يمن مونيتور/ الرياض/ خاص:
كشف بدر باسلمة، مستشار رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، يوم الخميس، عن تحول استراتيجي في الموقف السعودي تجاه التصعيد الأخير في المحافظات الشرقية، مؤكداً أن الرياض انتقلت من “الاحتواء الدبلوماسي” إلى “الحزم المباشر” بوضع خطوط حمراء أمام التحركات الأحادية للمجلس الانتقالي.
اعتبر المستشار بدر باسلمة، في مقابلة مع تلفزيون العربية تابعه “يمن مونيتور”، أن الموقف السعودي الأخير يمثل نقطة تحول جوهرية في إدارة الملف اليمني، حيث انتقلت المملكة من سياسة الدبلوماسية المرنة إلى وضع ضوابط حازمة تمنع أي مساس بشرعية مجلس القيادة الرئاسي.
وأوضح أن الرياض وجهت رسائل واضحة برفض أي إجراءات أحادية الجانب لم يتم التنسيق بشأنها مسبقاً، معتبراً أن هذا الحزم يهدف إلى حماية المسار التوافقي من الانهيار.
وأشار باسلمة إلى أن الموقف السعودي جدد الثقة الكاملة في مجلس القيادة الرئاسي كمظلة شرعية وحيدة، وهو ما يقطع الطريق أمام محاولات القفز على مؤسسات الدولة. هذا التوجه الإقليمي يعكس القلق من مغبة انزلاق المحافظات المحررة نحو صراعات بينية تخدم أجندات خارجية وتضعف الجبهة المواجهة للمشروع الحوثي.
وفي ذات السياق، كشف المستشار عن وجود اتصالات رفيعة المستوى تجري حالياً لاحتواء الموقف، إلا أنه انتقد استمرار “النهج المليشياوي” في التعامل على الأرض.
وأكد أن هناك فجوة تتسع بين الالتزامات السياسية للقيادة والتحركات العسكرية الميدانية التي تضرب عرض الحائط بالاتفاقات المبرمة تحت رعاية التحالف العربي.
ووصف باسلمة تحركات قوات المجلس الانتقالي باتجاه محافظتي حضرموت والمهرة بأنها كانت مفاجئة وغير متوقعة، ولم تخضع لأي نقاش داخل أروقة مجلس القيادة الرئاسي.
وأكد أن الرئيس رشاد العليمي لم يكن على علم بهذه الخطوات، مما يجعلها قرارات فردية تتحمل قيادة الانتقالي تبعاتها الكاملة، خاصة وأنها تمس مناطق ذات حساسية أمنية مرتبطة بالحدود الدولية.
وتطرق المستشار إلى الوضع الميداني المتدهور، مشيراً إلى وقوع اشتباكات في منطقة الشحر بحضرموت أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى نتيجة محاولة قوات الانتقالي تجاوز الخطوط المتفق عليها والاصطدام بحلف قبائل حضرموت.
ولفت باسلمة إلى أن ” المجلس الانتقالي أصلاً تكوين مليشياوي.. وأعتقد أن قيادة الانتقالي ليست مسيطرة على كل الأذرع على الأرض الموجودة عندها، وهناك تمرد حتى في محافظة عدن”.
كما شدد باسلمة على أن تبريرات الانتقالي بأن تحركه يهدف لحماية الجبهات هي تبريرات غير منطقية، إذ أن أي تحرك عسكري يجب أن يمر عبر القنوات الرسمية والعمليات المشتركة.
وأوضح أن السلوك الحالي يشبه إلى حد كبير سلوك الجماعات التي تفرض واقعاً بقوة السلاح ثم تبحث عن شرعنة سياسية لاحقاً لإضفاء صبغة قانونية على تحركاتها.
جذور الخلاف: الموارد والإصلاحات الاقتصادية
كشف باسلمة أن فتيل الأزمة اشتعل فعلياً عند بدء الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، وهو ما واجهه المجلس الانتقالي بمعارضة شديدة. وأوضح أن الخلاف تركز حول تغيير شخصيات في مواقع حساسة مرتبطة بالموارد المالية، حيث سعى الانتقالي لعرقلة هذه التعيينات وفرض أسماء موالية له لضمان السيطرة على التدفقات النقدية.
وأوضح المستشار أن الانتقالي قام بإصدار قرارات تعيين فردية لوكلاء محافظات ونواب وزراء دون الرجوع لرئاسة الدولة أو الحكومة، في محاولة واضحة لانتزاع صلاحيات المجلس الرئاسي. هذا الصراع على النفوذ الإداري والمالي يظهر أن الأهداف السياسية المعلنة للمجلس غالباً ما تخفي وراءها رغبة في الهيمنة على المؤسسات الإيرادية للدولة.
وأضاف أن محاولات عرقلة الإصلاحات تسببت في تفاقم المعاناة الاقتصادية، حيث يرفض الانتقالي أي آليات رقابية قد تحد من نفوذه المالي في المحافظات التي يتواجد فيها عسكرياً. هذا الموقف يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع التزامات الحكومة أمام المانحين الدوليين والمؤسسات النقدية العالمية التي تشترط الشفافية.
أزمة التمثيل والشرعية: الجنوب ليس فصيلاً واحداً
وفند باسلمة ادعاءات المجلس الانتقالي بتمثيل الجنوب بشكل كامل، مؤكداً أن القاعدة القيادية للمجلس تنحصر في مناطق محددة مثل الضالع ويافع وردفان، بينما تغيب بقية المكونات الجنوبية عن دائرة القرار الحقيقي.
وأشار إلى أن التمثيل الجنوبي داخل المجلس الانتقالي هو تمثيل شكلي في معظمه، ولا يعكس التنوع القبلي والسياسي الواسع في المحافظات الشرقية.
كما صحح المستشار السردية التاريخية المتعلقة بتحرير العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أنه كان الوزير الوحيد المتواجد في الميدان حينها، وأن من حرر المدينة هم المقاومة الشعبية بمساندة من الأشقاء في التحالف، ولم يكن المجلس الانتقالي قد تأسس بعد ككيان سياسي أو عسكري. رافضاً احتكار الانتقالي ورقة الاحتكار النضالي التي يستخدمها لفرض شروطه السياسية.
وفي الختام، دعا باسلمة الرئيس رشاد العليمي إلى ممارسة صلاحياته الدستورية بقوة وحزم أكبر، استناداً إلى الدعم الدولي والإقليمي ووحدة القرار اليمني. وأكد أن الضامن الوحيد لاستقرار المرحلة هو الالتزام باتفاق الرياض ومخرجات نقل السلطة، محذراً من أن أي خروج عن هذا التوافق سيواجه بموقف حازم من الجانب السعودي والمجتمع الدولي.
The post مستشار الرئاسة اليمنية “باسلمة” يكشف جذور الخلاف مع الانتقالي وسعيه لكسب الوقت وخطوط السعودية الحمراء appeared first on يمن مونيتور.
أخبار ذات صلة.