يمن مونيتور/ مأرب/ خاص:
كشفت دراسة حديثة صادرة عن “مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية” (HCSS) أن التهديد الذي يشكله الحوثيون في البحر الأحمر بات في عام 2025 أكثر خطورة وتعقيداً مما كان عليه عند اندلاع الأزمة في 2023.
ورغم انخفاض وتيرة الهجمات، إلا أن الجماعة طورت ترسانة سلاح متقدمة، ووسعت نطاق عملياتها الجغرافي، ودخلت في تحالفات “ربحية” عابرة للحدود مع تنظيمات إرهابية مثل “القاعدة” و”حركة الشباب” الصومالية.
تحولات التهديد: فتك أكبر ونطاق أوسع
تشير الباحثة “إليونورا أرديماني”، الخبيرة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI)، في دراستها المنشورة بمركز لاهاي، إلى أن عام 2025 شهد انخفاضاً في وتيرة الهجمات الحوثية، لكنها أصبحت “أكثر فتكاً”.
ويعود تراجع عدد الهجمات إلى عدة عوامل، أبرزها: الضربات الجوية الأمريكية والإسرائيلية على مناطق سيطرة الحوثيين. وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في أكتوبر 2025. ووجود البعثات البحرية الدولية مثل “حارس الازدهار” و”أسبيدس”.
ومع ذلك، أكدت الدراسة، التي أطلع عليها “يمن مونيتور”، أن القدرات الهجومية للحوثيين تحسنت بشكل ملحوظ مقارنة بـ 2023، حيث باتت أسلحتهم قادرة على الوصول إلى البحر المتوسط وفقاً لتقديرات البنتاغون. ويمتد نطاق التهديد الحالي من “ينبع” شمال البحر الأحمر وصولاً إلى أرخبيل سقطرى في بحر العرب. كما تنوعت الترسانة لتشمل صواريخ باليستية مضادة للسفن وقوارب مسيرة انتحارية (WBIED) استُخدمت بفعالية متزايدة.
مثلث التهديد: الحوثي، القاعدة، والشباب
وترسم الدراسة صورة قاتمة لتعاون “انتهازي” متزايد بين الحوثيين والجماعات المسلحة في القرن الأفريقي واليمن. ووفقاً لخبراء الأمم المتحدة، فإن التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية يتضمن تهريب الأسلحة، والتدريب الفني، وتبادل الدعم اللوجستي.
حيث أصبح الحوثيون “الموردين الرئيسيين” والمتحكمين في أنشطة التهريب مع حركة الشباب وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. يشمل هذا التعاون نقل طائرات مسيرة، وصواريخ حرارية، وعبوات ناسفة، بالإضافة إلى التدريب العملياتي.
وتلعب منطقة القرن الأفريقي، وخاصة الصومال، دوراً محورياً كـ “مركز ترانزيت” لإمدادات الأسلحة المتجهة إلى الحوثيين، والتي غالباً ما تكون إيرانية المنشأ. وقد أدى تزايد عمليات اعتراض السفن من قبل خفر السواحل اليمني في عام 2025 إلى كشف الدور الحيوي الذي يلعبه تهريب الأسلحة والوقود والمخدرات في تمويل بقاء الحوثيين واستمرار عملياتهم الهجومية. هذا التحول نحو العمل كـ “موردين رئيسيين” للسلاح في المنطقة يمنح الحوثيين نفوذاً يتجاوز حدود الصراع اليمني الداخلي.
التأثيرات الاستراتيجية على السعودية ودول الخليج
تؤكد الدراسة أن المملكة العربية السعودية لا تزال عرضة للهجمات التي تستهدف أراضيها ومصالحها في الممر المائي، رغم التزام الأطراف بهدنة “غير رسمية” منذ أبريل/نيسان 2022. وقد تأثرت الموانئ الغربية السعودية بشدة جراء تغيير مسار السفن؛ حيث سجل ميناء جدة انخفاضاً بنسبة 33% في حجم التجارة عام 2024، بينما انكمش النشاط في ميناء الملك عبدالله بنسبة 82%.
وتلفت أرديماني النظر إلى أن الرياض، رغم امتلاكها “رؤية” للبحر الأحمر تركز على الازدهار الاقتصادي والمشاريع الكبرى (مثل رؤية 2030)، إلا أنها لا تزال تفتقر إلى “استراتيجية أمنية شاملة” وعابرة للأقاليم قادرة على مواجهة عدم الاستقرار المتزايد. كما أخفق مجلس التعاون الخليجي في صياغة نهج موحد بسبب تباين الأجندات السياسية والمنافسات البينية. وحتى “مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر” الذي تقوده السعودية لم يحقق نتائج ملموسة، كما ظهر جلياً في تدريبات “موج الأحمر 8” التي غاب عنها نصف أعضاء المجلس في نوفمبر/تشرين الثاني 2025.
- فورين أفيرز: تحركات “المجلس الانتقالي” تهدد بإشعال حرب أهلية جديدة وتمنح الحوثيين تفوقاً استراتيجياً
-
“اللعب بالنار”.. كيف تهز المغامرة الإماراتية شرق اليمن وحدة البيت الخليجي؟.. خبراء يجيبون
خيارات السياسة والتعاون الأوروبي الخليجي
ترى الدراسة أن الوقت بات مناسباً لتعزيز التنسيق بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي، خاصة مع تولي قبرص رئاسة الاتحاد في يناير 2026 والقمة المرتقبة في الرياض خريف العام ذاته.
وتقدم الدراسة عدة مقترحات بينها: الأول، دعم خفر السواحل اليمني: وتعتبر هذه الخطوة الأهم، بتعزيز الدعم المنسق لخفر السواحل اليمني (YCG) لاعتراض الأسلحة المهربة وتأمين السواحل، مما يساهم في إضعاف القدرات الهجومية للحوثيين ويسمح للحكومة باستئناف تصدير النفط.
كما تقترح أرديماني استكشاف توسيع الاتفاقيات القائمة، مثل اتفاقية التكامل الأمني والازدهار (C-SIPA) التي تضم البحرين والولايات المتحدة وبريطانيا، لتشمل دولاً أوروبية وسعودية كنموذج لإطار أمني متعدد الأطراف.
والاقتراح الثالث: يجب أن يشمل “حوار الأمن الإقليمي” بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي قضايا أمن الكابلات البحرية وسلاسل توريد المعادن.
والرابع: تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية، بتجاوز عقبات مشاركة المعلومات بين دول مجلس التعاون لرفع مستوى الجاهزية ضد التهديدات متعددة الأوجه.
تأتي هذه التحذيرات في وقت يشهد فيه اليمن حالة من “اللاسلم واللاحرب”، حيث يستغل الحوثيون تفوقهم العسكري النوعي الذي اكتسبوه خلال فترة الأزمة لفرض قواعد اشتباك جديدة، مستفيدين من حالة التشرذم الإقليمي وضعف التنسيق في تأمين الممرات المائية الدولية، وهو ما يجعل من عام 2026 عاماً حاسماً لتحديد مستقبل أمن الملاحة في واحد من أهم ممرات التجارة العالمية.
The post “أبعد من إيران”.. دراسة أوروبية تكشف عن “تحالفات انتهازية” للحوثيين مع القاعدة والشباب الصومالي appeared first on يمن مونيتور.
أخبار ذات صلة.