الجزائر تقنّن تجارة الشنطة... مواربة الباب للاستيراد
Arab
1 week ago
share

اتخذت الحكومة الجزائرية خطوات لتقنين تجارة الشنطة، إذ عمدت إلى مواربة الباب لهذه التجارة ورفد الأسواق بما تحمله مع التحكّم في الوقت نفسه بالنقد الأجنبي لترشيده. فقد أعلنت الحكومة أخيراً عن تفاصيل وشروط ممارسة الاستيراد من ‏تجار الشنطة، أو ما يُعرف محلياً بـ"الكابة"، وإدماجهم في الاقتصاد الرسمي في ما يسمى بـ "نشاط الاستيراد المصغر".

وجاء الإعلان عن هذه الإجراءات من خلال مرسوم تنفيذي نشر في العدد الأخير للجريدة الرسمية الجزائرية (رقم 40) الصادر يوم 29 يونيو/ حزيران الماضي، حدّد بموجبه الإطار القانوني لنشاط "الاستيراد المصغر" من المقاول الذاتي، الذي يستهدف أساساً الأفراد الذين يسافرون إلى الخارج لجلب سلع بغرض إعادة بيعها في السوق المحلية.

ويعرف هذا النشاط بأنه عمليات استيراد فردية يقوم بها أشخاص طبيعيون (أفراد) خلال تنقلاتهم إلى الخارج، بشرط ألّا تتجاوز قيمة السلع مليوناً و800 ألف دينار جزائري في كل رحلة، أي ما يقارب 14 ألف دولار أميركي (الدولار يساوي 129 ديناراً)، في رحلتين شهرياً كحدٍ أقصى. ويشترط في ممارسي هذا النشاط أن يكونوا حاملين لبطاقة "المقاول الذاتي"، وهي الصفة القانونية التي تسمح لهم بالعمل المستقل في إطار مبسّط.

وأقرت الحكومة الجزائرية في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، مرسوماً بمسمى "المقاول الذاتي"، يتيح لكل شخص طبيعي (فرد) أن يمارس بصفة فردية نشاطاً مربحاً يندرج ضمن قائمة نشاطات محددة، ولا يتعدى رقم أعماله (إيرادات) السنوي حداً معيناً.

وتبرز 7 قطاعات رئيسية للمقاول الذاتي هي الاستشارة، الخبرة والتكوين (التدريب)، الخدمات الرقمية والأنشطة ذات الصلة، الخدمات المنزلية، الخدمات الموجهة للأشخاص، خدمات الترفيه والتسلية، الخدمات الموجهة للمؤسّسات، الخدمات الثقافية والاتصال والسمعي البصري. وينص المرسوم على امتيازات عدّة موجهة لهؤلاء المستوردين، من بينها إعفاؤهم من إلزامية التسجيل في السجل التجاري، وعدم الحاجة إلى رخص الاستيراد المسبقة، بالإضافة إلى نظام ضريبي خاص يتضمن نسبة جمركية تفضيلية لا تتجاوز 5%، مع اعتماد محاسبة مبسطة تخضع لمراقبة مصالح الضرائب المختصة.

كما يُشترط على المستورد في إطار الشنطة الانتساب إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء، وفتح حساب بنكي بالعملة الصعبة لدى بنك الجزائر الخارجي الحكومي، والحصول على "رخصة عامة" لممارسة هذا النشاط تسلمها وزارة التجارة الخارجية في غضون 5 أيام عمل، وتكون صالحة لسنة واحدة قابلة للتجديد، على أن تبقى شخصية وغير قابلة للتنازل.

ويُلزم المستورد المصغر بالتصريح المسبق بالسلع عبر منصة رقمية، قبل كل عملية استيراد. وتنص الإجراءات الجديدة على شطب أي مخالف من السجل الوطني للمقاول الذاتي في حال رفض التصريح أو تقديم معلومات كاذبة بخصوص طبيعة السلع المستوردة.

كما تخضع ممارسة نشاط الاستيراد المصغر إلى شرط بلوغ السن القانونية للعمل والتمتع بالجنسية الجزائرية والإقامة في الجزائر، وعدم ممارسة أي نشاط آخر مربح سواء بصفة أجير أو تاجر أو مهنة حرة، ويترتب على ممارسة الاستيراد من تجار الشنطة نشاط الإقصاء آلياً من الاستفادة من منحة البطالة (العاطلين عن العمل). ويلزم المرسوم، المنخرطين في نشاط الاستيراد المصغر بوجوب احترام القواعد المتعلقة بحماية المستهلك والأمن الوطني، إضافة إلى إلزامية أن تفوق مدة الصلاحية المتبقية للمواد المستوردة عند تاريخ الاستيراد، نصف مدة الصلاحية الإجمالية المحددة للاستهلاك.

ويمول تجار الشنطة عمليات الاستيراد المصغر الخاصة بهم من النقد الأجنبي (العملة الصعبة) الخاصة بهم، وفق المرسوم، علماً أن بنك الجزائر المركزي يمنع بيع العملات الأجنبية للمواطنين بسعر الصرف الرسمي ما عدا المستوردين وفقاً لشروط صارمة. وتستثنى مواد عدّة من الاستيراد وفق هذا النظام، على غرار السلع المحظورة والمواد الحساسة، والمنتجات الصيدلانية والبضائع التي يخضع استيرادها لرخصة خاصّة، والسلع التي تمسّ بالأمن والنظام العام والآداب.

في السياق، يرى الخبير الاقتصادي والمالي نبيل جمعة، أن النشاط الخاص بالاستيراد المصغر، يعتبر سلاحاً ذا حدين، لعدة أسباب، منها ما له علاقة بالمنتجات والآخر بسعر صرف العملة المحلية في السوق الموازية. ويوضح جمعة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ممارسة هذا النشاط يمكن أن تحلّ مشاكل عدّة على علاقة بنقص وندرة بعض المنتجات في السوق الوطنية وارتفاع أسعارها خصوصاً، على غرار قطع غيار السيارات والشاحنات والهواتف الذكية وغيرها، كما ستوفر مصدر دخل للنشطين في هذا المجال وأيضاً مداخيل للخزينة العمومية. ومن جهة أخرى، هذا النشاط يمكن أن يؤثر حسب الخبير المالي الجزائري، على مؤسّسات إنتاجية محلية، من منطلق أن تجار الشنطة سيوفرون منتجات منافسة تنتجها شركات محلية.

وشدّد على أن المرسوم تحدث عن استحالة حصول المستوردين الصغار (تجار الشنطة) على النقد الأجنبي من البنوك المعتمدة في البلاد ما يعني أنهم سيلجؤون إلى السوق الموازية للحصول على العملات الأجنبية. وقال إن "زيادة الطلب على العملات الأجنبية من خلال الاستيراد المصغر يتطلب تحويل مبالغ من الدينار إلى الدولار واليورو وهذا يعني مزيداً من الضغط على الدينار الجزائري".

وأضاف جمعة أن الأمر متعلّق بعدد المنخرطين في العملية، لأن المرسوم سمح لـ 1.8 مليون دينار في كل تنقل مرتين في الشهر، أي ما يقارب 28 ألف دولار شهرياً (بسعر صرف الدينار لدى البنوك)، مشيراً إلى أنه في حال انخرط عدد كبير من التجار في هذا النشاط للاستيراد المصغر، فإن هذه الوضعية يمكن أن تدفع العملة المحلية (الدينار) لمزيد من التراجع مقارنة بالدولار واليورو.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows