مزارعو تونس يلجأون للطرق القديمة لحماية محاصيلهم من الحرائق
Arab
1 week ago
share

تمثّل حرائق الصيف خطراً يهدّد تونس لا سيّما أن مصالح الغابات لا تكشف الأسباب الحقيقية لاندلاع الحرائق، ويُسجّل 90% منها ضد مجهول.

يعود مزارعون تونسيّون إلى الوسائل القديمة للوقاية من الحرائق مع انطلاق موسم حصاد محاصيل الحبوب، وذلك بعد ارتفاع وتيرة اشتعال الحقول التي خلّفت خسائر تمتد على مساحات شاسعة. وخلال فترة نضوج الحبوب يرتفع خطر الحرائق التي تنتج عادة عن فعل بشري أو بسبب نقص صيانة المعدات الفلاحية، ما يدفع المزارعين إلى البحث عن حلول سريعة للتدخل عند نشوب النيران، رغم التدخلات اليومية للدفاع المدني لجهة إطفاء الحرائق.

ويؤمِن المزارعون في مناطق إنتاج الحبوب بفعالية الحلول التقليدية في الحد من تأثيرات الحرائق على المحاصيل، من أبرزها الحراثة السريعة للمناطق المشتعلة لمنع تقدّم النيران. ويحرص أصحاب الخبرة من المزارعين على تمرير تجربتهم في مكافحة النيران إلى الأجيال الجديدة، معتبرين أن الحرائق هي العدو الأول للفلاحين خلال فترة نضوج المحاصيل.

ويقول عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري (منظمة المزارعين)، محمد رجايبية، إن المزارعين طوّروا منذ القِدم وسائل الدفاع الخاصة ضد الحرائق، وهي وسائل لا تزال مُجدية رغم تطور وسائل إطفاء الحرائق وتزويد مراكز متقدمة قريبة من المناطق الفلاحية بأجهزة الدفاع المدني من أجل التدخل السريع عند الحاجة. ويؤكد رجايبية لـ"العربي الجديد"، أن محاصرة النيران عبر الحراثة تُعدّ من أقدم وسائل الدفاع التقليدية، حيث يُطلق المزارعون الجرّارات المجهّزة بآلات الحرث باتجاهات مختلفة في المناطق المحيطة بالحقول التي تنشب فيها النيران، وذلك بهدف محاصرتها، ويشير إلى أن هذه الوسائل تحتاج بدورها إلى خبرة ودراية لتوجيه الجرّارات وتحديد مناطق تدخلها وتجنّب اشتعال النار فيها، لافتاً إلى أن الحرث يُعدّ من أقدم وسائل تطويق الحرائق.

ويرى عضو منظمة المزارعين أن "التدريب على إطفاء الحرائق بكل الوسائل المتاحة أمر مهم جداً في التكوين الزراعي، ويجب أن يمتلك جميع المزارعين هذه التقنيات وسط التحولات المناخية التي تزيد سنوياً مخاطر النيران، سواء في حقول الحبوب أو في المساحات الرعوية والغابية".

وفي منتصف شهر يونيو/ حزيران 2025، عقدت وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري جلسة مشتركة لبحث سبل الوقاية من الحرائق، وذلك في إطار جهود حماية المحاصيل الزراعية والثروة الغابية من الحرائق. وفي بيانٍ مشترك نُشر على صفحتيهما الرسمية على "فيسبوك"، أعلنت الوزارتان إطلاق خطة لمتابعة ومراقبة سلامة الآلات الفلاحية المستخدمة في عملية الحصاد واتخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك وقف الحصاد لحين رفع الخلل الذي يمسّ سلامة المحاصيل الزراعية أو سد الثغرات المتعلقة بالتدابير الوقائية المعمول بها، على غرار تجهيز آلة الحصاد بقوارير إطفاء. كما تقرّر تشكيل لجان جهويّة تتولى مراقبة ومتابعة عملية الحصاد والبحث والتحرّي بشأن ملابسات وأسباب اندلاع الحرائق بكل جهة.

