
تقدم البنوك البريطانية معدلات من الفائدة العالية غير المعتادة لجذب الودائع النقدية، في أحدث دليل على تأثير تخفيض ميزانية بنك إنكلترا (BOE) على تقليص السيولة في النظام المالي، وفقاً لتقرير أوردته بلومبيرغ الجمعة. ووفقاً لبيانات مؤشر سعر الفائدة لليلة واحدة بالجنيه الإسترليني (SONIA) التي نُشرت اليوم، فقد وصلت المعدلات التي تعرضها البنوك الأكثر حرصاً على جذب الودائع قصيرة الأجل إلى مستوى معدل الفائدة الرئيسي لبنك إنكلترا للمرة الأولى منذ مايو/أيار 2020، باستثناء زيادة قصيرة عند نهاية العام الماضي، علماً أن هذا المؤشر يُمثل متوسط تكلفة الاقتراض بين المؤسسات المالية.
وبحسب الشبكة الأميركية، تشير البيانات إلى أن البنوك مستعدة لتقديم معدلات أعلى لجذب السيولة من العملاء مع استمرار بنك إنكلترا المركزي في تقليص السيولة عبر خفض حيازاته من السندات وإنهاء برامج القروض، فيما تتزامن هذه المؤشرات مع علامات أخرى على زيادة الطلب على السيولة الفائضة، بما في ذلك استخدام قياسي لمرفق إعادة الشراء (ريبو) التابع للبنك بقيمة 70 مليار جنيه إسترليني (94 مليار دولار) أمس الخميس.
وتعكس هذه التطورات التوازن الحذر الذي يسعى مسؤولو البنك المركزي لتحقيقه أثناء تقليل السيولة الوفيرة التي هيمنت على الأسواق لسنوات. ونقلت بلومبيرغ عن المديرة التنفيذية للسوق في بنك إنكلترا، فيكي سابورتا، حثها المقرضين على زيادة استخدام التسهيلات الروتينية للبنك لتجنّب أي ضغوط محتملة في الأسواق مع استمرار البنك في تخفيض ميزانيته، كما نقلت الشبكة عن الاستراتيجي في بنك باركليز، معين إسلام، قوله: "إنها مؤشرات إضافية على أن ظروف السيولة أكثر ضيقاً مما يعتقد بنك إنكلترا".
ويُعد تقارب معدلات الفائدة هذا أمراً غير معتاد، إذ كان من المتوقع في ظل وفرة السيولة التي وفرتها عمليات شراء السندات أن تدفع البنوك لعملائها معدلات أقل من معدل البنك، لتعكس قلة الحاجة لجذب السيولة، ما كان يسمح لها بجني أرباح من فرق السعر بين معدل الفائدة المدفوع للعملاء ومعدل الفائدة الذي تحصل عليه عند إيداع الأموال لدى بنك إنكلترا.
ويواجه البنك المركزي نقطة حرجة مع تقليص ميزانيته من السندات الحكومية بمعدل 100 مليار جنيه إسترليني (135 مليار دولار) سنوياً من خلال مزيج من عدم إعادة استثمار العوائد من السندات المستحقة البيع والمبيعات النشطة، وقد تكهن المحللون بأن البنك قد يبطئ هذا التيسير النقدي الكمي من أكتوبر، مع اقترابه من النطاق الأدنى المفضل للاحتياطيات (PMRR).
وأوضح إسلام أن "هناك أدلة متزايدة على أن السوق يقترب من حالة توازن في الاحتياطيات، مما يثير التساؤل حول الحاجة لمزيد من التيسير النقدي الكمي النشط".
ويهدف البنك المركزي إلى تقليل اعتماد الأسواق على السيولة الوفيرة الناتجة عن سنوات شراء السندات الحكومية، وتوفير السيولة عبر عمليات إعادة الشراء (ريبو) بدلاً من ذلك. ويزيد هذا التحول من مخاطر تقلبات السوق، إذ يراقب المسؤولون أسواق المال بالجنيه الإسترليني بحثاً عن مؤشرات توتر محتملة.
وذكر البنك أنه يراقب الفرق بين مؤشر SONIA الرئيسي، الذي يمثل متوسط معدلات ودائع الليلة الواحدة المقدمة من البنوك، ومعدل الفائدة الرئيسي للبنك. ومنذ بداية العام الحالي، بدأ مؤشر SONIA يقترب تدريجياً من معدل البنك، لكنّه لا يزال أقل بحوالى ثلاث نقاط أساس. وبالتعمق في بيانات SONIA، وصل أعلى 10% من المعاملات (الأكثر استعداداً لقبول الودائع) إلى معدل 4.25% اليوم الجمعة، وهو ما يعادل معدل الفائدة الرئيسي للبنك، أو المبلغ الذي يمكن للمقرضين الحصول عليه عند إيداع الأموال لدى البنك المركزي.
