
في الوقت الذي يأمل فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أن يحقق، اليوم الأربعاء، أول انتصار تشريعي كبير منذ عودته إلى البيت الأبيض وتمرير واحدة من أكبر الموازنات التوسعية في تاريخ البلاد، تتصاعد التحذيرات من تداعياتها الاقتصادية بعيدة المدى، خصوصاً مع توقعات بأن تتسبب في زيادة الدين الفيدرالي بأكثر من 3.3 تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وتثير خطة الموازنة التي يدفع بها ترامب، والتي تتضمن تخفيضات ضريبية واسعة واقتطاعات كبيرة في برامج الرعاية الاجتماعية، قلقاً متزايداً لدى خبراء الاقتصاد والمشرعين، الذين يحذرون من تفاقم العجز الهيكلي وتضاؤل هامش المناورة النقدية في مواجهة أي أزمة مستقبلية. وبينما تسوق الإدارة الأميركية للموازنة باعتبارها خطوة لتحفيز النمو ورفع الدخول، يرى معارضوها أنها تحمل مخاطر كبيرة على الاستقرار المالي والتوازن الاجتماعي في الولايات المتحدة.
ترامب يحفز الجمهوريين
وأقرّ مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون المشروع، أمس الثلاثاء، بأرجحية نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، الذي كسر، وفق ما يخوله الدستور، تعادل الأصوات بين السيناتورات (50-50). وأُحيل "مشروع القانون الواحد الكبير والجميل"، على مجلس النواب تمهيداً لتصويت متوقع اليوم الأربعاء. وعقب تمرير المشروع في مجلس الشيوخ، كتب ترامب عبر منصته "تروث سوشال"، ليل أمس الثلاثاء: "سيكون الشعب الأميركي الرابح الأكبر، وسيحصل على ضرائب أقل بشكل دائم، ورواتب أعلى، حدود آمنة، وقوات مسلحة أقوى"، لكنه دعا الجمهوريين في مجلس النواب إلى توحيد صفوفهم لإقرار الموازنة.
وأوضح أنه "يمكننا أن نحصل على كل ذلك من الآن، لكن فقط في حال توحد الجمهوريون في مجلس النواب وتجاهلوا المتباهين... وقاموا بالأمر الصائب، وهو رفع مشروع القانون إلى مكتبي". وتابع "ابقوا متحدين، استمتعوا، وصوّتوا بـ(نعم)". وبعد مداولات لنحو يومين والعديد من التعديلات، تجاوز أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون خلافاتهم وأقروا المشروع أمس الثلاثاء. وبات الأمر الآن في عهدة مجلس النواب، حيث تبدو مهمة إقراره شائكة في ظل تأكيد نواب جمهوريين رفضهم النسخة المعدلة الواردة من مجلس الشيوخ.
وقال النائب الجمهوري عن أريزونا أندي بيغز: "يصعب علي أن أرى مشروع القانون يقر بصيغته الراهنة"، معتبراً أنه يتضمن زموراً "سيئة للغاية". وفي مجلس النواب حيث يحظى الجمهوريون بغالبية ضئيلة، يواجه المشروع معارضة ديمقراطية موحدة وعدداً من الأعضاء الجمهوريين الرافضين للموافقة على اقتطاعات كبيرة في الرعاية الصحية.
ويحث ترامب المشرعين على إقرار الموازنة قبل العيد الوطني في الرابع من يوليو/ تموز، وهو التاريخ الذي حدده موعداً رمزياً لإصدار الموازنة. وبعد إقرار المشروع، الثلاثاء، أعرب رئيس مجلس النواب مايك جونسون عن تفاؤله بإمكان الالتزام بهذا الموعد، مؤكداً أن الموازنة ستُحال "إلى مكتب الرئيس ترامب في الوقت المناسب". في المقابل، يسعى الديمقراطيون إلى تأخير التصويت النهائي قدر الإمكان. غير أن المحافظين في مجلس النواب أبدوا علناً ترددهم في الموافقة على بعض التعديلات التي أجراها أعضاء مجلس الشيوخ على نسختهم الأصلية.
موازنة "بشعة"
وينتقد الديمقراطيون ما ينص عليه المشروع من خفض للضرائب على الأثرياء على حساب الطبقتين المتوسطة والعاملة اللتين ترزحان أصلاً تحت وطأة التضخم. وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز بعد إقرار مشروع القانون أمس الثلاثاء، إنّ "هذه الموازنة الكبيرة البشعة تؤذي الأميركيين العاديين لتكافئ أصحاب المليارات"، معتبراً أنه "ورقة تشريعية مثيرة للاشمئزاز". وأضاف "سنقوم بكل ما في وسعنا لوقفه".
وينص مشروع القانون على تمديد الإعفاءات الضريبية الضخمة التي تم إقرارها خلال ولاية ترامب الأولى (2016-2022)، وإلغاء ضريبة الإكراميات، وتوفير مليارات الدولارات الإضافية لقطاع الدفاع ومكافحة الهجرة. لكن خبراء وسياسيين يحذرون من زيادة ضخمة متوقعة في العجز الفدرالي. وتشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس، المسؤول عن تقييم تأثير مشاريع القوانين على المالية العامة، إلى أن مشروع القانون من شأنه أن يزيد الدين العام بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار بحلول عام 2034.
سيكلف توسيع ترامب "الإعفاءات الضريبية" 4.5 تريليونات دولار. وللتعويض جزئياً عن ذلك، يخطط الجمهوريون لخفض برنامج "ميدك إيد"، وهو التأمين الصحي العام الذي يعتمد عليه ملايين الأميركيين من ذوي الدخل المحدود. كما ينص مشروع الموازنة على تقليص كبير في برنامج سناب للمساعدات الغذائية الرئيسي في البلاد، وإلغاء العديد من الحوافز الضريبية للطاقة المتجددة التي أقرت في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
(فرانس برس، العربي الجديد)

Related News