وتكشف الأرقام الرسمية لجهاز الدفاع المدني التونسي أن الحماية المدنية تدخلت خلال الفترة الممتدة بين 1 و18 يونيو/ حزيران لإطفاء 1595 حريقاً. وكشف المسؤول في اتحاد الفلاحة بمحافظة باجة سفيان الرزقي، وهي أكبر محافظة منتجة للحبوب، أن الاتحاد يوجّه خلال هذه الفترة توصيات للمزارعين بالاستعداد لمجابهة الحرائق، عبر تجهيز الجرّارات والتزود بالوسائل الضرورية للتدخل السريع، على غرار حرث الأرض وقطع الطريق أمام النيران مع استعمال قوارير الإطفاء. وقال الرزقي لـ"العربي الجديد"، إن عمليات التفقد الميدانية أظهرت أن الآلات الزراعية القديمة التي لم تخضع للصيانة الكافية كانت سبباً للعديد من الحرائق التي أدّت إلى تلفٍ في المحاصيل، وشدّد على ضرورة صيانة المعدات والتأكد من جاهزيّتها وسلامتها، إضافة إلى توفير بيانات دقيقة حول تاريخ آخر استعمال لكل آلة.

لا تزال الحرائق تُرهب سكان المناطق الغابية رغم تراجع نسبة حرائق الغطاء الغابي العام الماضي بنحو 83% مقارنة بالعام 2023 الذي كان الأعنف من حيث عدد الحرائق وخسائرها. ويحمل سكان المناطق الغابية في مدنٍ تونسية ندوب الحرائق الصيفية التي اجتاحت خلال السنوات الماضية آلاف الهكتارات وتسبّبت بتلف المحاصيل والمواشي، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالمباني وأجبرت المواطنين على النزوح.

وفي 1 يوليو/ تموز الجاري، صادق البرلمان التونسي خلال جلسة عامة على مشروع قانون يتعلق بقرض تمويلي سيُخصّص لتعصير (دعم) الديوان الوطني للحماية المدنية. وكان برلمانيّون تونسيّون قد دعوا أثناء مناقشة المشروع إلى تعزيز إمكانيات تدخل الحماية المدنية عبر توفير التمويل اللازم لاقتناء التجهيزات العصرية التي تسمح للأعوان بسرعة التدخل على مستوى النجدة والإنقاذ من الحرائق والفيضانات، لا سيما في الجهات والمناطق الداخلية. وطالب النواب بتخصيص موارد في ميزانية الدولة لاقتناء طائرات مجهّزة لإطفاء الحرائق التي تنشب في الغابات الممتدة ومزارع الحبوب الشاسعة وغيرها، ما يساهم في تطويقها بالسرعة المطلوبة والحد من قيمة الخسائر الناجمة عنها. 

وقال أعضاء في البرلمان إنه يصعب على أعوان الدفاع المدني في بعض الأحيان إخماد الحرائق بسرعة وذلك عندما تنشب في مساحات كبيرة مخصّصة لزرع الحبوب أو في أكوام التبن أو في مناطق جبلية تتّسم بتضاريس وعرة وتكون بعيدة عن مصادر المياه.
وتُعتبر المنطقة الغابية الواقعة شمال غربي تونس من أكثر المناطق ثراءً وتنوّعاً لجهة الغطاء النباتي، كما أنّها تؤدي دوراً مهماً في التوازن البيئي للمنطقة، وتُلقب بـ"أمازون تونس".

وتفيد بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في العام 2022 بأنّ الغابات تمثّل نحو 34% من مساحة تونس المقدّرة بـ163.610 كيلومترات مربّعة، وتمتدّ أساساً في جهات الشمال الغربي والوسط الغربي، فيما يسكن فيها نحو مليون شخص. أمّا قيمتها الاقتصادية فتُقدَّر بنحو 932 مليون دينار تونسي (نحو 320 مليون دولار أميركي).

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows