
تشهد الأروقة السياسية في لبنان اليوم الجمعة حراكاً مكثفاً لإنهاء الصيغة الرسمية للجواب على المقترح الأميركي قبيل عودة المبعوث توماس برّاك إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل خصوصاً أنّ بعض النقاط لا تزال عالقة داخلياً، ولا سيما بشأن سحب سلاح حزب الله وآلية تنفيذ العملية.
ويخوض الرؤساء الثلاثة نقاشات متواصلة منذ أيام للردّ على مقترح برّاك ووضع الملاحظات اللبنانية بشأنه بالتنسيق أيضاً مع حزب الله وخصوصاً عن طريق رئيس البرلمان نبيه بري وذلك في ظلّ ضغوطات دبلوماسية خارجية بضرورة سير لبنان بالحل السياسي وتفادي أي سيناريو عسكري سيكون كارثياً على البلاد، وأيضاً ضغوطات بالنار، يمارسها جيش الاحتلال، برفع وتيرة اعتداءاته جنوباً، والتلويح بتوسعتها في حال المماطلة بحلّ مسألة السلاح، وكانت ترجمة ذلك، بتنفيذه عملية اغتيال أمس الخميس في جنوب العاصمة بيروت.
وترتكز ورقة برّاك التي قدّمها إلى المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته بيروت في 19 يونيو/حزيران الماضي على حصر السلاح بيد الدولة، وتنفيذ إصلاحات مالية ومكافحة "اقتصاد الكاش" وإقفال مؤسسات مالية تابعة لحزب الله ولا سيما منها "القرض الحسن"، وتحسين العلاقات اللبنانية السورية، إلى جانب ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية.
وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "الرد اللبناني على المقترح الأميركي بات في خواتيمه ولبنان يلتزم حصر السلاح بيد الدولة وبالمقابل الضغط على إسرائيل للانسحاب من كافة النقاط التي تحتلها ووقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية".
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ "هناك ضغوطات دبلوماسية يتعرّض لها لبنان، ورسائل تصل إلى الرئيس جوزاف عون، بضرورة اغتنام الفرص، والسير باتجاه الحل الدبلوماسي، لأن أي طريق آخر سيكون بعودة الحرب والتصعيد العسكري، وهو أمرٌ ليس في صالح لبنان، مع تعويل أيضاً على حنكة وخبرة رئيس البرلمان نبيه بري لإقناع حزب الله بالموافقة على المقترحات، لتجنيب البلاد السيناريو الأسوأ".
وبحسب المعلومات فإنّ "النقاط العالقة هي تلك المرتبطة بالسلاح بالدرجة الأولى والآلية التنفيذية والمهل، إذ هناك إصرار من جانب حزب الله على أن الموضوع شأن داخلي ويبحث عبر استراتيجية وطنية أمنية، رافضاً أيضاً تحديد المهل، معترضاً كذلك، على صيغة الانسحاب التدريجي، فلا ثقة بالعدو، من هنا يريد ضمانات بضرورة الانسحاب كلياً قبل البحث بأي شيء آخر".
من جانبه، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إن موضوع السلاح شأن داخلي يبحث به لبنانياً ضمن استراتيجية وطنية، مضيفًا "كل التهديدات والتصعيد لا يخيفنا"، مشدداً على أن "هناك حقوقا لن نتخلّى عنها وعلى الدولة اللبنانية الدفاع عنها أيضاً وعدم التنازل والمطلوب ضمانات أكيدة بوقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من النقاط المحتلة كلها".
ورداً على ما ذكرته وكالة "رويترز" حول تقليص حزب الله دوره بكونه جماعة مسلحة من دون تسليم سلاحه بالكامل، ودرسه حالياً تسليم بعض أسلحتها ولا سيما الصواريخ والطائرات المسيّرة التي تعتبر أكبر تهديد لإسرائيل، واحتفاظه على سبيل المثال بأسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للدبابات باعتبارها وسيلة لصدّ أي هجمات في المستقبل، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إن موضوع السلاح هو محل نقاش في حزب الله وسبق أن تعاون مع الدولة اللبنانية بشأنه في جنوب الليطاني وجرت مباحثات حوله على صعيد الأسلحة الثقيلة والمسيّرات، مشددًا على أن الأولوية اليوم لانسحاب إسرائيل ووقف اعتداءاتها.
وأشار المصدر إلى أن دور السلاح يكمن في مواجهة الاحتلال، و"لا يمكن تسليم السلاح كله طالما أن التهديد موجود، ولا ضمانات بأن لا تعاود إسرائيل اعتداءاتها، والدليل ما حصل بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مع استمرار الخروقات التي تخطت الألفين، وأسفرت عن سقوط عددٍ كبير من الشهداء". ولفت المصدر إلى أن "مشاورات سبق أن بدأت مع الرئيس جوزاف عون حول مسألة حصر السلاح بيد الدولة، وكان هناك تنويه بطريقة تعاطي عون مع الملف، واعتباره شأناً داخلياً، يُبحث به في إطار استراتيجية وطنية، من هنا لا يمكن قبول أي ضغوطات خارجية أميركية إسرائيلية هدفها فقط انهاء المقاومة".
وبحسب معلومات خاصة لـ"العربي الجديد"، فإن "مشاورات كانت قائمة حول السلاح، قبل الحرب الإسرائيلية على إيران، وكان هناك بحث من قبل حزب الله بأن يرسل بعض الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية إلى إيران، لكن الموضوع بقي عالقاً ولم يعاود البحث به نظراً للتطورات، واليوم هناك بحث جدي حول مسألة تسليم السلاح تدريجياً، بيد أن المسألة لم تحسم بعد في حزب الله".

Related News
