مستوطنة "أصفر ميتساد" تلتهم أراضي الخليل
Arab
1 week ago
share

في إطار تنامي الاستيطان الرعوي وعمليات التهجير القسري المتسارعة للفلسطينيين بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استولى المستوطنون على آلاف الدونمات من أراضي بلدتَي الشيوخ والعروب شمال شرقي الخليل لتوسيع مستوطنة "أصفر - ميتساد".

يواصل المستوطنون الإسرائيليون توسيع مساحة مستوطنة "أصفر ميتساد" على حساب الأراضي الفلسطينية الخاصة ببلدتَي الشيوخ والعروب شمال شرقي الخليل جنوبي الضفة الغربية، وتحديداً في منطقة جورة الخيل التي تواجه نصب خيام ووضع بيوت متنقلة ورعي قطعان أغنام في أراضيها، لتمهيد ربط "أصفر ميتساد" بمستوطنة "كريات أربع"، وقطع أوصال الطرق الفلسطينية في المناطق المصنفة "ج".

وتقع مستوطنة "أصفر ميتساد" على أراضٍ صودرت من بلدتَي سعير والشيوخ شمال شرقي الخليل منذ أن أُقيمت نقطة عسكرية عام 1983، قبل أن تتحول إلى مستوطنة دينية في العام التالي، ثم توسعت وباتت تخنق التمدد العمراني الفلسطيني. ومنذ نحو شهر لم تتوقف أعمال التوسعة في البؤرة الاستيطانية.

يقول رئيس بلدية الشيوخ، محمد عويضات، لـ"العربي الجديد": "التوسعة قديمة جديدة لأنها امتداد لمرحلة سابقة شملت تجريف الأراضي ومنع الأهالي من قطف الزيتون، ونصب كرفانات تمهيداً لتشييد مبانٍ على الأراضي المصادرة. هذه البؤرة بدأت على مساحة لا تتجاوز 150 دونماً أُقيمت على أراضي البلدة، قبل أن تشهد توسعاً متسارعاً خلال السنوات الماضية، إذ ارتفعت إلى 550 دونماً عام 2016، و1200 دونم عام 2017 بعد الاستيلاء على 500 دونم إضافية".

ويشير عويضات إلى أن التحول الأبرز حدث بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حين استولى المستوطنون على 4000 دونم دفعة واحدة، ما رفع المساحة الإجمالية المصادرة إلى 5500 دونم، جميعها ضمن المناطق المصنفة (ج)، ومنع أصحابها من الوصول إليها تماماً، ويعتبر أن "ثمّة تواطؤاً مباشراً من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي وفر حماية للمستوطنين أثناء اعتدائهم على الأراضي والممتلكات الفلسطينية وتجاهل الانتهاكات المتكررة خلال العامين الماضيَين، رغم امتلاك السكان وثائق ملكية رسمية تثبت حقهم في الأراضي. وباتت الانتهاكات الاستيطانية تطاول مناطق تصنّف (أ)، أي خاضعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة".

ورغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية سمحت عام 1999 بوصول الفلسطينيين إلى أراضيهم المحاذية لمستوطنة "أصفر ميتساد"، لم تلتزم قوات الاحتلال بتطبيق القرار، وواصلت منع الأهالي من دخول أراضيهم أو استصلاحها. ويؤكد أحد أصحاب الأراضي المصادرة في بلدة الشيوخ شمال شرقي الخليل، شريف الحلايقة، أن جيش الاحتلال والمستوطنين أبلغوهم بأن المنطقة أصبحت محظورة بالكامل، ولن يُسمح لأصحابها بالعودة إليها. ويوضح لـ"العربي الجديد"، أنهم لم يُمنحوا سوى فرصة واحدة لدخول أراضيهم خلال موسم قطف الزيتون في أكتوبر الماضي، بعد تنسيق عبر الارتباط الفلسطيني. حصلنا على الموافقة بعد يومين من تقديم الطلب، لكننا وجدنا المستوطنين قد سبقونا إلى الأرض، فحرثوها وقطفوا الزيتون وسرقوا المحاصيل أمام أعيننا، ولم يُسمح لنا بعدها بالعودة إليها نهائياً".

وتحوّلت الأراضي الواقعة شرق بلدة الشيوخ إلى ما يشبه "منطقة عسكرية مغلقة" لا يُسمح للفلسطينيين بدخولها أو الاقتراب منها حتى للزراعة أو الحصاد، ويقول الحلايقة: "لديّ 30 دونماً مزروعة بـ300 شجرة زيتون، لكنها أصبحت محظورة بالكامل. منذ ثلاثين عاماً لم أغب عن أرضي، واليوم لا أستطيع حتى الاقتراب منها، وقد فقدت أحد مصادر رزقي".

ورغم امتلاك الأهالي وثائق ملكية رسمية تعود للحقبة الأردنية، وأوراق طابو فلسطينية، بل وحتى وثائق إسرائيلية كإخراج القيد، لم يعترف الاحتلال بأي منها. ويحاول بعض المزارعين استخراج "طابو إسرائيلي" فقط من أجل ضمان عدم فقدان الأرض، بعدما أصبحت فكرة البناء فيها شبه مستحيلة، لا سيّما أن الاحتلال أعلن المناطق المصنّفة "ج" تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية الكاملة.

في المقابل، يواصل المستوطنون تثبيت وجودهم على الأرض المصادرة، إذ نصبوا بوابة حديدية عند مدخل المنطقة الزراعية، وبدأوا في حراثة الأرض وحصادها منذ نحو عامين. ويخشى الأهالي أن يستخدم الاحتلال ذلك مبرراً لاعتبار الأرض "غير مستغلة" ومصادرتها رسمياً، رغم أنها أرض مزروعة ومملوكة منذ عقود.

ويقول الحلايقة: "هددني الجيش الإسرائيلي صراحة بأنه إذا حاولت العودة إلى أرضي سيطلقون النار علي. الاحتلال لا يمنعنا من البناء فقط، بل من الوجود، حتى على بُعد مئات الأمتار من المستوطنة، والسلطة تقول إنها تنسق عبر الارتباط كي تساعدنا في الوصول إلى الأرض، لكنّنا لا نرى أثر ذلك على الأرض، واليوم لا نملك سوى الانتظار وترقب ما سيحدث".

ويوضح رئيس بلدية الشيوخ (شمال شرقي الخليل) محمد عويضات، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ المستوطنة قائمة اليوم فعلياً على 1200 دونم، فيما تُستخدم الأراضي المصادرة مؤخراً، والبالغة 4000 دونم، للرعي ونصب الكرفانات، ويجري التعامل معها بوصفها منطقة مغلقة بالكامل أمام أصحابها. وهو يحذر من مسار توسع الانتهاكات غير المسبوقة.
ويقول: "نشهد تضييقاً ممنهجاً على المواطنين في المناطق المصنّفة أ المحاذية للمناطق المستولى عليها حديثاً، إذ أغلق المستوطنون أكثر من 20 منزلاً باستخدام لحام حديدي، وردموا آبار مياه، وصادروا مركبات بذريعة عدم قانونيتها، كما بدؤوا في رعي أغنامهم داخل أراضي المواطنين، رغم أن المناطق تحت حماية السلطة الفلسطينية، لكنهم يدخلونها باستمرار، ومعهم كلاب مدرّبة تُستخدم لترهيب الأهالي، في محاولة واضحة لدفعهم إلى المغادرة".

ويشدّد عويضات على أن البلدية تبذل جهوداً لتشجيع المواطنين على البقاء والصمود من خلال تعزيز وجودهم في الأراضي المصنفة "أ" عبر التخييم الموسمي، وإقامة العُزَب، ويشير إلى أن الانتهاكات كافّة موثقة، وأرسلت إلى الجهات الرسمية المختصة، وعلى رأسها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، ويؤكد أن توسيع المستوطنة يستهدف النافذة الوحيدة لتوسع بلدة الشيوخ من الجهة الشمالية الشرقية.

وتبلغ مساحة بلدة الشيوخ شمال شرقي الخليل نحو 23 ألف دونم، جرت مصادرة 5500 دونم منها، فيما تُصنَّف نحو 13 ألف دونم ضمن المناطق "ج". ويحذر عويضات من خطورة المرحلة المقبلة "لأنّ المناطق مهدّدة بالاستيلاء في أي لحظة، والوضع يتدهور بسرعة، وإمكاناتنا كبلدية محدودة جداً مقارنة بآلة الاستيطان المدعومة من جيش الاحتلال. نحن نقدّر الظروف الصعبة التي تمرّ بها السلطة الفلسطينية، لكننا نطالبها بتحمّل مسؤولياتها ودعم هذه المناطق ميدانياً قبل فوات الأوان".

تنقسم الضفة الغربية وفق اتفاق أوسلو إلى مناطق "أ" تحت السيطرة الفلسطينية، و"ب" بإدارة فلسطينية وأمن مشترك، و"ج" تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة والتي تشكل أكثر من 63% من الضفة الغربية، إذ يُمنع الفلسطينيون من البناء أو الوصول الحر إلى أراضيهم.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows