
قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، الثلاثاء، إنه تشرف بتسلّم "جائزة تيبيراري الدولية للسلام"، التي تعكس مكانة دولة قطر وقيادة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في انتهاج السلام وتقديم المبادئ على المصالح. وأضاف في منشور على حسابه بمنصة "إكس": "وسط المآسي، نتمسك بالحوار ونواصل البناء، فالسلام ليس سذاجة، بل شجاعة تُمارَس، وسنظلّ نبراسًا للسلام والخير، ساعين إلى تكريس الاستقرار".
وكان رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري قد ألقى كلمة في الحفل الذي أقيم الثلاثاء في أيرلندا بمناسبة تسليمه جائزة تيبيراري الدولية، حسب وزارة الخارجية القطرية، قال فيها إن "أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نموذج نادر للقيادة في عالم اليوم؛ فهو لا يكتفي بالحكم، بل يشعر، ويكرّس كل جهده وروحه لكل واجب، من تلبية احتياجات مواطنيه، إلى دعم السلام الإقليمي والدولي". وأشار إلى أن "الشيخ تميم يرى شعوب المنطقة، والأبرياء حول العالم، أبناء له، ويحزن على كل روحٍ تُزهق، ويؤمن بأن السلام إرث يجب صيانته". مضيفاً في هذا الصدد، أن "الكلمات تعجز عن التعبير عن مدى فخره بسموه"، وقال: "لقد نلت شرف خدمة بلادي تحت قيادته لأكثر من عشر سنوات، وسأظل أتشرف بذلك ما دمت قادرًا، فحكمته، وشغفه، وعزيمته هي مصدر إلهام شخصي لي، وهي ما يدفعني للاستمرار"، مضيفاً أنه بكل تواضع وامتنان، يعبر عن قبوله الجائزة لا بوصفها تكريمًا شخصيًا، بل باسم دولة قطر، وشعبها، ومبادئها، وقيادتها. وقال: "هذه الجائزة تمثل اعترافًا بما أصبحت عليه قطر اليوم: صوتًا ثابتًا للسلام، ومدافعًا عن الحوار، وأمة لا تلين أمام التحديات".
ومضى قائلاً إن "اجتماعنا اليوم هنا، في أيرلندا، الدولة التي بلغت السلام عبر المصالحة والشجاعة الأخلاقية، له دلالة عميقة، فمسيرتكم تؤكد ما نؤمن به دومًا في قطر: إن السلام لا يُمنَح، بل يُبنى". مذكّرًا في هذا السياق بكلمات الراحل جون هيوم: إن أساس السلام والاستقرار في أي مجتمع يجب أن يكون الاحترام الكامل لحقوق الإنسان لجميع أفراده. وقال: "اليوم، لا أتحدث إليكم عن قصتي، بل عن قصة شعب قطر الأبي. كثيرًا ما يسألني البعض عن دوافع قطر، من غزة إلى أفغانستان، ومن لبنان إلى أوكرانيا، ويزعم البعض أن ما تقوم به قطر يُملَى عليها بدافع المصلحة الذاتية، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. فما نقوم به ليس مجرد تعامل تجاري، بل هو عمل تحويلي. ليس مناورة تكتيكية، بل انعكاس لهويتنا الوطنية، التي تتشكل من ثقافتنا، ويحرّكها إيماننا، ويكرّسها دستورنا، وتستلهمها قيادتنا".
وتابع: "تأتي هذه الجائزة في لحظة بالغة الأهمية. قبل أسبوع واحد فقط، تعرّضت بلادنا لهجوم صاروخي مباشر، جاء ردًّا واضحًا على التهوّر الذي يهدد السلام والاستقرار في منطقتنا، وبينما كانت دفاعاتنا الجوية تقوم بواجبها، كان دبلوماسيونا يعملون بلا كلل لتأمين وقف لإطلاق النار مع بزوغ الفجر. لم تكن تلك اللحظة لحظة انتقام، بل كانت لحظة تضبطها الحكمة وضبط النفس. ويجب أن أكون واضحًا: قطر اختارت ضبط النفس من موقع قوة، لا من موقع ضعف، لأننا وضعنا استقرار منطقتنا ورفاهية شعوبها فوق الخطابات النارية واستعراضات القوة".
وأضاف: لقد حذّرنا مرارًا من مخاطر امتداد الصراع الإقليمي، ومن أن سلوك إسرائيل المتهور قد يؤدي إلى تفاقم النزاع إلى مستويات لا تُحتمل. وثمن تجاهل هذه التحذيرات لا يُدفع في غزة وحدها، بل في جميع أنحاء المنطقة. لا مكان تتجلى فيه هذه المأساة أكثر من غزة. الصور القادمة من هناك لا تُحتمل، والخسائر فوق الوصف. ومع ذلك، ورغم هذا الدمار، ظلّ سمو الأمير ثابتًا في التزامه تجاه شعب غزة، عبر المساعدات المستمرة، والسعي الجاد لتحقيق السلام، والدفاع عن كرامتهم في المحافل الدولية. معاناتهم تُثقل ضمائرنا، لكنها أيضًا تُقوّي عزيمتنا، حتى عند الاستفزاز، وحتى عند الهجوم، نظل ملتزمين بالسلام، ليس شعارًا نردده، بل واجبًا نؤديه. فقواتنا المسلحة تحمي سيادتنا بشجاعة، ودبلوماسيونا يبنون الجسور بصمت، وفي خضم كل ذلك، يظل شعبنا واقفًا، موحّدًا".
ووجه رسالة إلى الجيل القادم بقوله: "لا تظنوا أن السلام سذاجة، إنه أصعب من الحرب، لكنه يستحق كل جهد. إنه أقوى من السخرية، وأعلى صوتًا من العنف"، واختتم كلمته بالقول: "باسم شعب قطر، أتوجه بالشكر إلى مؤتمر تيبيراري للسلام على هذا التقدير. وباسمهم، أقبله بتواضع، وبالتزام متجدد بأن تظل قطر صوتًا للهدوء، وشريكًا في السلام، وصديقًا لكل من يؤمن بأن الحوار يجب أن ينتصر على الدمار. فلنظل أوفياء لهذه القضية".
وتُمنَح "جائزة تيبيراري للسلام"، وهي جائزة سنوية يقدمها "مركز تيبيراري للسلام" في أيرلندا، للأفراد والشخصيات البارزة التي ساهمت في جهود السلام حول العالم. وتأسس مركز تيبيراري للسلام في أيرلندا عام 1984، ويهدف إلى تعزيز السلام ونشر قيمه، ويقدم المركز جائزة سنوية للشخصيات التي ساهمت في جهود السلام العالمية. ومن بين الشخصيات التي حصلت على الجائزة: بان كي مون (الأمين العام السابق للأمم المتحدة)، كوفي عنان (الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة)، ماري روبنسون (رئيسة أيرلندا السابقة)، ونيلسون مانديلا (رئيس جنوب أفريقيا الأسبق)، والسناتور غوردون ويلسون، والسناتور جون ميتشل، والرئيس الأميركي بيل كلينتون، ورئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، وغيرهم.

Related News

