وقبل يوم، رفع بنك باركليز توقعاته لسعر نفط برنت بستة دولارات إلى 72 دولارًا للبرميل لعام 2025 وبزيادة 10 دولارات إلى 70 دولارًا لعام 2026 مع تحسن توقعات الطلب.

Related News


