
في ظلّ المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية التي تتواصل دون أفق واضحٍ بشأن قرب التوصّل إلى اتفاق ينهي تلك المواجهة، بدأت في مصر تحركات واسعة للتعامل مع ارتدادات تلك الحرب وآثارها السلبية، وسط مخاوف من استمرارها لفترة طويلة.
وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن حكومته تتحرك لتأمين احتياجات الدولة من الغاز الطبيعي، من خلال مواصلة دعم قدرات البنية التحتية لاستقبال الغاز المُسال المستورد، بما يسهم في رفع كفاءة ومرونة منظومة الإمداد بالغاز الطبيعي للسوق المحلية، وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد، خاصّة خلال أشهر الصيف، وفي ظل الأحداث الأخيرة في المنطقة.
وقال مدبولي، خلال جولة في ميناء العين السخنة بمحافظة السويس، اليوم السبت، لتفقُّد سفينة تغيير الغاز الطبيعي المُسال "إنرجوس إسكيمو": "نستهدف أن يكون لدينا هذا العام ثلاث سفن تغييز، اعتباراً من مطلع يوليو المقبل، لتكون طاقاتها الاستيعابية 2250 مليون قدم مكعبة يومياً، كما نعمل على وجود سفينة تغييز رابعة احتياطية بهدف تأمين احتياجات البلاد من المواد البترولية المختلفة".
وأشار إلى مساعي الحكومة لمواصلة دعم قدرات البنية التحتية لاستقبال الغاز المُسال المستورد، بما يُسهم في رفع كفاءة ومرونة منظومة الإمداد بالغاز الطبيعي إلى السوق المحلية، وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد، خاصة خلال أشهر الصيف. وأوضح أن هذه الجهود تتزامن مع الأحداث الأخيرة في المنطقة، بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في إيران، وذلك في إطار حزمة من الإجراءات المتكاملة التي تنفذها الوزارات المعنية لضمان استقرار الشبكة الكهربائية.
من جهته، لفت وزير البترول المصري كريم بدوي، إلى ما وصفه بالخطوات الاستباقية التي اتخذتها الوزارة منذ العام الماضي لتأمين إمدادات الغاز الطبيعي، وتنويع مصادر الإمداد، ومواجهة التحديات الطارئة، قائلاً: "جرى تنويع مصادر الاستيراد بتوفير ثلاث سفن تغييز للغاز المُسال المستورد، بعد مرحلة من التفاوض السياسي والتجاري مع عدد من الحكومات، استثماراً للعلاقات السياسية المتميزة مع دول مثل الأردن وألمانيا".
وتابع: "قامت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية بالتعاقد على هذه السفن في ظل زيادة الطلب العالمي عليها، لتحقيق أمن الطاقة وسط التحديات الجيوسياسية وعدم الاستقرار"، وأضاف الوزير أن هناك سفينة رابعة ستصل في أغسطس/آب المقبل، وسيجري تشغيلها في دمياط على البحر المتوسط، لضمان استقرار وتنويع إمدادات الطاقة في ظل التحديات العالمية الحالية.
بموازاة ذلك، كشف مصدر في وزارة البترول المصرية عن محادثات موسعة تجريها الهيئة العامة للبترول مع أطراف دولية متعدّدة بشأن تجهيز أسواق بديلة تكون جاهزة في حال الطوارئ، لتوفير المازوت اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، وأوضح المصدر أن هناك توجيهات رئاسية، بعد محادثات رفيعة المستوى جرت خلال الأيام الماضية مع الجانب العراقي، بضرورة الانتهاء من توقيع عقود اتفاق يقضي باستيراد مصر نحو 8 ملايين برميل من النفط الخام العراقي لتلبية احتياجات السوق المصرية، ولفت المصدر إلى أن الاتفاق كان يواجه عقبات تتعلق بالتسهيلات التي تطلبها القاهرة في السداد، كاشفاً أن الأيام الماضية شهدت اتصالات على مستوى سياسي رفيع بهدف تقريب وجهات النظر وسرعة إتمام الاتفاق.
وعلى صعيد الاحتياجات اليومية للمواطنين، كشف مصدر حكومي مصري تحدث لـ"العربي الجديد"، عن صدور توجيهات من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الذي يرأس أيضاً لجنة إدارة الأزمة المُشكّلة مؤخراً، بزيادة المخزونات من السلع الاستراتيجية، مثل السكر والقمح والزيت والأرز، عن المعدلات الطبيعية، بحيث تصل إلى 6 أشهر بدلاً من 4، مع إمكانية الوصول إلى مستوى 8 أشهر حال توافرت السيولة المالية، وذلك بناءً على تقارير معلوماتية وردت إليه مؤخراً من الأجهزة المعنية.
وبحسب المصدر الحكومي، فإنّ الخطوة المصرية تأتي في ظل مخاوف من أن تطاول الاضطرابات سلاسل الإمداد، وتعطل بعض الخطوط التجارية أو الأسواق التي تعتمد عليها مصر في تلبية احتياجاتها، جراء الهجوم الإسرائيلي على إيران واحتمالية تمدّد الصراع خلال الفترة القليلة المقبلة.
وأوضح المصدر أن هناك عائقاً يواجه الإدارة المصرية في ما يخصّ توجهها لرفع مستويات المخزونات الاستراتيجية من السلع خلال الفترة الراهنة، في ظل ضعف السيولة من النقد الأجنبي، وسط استحقاقات متعلقة بخدمة الدَّين بداية النصف الثاني من العام الجاري، كما كشف أن مشاورات موسعة جرت في هذا السياق خلال الأيام الماضية، وأن الحكومة المصرية تعتزم الاعتماد على الاحتياطي النقدي للمؤسّسة العسكرية والاقتراض منها لحين تجاوز الأزمة الراهنة، مشيراً إلى مفاوضات حكومية داخلية للحصول على نحو 2.5 مليار دولار من الصناديق الخاصة بالقوات المسلحة لتنفيذ خطة الطوارئ المتعلقة بزيادة المخزونات الاستراتيجية من السلع.
وأصدر رئيس مجلس الوزارء مصطفى مدبولي، قراراً بتشكيل "لجنة أزمات" برئاسته، لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية - الإسرائيلية، بما يُسهم في الاستعداد لأي مستجدات في مختلف القطاعات. وتضم اللجنة في عضويتها محافظ البنك المركزي، ووزراء الصناعة، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والتعاون الدولي، والكهرباء والطاقة المتجدّدة، والمالية، والتموين والتجارة الداخلية، والبترول والثروة المعدنية، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارات الدفاع، والداخلية، والخارجية، وجهاز المخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية.
وفي السياق نفسه، كشف المصدر عن توجيه تعليمات لوزير الداخلية لتكثيف الحملات الرقابية على كبار التجار والمستوردين، بهدف مواجهة ظاهرة الاحتكار أو حبس السلع لتعطيش السوق خلال الفترة الراهنة، والتعامل بصرامة مع كل من يحاول استغلال الأزمة لتحقيق مكاسب إضافية في ظل ظرف اقتصادي صعب، بحسب تعبير المصدر الحكومي.

Related News


