عن ظروف عمل المعلمين
Arab
1 week ago
share

بالنظر إلى علاقات العمل التي يرتبط من خلالها المعلمون بمدارسهم، نجد أنماطاً متعدّدة لا علاقة لكثير منها بما توصّلت إليه عقود ومواثيق العمل، مثلما أقرّتها منظمة العمل الدولية أو الاتحادات الدولية للمعلمين، علماً أنّ الأولى طالبت الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتجاوب معها وتنفيذها، بما ينعكس إيجاباً على العاملين والمتعلّمين على حدّ سواء.
من المعروف أنّ على المعلم أن يتفرّغ لأداء مهمته في مدرسته، ولدى عودته منها تحضيراً لليوم التالي، إلى جانب راحته الجسدية والنفسية. وبناءً عليه، قُسّم عمل المعلم إلى ساعات تدريس وساعات تصحيح وتحضير، وساعات راحة. لكنّ ثمّة تجاهلاً لهذه القاعدة، إذ يُحمَّل المعلمون فوق طاقاتهم تعليمياً وإدارياً، بما يقود إلى إرهاق كبير.
والتفرّغ يستوجب الحصول على أجور كافية لتحقيق استقرار معيشي واجتماعي، غير أنّ ما يحدث هو خلاف ذلك، فالدول والمؤسسات تلجأ إلى ما تسمّيه التعاقد مع معلمين لا تطلب منهم التفرّغ. ومن البديهي أن يسعى مَن يتقاضى راتباً لقاء العمل لساعات محدودة إلى توفير عمل آخر لتحصيل ما يكفي من أجل عائلته. ويقود هذا الوضع إلى إخلال وظيفي نتيجة العلاقة الملتبسة بالمدرسة، ويعني أنّ علاقة المعلم بتلاميذه ظرفية ومؤقتة بوقت الحصة، والحدّ الأدنى من الواجبات المفروضة.
وتكمن المشكلة الكبرى في تضخّم أعداد المتعاقدين، علماً أنّ ثمّة مدارس صارت تعتمد عليهم بنسبة تفوق 80%، الأمر الذي يجعل العملية التعليمية أشبه ما تكون بالعمل على القطعة، بدلاً من الالتزام بما تتطلّبه من موجبات النهوض بالمهمة.

بالتأكيد ثمّة فارق شاسع في الحقوق ما بين الدخول في ملاك التعليم وبين التعاقد، فالمعلم يحصل في الحالة الأولى على حقوقه كاملة، وتبدأ من الإجازة الصيفية والعطل والأعياد مروراً بأجور النقل والانتقال والاستشفاء وصولاً إلى الراتب التقاعدي. أمّا معلم التعاقد فلا يحصل إلا على أجر الساعة التي يعلّم خلالها. والأسوأ أنّ مؤسسات خاصة عديدة تفرض على المعلمات خصوصاً، العزوبية الدائمة، وتُرغَم المعلمة على توقيع عقد يتضمّن استقالتها في حال زواجها، ومن دون حقوق الصرف من الخدمة، وهذا أمر لا تقرّه أي من القوانين والمواثيق المهنية، الشرعية والوضعية، وبذلك تحصل المؤسسات التعليمية على براءة ذمّة مسبقة إزاء ما تقترفه من تعسّف في فرض شروط غير قانونية على العاملين الذين يخضعون إلى ما لا يمكن القبول به على الصعيد البشري. والمعضلة أن كثيرين لا يعلمون طبيعة حقوقهم، أو هم لا يريدون اعتماد آليات المطالبة، وطلب التدخّل النقابي لدعمهم، أو اللجوء إلى التقاضي، نظراً إلى ما يستغرقه ذلك من جهد ومال.
(باحث وأكاديمي)

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows