
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة إنه يشعر بالقلق من أن العالم يتجه نحو الحرب العالمية الثالثة، محذراً خلال كلمته في منتدى اقتصادي بسانت بطرسبرغ، من وجود احتمالات كبيرة لنشوب صراع في العالم وإن هذه الاحتمالات آخذة في التزايد. وتطرق إلى الحرب الروسية على أوكرانيا والحرب بين إسرائيل وإيران، وعبر عن قلقه إزاء ما يحدث حول المنشآت النووية في إيران حيث يعمل خبراء روس على بناء مفاعلين نوويين جديدين لطهران.
وفي رد على سؤال لصحافيين عما إن كان يشعر بأن العالم يتجه نحو الحرب العالمية الثالثة، قال بوتين "إنه أمر مقلق. أتحدث من دون أي سخرية أو مزاح. بالطبع، هناك احتمالات كبيرة لهذا الصراع، وهي آخذة في التزايد، وهي أمام أعيننا مباشرة، وتؤثر علينا تأثيراً مباشراً". وأضاف "هذا بطبيعة الحال يتطلب، ليس فقط اهتمامنا الدقيق بالأحداث الجارية، وإنما أيضاً بالبحث عن حلول... ويفضل أن يكون ذلك بالوسائل السلمية، في جميع الاتجاهات".
في الأثناء، قال بوتين إنّ أسعار النفط لم ترتفع بشكل ملحوظ بسبب الحرب بين إيران وإسرائيل، مضيفاً أنه لا يرى ما يستدعي تدخل تحالف أوبك+ في أسواق النفط. وصعدت أسعار النفط مع تصاعد الحرب الجوية المستمرة منذ أسبوع وفي ظل حالة الضبابية المحيطة بالتدخل الأميركي المحتمل لمساندة إسرائيل، مما أبقى المستثمرين في حالة من التوتر لتلامس العقود الآجلة لخام برنت أعلى مستوياتها منذ أواخر يناير/ كانون الثاني. وقال بوتين إن سعر النفط يقارب حالياً 75 دولاراً للبرميل، بينما كان يبلغ 65 دولاراً قبل تصاعد الصراع.
إلى ذلك، زعم الرئيس الروسي أنّ كل الأراضي الأوكرانية ملك لبلاده وفق منظوره بأن مواطني الدولتين شعب واحد، وذلك في رد على سؤال لمحاوره خلال المنتدى يخص تقدّم الجيش الروسي باتجاه أماكن جديدة في أوكرانيا تتجاوز حدود المناطق التي تدعي روسيا أحقيتها بها. وقال بوتين: "أعتقد أن الشعبين الروسي والأوكراني شعب واحد. ووفق هذا المنظور، أوكرانيا كلها لنا. أينما وطئت أقدام الجيش الروسي، فهي لنا".
وأشار إلى أن روسيا تتحرك وفق الحقائق القائمة، وبوجود أوكرانيين عددهم ليس بالقليل يسعون لضمان سيادتهم واستقلالهم، قائلاً: "لا نشكك في حق الشعب الأوكراني في الاستقلال والسيادة". واستدرك: "لكن الأسس التي أصبحت عليها أوكرانيا دولة مستقلة تم ذكرها ووردت في إعلان الاستقلال عام 1991، وجاء فيه أن أوكرانيا دولة محايدة خارج التكتلات، وحبذا لو عادوا إلى هذه المبادئ التي نالت بها أوكرانيا استقلالها". وذكر بوتين أن روسيا لا تسعى إلى "إخضاع" أوكرانيا، قائلاً: "نطالب بقبول الحقائق على الأرض".
بوتين لا يستبعد سيطرة روسيا على مدينة سومي الأوكرانية
وفي حديثه عن تقدم الجيش الروسي في منطقة سومي الأوكرانية، قال بوتين: "علينا إنشاء منطقة أمنية على طول الحدود، لأنهم (الجنود الأوكرانيين) يشنون هجمات مستمرة من هناك بالمدفعية والطائرات المسيرة". وتتقدّم القوات الروسية على الجبهة منذ أكثر من عام في إطار هجوم واسع النطاق بدأته في أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، وحققت مؤخراً اختراقاً في منطقة سومي الأوكرانية المتاخمة لروسيا.
وقال بوتين خلال نقاش في المنتدى المعروف بـ"دافوس الروسي" "لا نهدف إلى السيطرة على سومي، ولكن مبدئياً، لا أستبعد ذلك". وأضاف بوتين متحدثاً عن القوات الأوكرانية "يشكّلون تهديداً دائماً لنا، ويقصفون المناطق الحدودية باستمرار". وتعرّضت مدينة سومي الواقعة على بُعد حوالي 30 كيلومتراً من الحدود الروسية لقصف واسع النطاق منذ بدأت روسيا هجومها، وباتت موسكو تحتل حالياً 20% من مساحة أوكرانيا وتطالب بانسحاب قوات كييف من أربع مناطق أعلنت ضمها، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم.
وفي حديثه عن احتمال استخدام أوكرانيا "قنبلة قذرة" ضد روسيا، قال بوتين: "ليس لدينا أي معلومات تُؤكد ذلك. ومع ذلك، سيكون استخدام أوكرانيا لقنبلة قذرة خطأ فادحاً. عقيدتنا النووية تتطلب منا الرد بالمثل وفي جميع الأوقات. سيكون ردنا على ذلك قاسياً للغاية وسيكون كارثياً على النظام النازي الجديد"، وفق زعمه. وكتب وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا على منصة "إكس" أن "تصريحات بوتين الخبيثة تُظهر ازدراء مطلقاً لمساعي السلام الأميركية (...) السبيل الوحيد لحمل روسيا على السلام هو حرمانها من شعورها بالإفلات من العقاب".
على الصعيد الدبلوماسي، وصلت المحادثات بين البلدين التي بدأت بدفع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى طريق مسدود بعد جولتين من المفاوضات في إسطنبول فشلتا في التوصل إلى وقف لإطلاق النار يفضي إلى إنهاء صراع أودى بعشرات الآلاف خلال ثلاث سنوات ونيّف. ورفضت روسيا الهدنة "غير المشروطة" التي سعت إليها أوكرانيا، ووصفت كييف من جانبها مطالب موسكو بأنها "إنذارات".
ويرفض بوتين المشاركة في محادثات السلام شخصياً، وأعلن الخميس أنه لن يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلا خلال "المرحلة الأخيرة" من المفاوضات. ويصرّ بوتين على تخلي أوكرانيا عن الأراضي التي أعلنت موسكو ضمّها، في حين ترفض كييف أي احتلال روسي لأراضيها. ونفى بوتين الجمعة دعوته أوكرانيا "إلى الاستسلام". وقال "لا نسعى للتوصل إلى استسلام أوكرانيا. نحن نصر على الاعتراف بالحقائق التي ظهرت على الأرض"، مؤكداً أن موسكو تتقدم "على كل الجبهات".
من ناحية أخرى، أعلن بوتين عزمه تزويد الجيش الروسي بتقنيات حديثة، وقال: "نهدف إلى تطوير التعاون العسكري التقني مع الدول الصديقة. لا أتحدث هنا عن توريد الأسلحة أو تحديثها فحسب، بل أيضاً عن مشاريع مشتركة، وتدريب الكوادر، وإنشاء مشاريع جاهزة ومنشآت إنتاجية". وذكر بوتين أن روسيا والصين لا تُنشئان نظاماً عالمياً جديداً، بل "نحن نضفي عليه طابعاً رسمياً فحسب، لأن هذا التغيير يحدث بشكل طبيعي" بحسب قوله.
(الأناضول، رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

Related News



