
نفّذ قمران اصطناعيان مُجهزان بتكنولوجيا أوروبية الكسوف الاصطناعي الشمسي بدقة عالية، ما أتاح للعلماء رؤية لا مثيل لها لهالة الشمس الحارقة. وطوّرت وكالة الفضاء الأوروبية المسبارين بالتعاون مع أكثر من 40 شركة متخصصة في تكنولوجيا الفضاء. وأُطلقت بعثة "بروبا 3" من مركز ساتيش داوان الفضائي الهندي العام الماضي، ويمكن أن تُمثل هذه البعثة بداية عهد جديد في علوم الشمس.
مشكلة هالة الشمس
هالة الشمس هي الجزء الخارجي من غلافها الجوي، وتصل حرارتها أحياناً إلى مليوني درجة مئوية، وهي منطقة مضطربة من الغازات المشعة شديدة الحرارة، ومصدر للعواصف الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية التي يمكن أن تُعطل الاتصالات على الأرض، وتُنتج عروضاً خلابة للشفق القطبي. وعادةً ما تكون الهالة الشمسية مرئية للعين المجردة فقط في أثناء الكسوف الكلي للشمس، ما يمنح العلماء فرصة قصيرة لدراستها، لكن إنجاز "بروبا 3" سيغير ذلك.
ملخص فكرة "بروبا 3"
يدور القمران الاصطناعيان حول الأرض. أحدهما هو "أكولتر"، الذي يعمل كقمر في كسوف الشمس على الأرض، بحيث يحجب الشمس ليسمح للقمر الاصطناعي الثاني، "كوروناغراف"، برؤية هالة الشمس. ينقل موقع ذا نيكست ويب عن أندريه جوكوف من المرصد الملكي البلجيكي أنه "يمكننا إحداث كسوفنا مرة واحدة كل 19.6 ساعة مدارية، بينما يحدث الكسوف الكلي للشمس بشكل طبيعي مرة واحدة تقريباً، ونادراً ما يحدث مرتين في السنة". وبينما الكسوف الكلي الطبيعي لا يستمر سوى بضع دقائق، يمكن لـ"بروبا 3" الحفاظ على كسوفه الاصطناعي لمدة تصل إلى ست ساعات. ويمكن لكلا القمرين الاصطناعيين البقاء على مسافة مثالية من بعضهما ومع الشمس بدقة تصل إلى ملليمتر واحد، وكل ذلك في أثناء الدوران حول الأرض بسرعة كيلومتر واحد في الثانية.
الكسوف الاصطناعي بجهد أوروبي موحد
تعتمد دقة المشروع على الابتكارات المشتركة لشركات أوروبية عدة. قدمت شركة هولندية ناشئة أجهزة استشعار تتتبع موقع الشمس باستمرار بدقة تصل إلى أجزاء من الدرجة. وأضاف مهندسو شركة أيرلندية أجهزة استشعار ضوئية شديدة الحساسية، تقيس التحولات الطفيفة في ظل الشمس عبر هيكل القمر الاصطناعي لضبط موقعها بدقة في أثناء الكسوف. هذا بينما تقدّم شركة بولندية أنظمة حاسوبية تتحكم في المركبات الفضائية، ويُسهم برنامجها في أنظمة التحكم في تشكيل المسبار. وجميع هذه التقنيات جزء من جهد أوروبي لجعل كسوف الشمس الذي يستمر ست ساعات في المدار ليس ممكناً فحسب، بل قابلاً للتكرار.
