
تتسابق دول العالم على عقد مفاوضات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مسعى لخفض الرسوم الجمركية على سلع حيوية، ومن المقرّر أن تدخل الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب حيّز التنفيذ في التاسع من يوليو/تموز، بعدما جمدها ترامب 90 يوماً لفتح مجال التفاوض، وسط تأكيدات أن ضريبة الـ10% ستكون سارية على كل الأحوال.
ويسعى كبار المسؤولين التجاريين الأميركيين الآن إلى إبرام اتفاقيات أضيق مع دول مختلفة لتأمين صفقات قبل الموعد النهائي، وقالت صحيفة فاينانشال تايمز إنّ الدول التي تتفق على صفقات أضيق سوف يجري تجنيبها الرسوم الجمركية المتبادلة الأكثر صرامة. ومع إبرام اتفاق محدود مع بريطانيا حتى الآن، وفيما تتجه الهند لإتمام اتفاق تجاري مؤقت مع الولايات المتحدة هذا الأسبوع، هدّد ترامب مراراً وتكراراً بإرسال سلسلة من الرسائل إلى شركائه التجاريين لتحديد معدل الرسوم الجمركية الجديد بعد انقضاء الموعد النهائي.
وصرح وزير الخزانة سكوت الأميركي بيسنت بأن خطر رفع الرسوم الجمركية الأسبوع المقبل حقيقي. وأضافت "فاينانشيال تايمز" أن إدارة ترامب ستسعى إلى "اتفاقات مبدئية" بشأن عدد صغير من النزاعات التجارية قبل التاسع من يوليو، وأن الإدارة لا تزال تدرس فرض رسوم جمركية إضافية على قطاعات حيوية.
وقال ترامب للصحافيين الأسبوع الماضي إنّ الموعد النهائي ليس تاريخاً ثابتاً، إذ من المقرّر إعادة فرض الرسوم الجمركية الأميركية الأوسع مباشرة إذا لم يجرِ التوصل إلى صفقات.
اليابان تقاوم الرسوم
وفي اليابان قال كبير المفاوضين اليابانيين، الثلاثاء، إن بلاده لن تضحي بالقطاع الزراعي في إطار محادثات الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة وذلك بعد أن اشتكى الرئيس ترامب من أن الحليف الآسيوي الرئيسي لا يشتري الأرز الأميركي.
يأتي تعليق ترامب، الذي نشره عبر منشور على مواقع التواصل الاجتماعي الاثنين، في الوقت الذي تسعى فيه طوكيو جاهدةً لإقناع الولايات المتحدة بإلغاء رسوم جمركية بنسبة 25% على السيارات اليابانية، ورسوم جمركية متبادلة بنسبة 24% على واردات يابانية أخرى. وقد جرى تعليق الرسوم الجمركية المتبادلة حتى 9 يوليو/تموز، لكن اليابان لم تتوصل بعد إلى اتفاق تجاري بعد قرابة ثلاثة أشهر من المفاوضات.
في حين أن قطاع السيارات هو أكبر مشغل ومصدر في اليابان، فإنّ القطاع الزراعي كان تقليدياً كتلة تصويتية مهمة للحزب الديمقراطي الليبرالي بزعامة رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا، الذي يواجه انتخابات مهمة في مجلس الشيوخ في 20 يوليو.
وقال كبير المفاوضين التجاريين ووزير الاقتصاد ريوسي أكازاوا في مؤتمر صحافي "لقد أكدت مراراً وتكراراً أن الزراعة هي أساس الأمة"، وتابع "في المفاوضات مع الولايات المتحدة، يبقى موقفنا دون تغيير: لن نشارك في محادثات من شأنها التضحية بالقطاع الزراعي"، مضيفاً أنه سيواصل التفاوض مع نظرائه الأميركيين لحماية المصالح الوطنية اليابانية. وكتب ترامب على موقع "تروث سوشيال" إنّ إحجام اليابان عن استيراد الأرز المزروع في الولايات المتحدة يعد علامة على أن الدول أصبحت "مدلّلة فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية".
مفاوضات أوروبية صعبة
ويشير تقرير وكالة "بلومبيرغ" إلى أنّ الاتحاد الأوروبي يضغط على الولايات المتحدة للحصول على حصص وإعفاءات تهدف إلى خفض فعال للتعرفة الأميركية البالغة 25% على السيارات وقطع الغيار، بالإضافة إلى التعرفة البالغة 50% على الصلب والألمنيوم. ويُبدي الاتحاد استعداده لقبول ترتيب تجاري يتضمن تعرفة شاملة بنسبة 10% على العديد من صادراته، لكنّه يريد من الولايات المتحدة خفض الرسوم على قطاعات أساسية مثل الأدوية، والمشروبات الكحولية، وأشباه الموصلات، والطائرات التجارية.
أمام الاتحاد الأوروبي مهلة حتى 9 تموز/يوليو لإبرام ترتيب تجاري مع دونالد ترامب قبل أن ترتفع الرسوم الجمركية على ما يقارب جميع صادرات التكتل إلى الولايات المتحدة إلى 50%. وبحسب أشخاص مطلعين على الأمر، فإنّ المفوضية الأوروبية، التي تتولى قضايا التجارة بالنيابة عن الاتحاد، ترى في هذا الترتيب ميلاً طفيفاً لصالح الولايات المتحدة، لكنه لا يزال قابلاً للقبول.
من المتوقع أن يقود مفوض التجارة الأوروبي، ماروش شيفتشوفيتش، وفداً إلى واشنطن هذا الأسبوع لدفع المحادثات قدماً، ويواصل الاتحاد الاعتقاد بأن اتفاقاً مبدئياً هو السيناريو الأمثل، لكن المسؤولين لم يتمكّنوا من تحديد المدة التي قد تستمر فيها مثل هذه الترتيبات المؤقتة.
مطالب جنوب أفريقيا
قالت وزارة التجارة في بريتوريا، الثلاثاء، إن جنوب أفريقيا طلبت مزيداً من الوقت للتفاوض على اتفاق تجاري مع إدارة ترامب قبل أن يدخل نظام التعرِفات الجمركية الأعلى الذي يطبقه حيّز التنفيذ. وفرض ترامب ضريبة بنسبة 31% على الواردات الأميركية من جنوب أفريقيا في إبريل/نيسان جزءاً من تعرِفاته الجمركية "المتبادلة" العالمية، قبل أن يوقف تطبيقها لمدة 90 يوماً للسماح بالمفاوضات. وتسعى جنوب أفريقيا إلى إبرام اتفاقية تجارية تُعفي بعض صادراتها الرئيسية من الرسوم الجمركية، بما في ذلك السيارات وقطع غيارها والصلب والألمنيوم.
وقد عرضت شراء الغاز الطبيعي المُسال من الولايات المتحدة في المقابل. وقالت وزارة التجارة والصناعة والمنافسة في بيان إنها تسعى أيضاً إلى تطبيق تعرِفة جمركية قصوى بنسبة 10% في أسوأ السيناريوهات. وقال وزير التجارة باركس تاو "نحن نحثّ الصناعة في جنوب أفريقيا على ممارسة الصبر الاستراتيجي وعدم اتخاذ القرارات على عجل، وستواصل الحكومة استخدام كل السبل للتواصل مع الحكومة الأميركية لإيجاد حلول ودية".
تنازل كندا
وعلى مستوى المفاوضات مع حكومة مارك كارني، قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت، يوم الاثنين، إنّ الولايات المتحدة ستستأنف مفاوضات التجارة مع كندا على الفور بعد أن ألغت أوتاوا ضريبة الخدمات الرقمية التي تستهدف شركات التكنولوجيا الأميركية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت للصحافيين إنّ رئيس الوزراء الكندي مارك كارني اتّصل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الأحد ليخبره بإلغاء الضريبة، ووصف ذلك بأنه انتصار كبير لشركات التكنولوجيا الأميركية. وقالت "ببساطة شديدة، استسلم رئيس الوزراء كارني في كندا للرئيس ترامب والولايات المتحدة الأميركية"، مشيرة إلى أن أسلوب ترامب المتشدّد في التفاوض هو السبب في هذا التحول.
وأوقفت كندا خططها لبدء تحصيل ضريبة جديدة على الخدمات الرقمية تستهدف شركات التكنولوجيا الأميركية قبل ساعات فقط من الموعد المقرّر لبدء ذلك يوم الاثنين في محاولة لدفع مفاوضات التجارة المتوقفة مع الولايات المتحدة. وقالت وزارة المالية الكندية في وقت متأخر من يوم الأحد إنّ كارني وترامب سيستأنفان مفاوضات التجارة من أجل الاتفاق على اتفاق بحلول 21 يوليو.
وألغى ترامب فجأةً محادثات التجارة مع كندا، يوم الجمعة، بسبب ضريبة الخدمات الرقمية التي فرضتها أوتاوا، واصفاً إياها بـ"الهجومٍ السافر". وكرّر ذلك يوم الأحد، متعهداً بتحديد معدل تعرِفة جمركية جديد على السلع الكندية خلال الأسبوع المقبل، ما هدّد بإعادة العلاقات الأميركية الكندية إلى حالة من الفوضى بعد فترة من الهدوء النسبي.
وكانت الضريبة الرقمية المخطط لها في كندا 3% من إيرادات الخدمات الرقمية التي تحصل عليها الشركة من المستخدمين الكنديين فوق 20 مليون دولار في السنة التقويمية، وكان من المقرّر أن تكون المدفوعات بأثر رجعي إلى عام 2022. وكان من الممكن أن يؤثر ذلك على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، بما في ذلك أمازون وميتا وألفابت وغوغل وآبل.
وقال ديفيد بيرس، نائب رئيس العلاقات الحكومية في غرفة التجارة الكندية، في بيان: "قرار إلغاء ضريبة الخدمات الرقمية قرار منطقي. كانت هذه الضريبة ستثقل كاهل المستهلكين والشركات والمستثمرين الكنديين من خلال زيادة التكاليف، وستضر باقتصادنا في وقت حرج".

Related News

