بزشكيان أمام تحديين
عربي
منذ يوم
مشاركة
يتصاعد في إيران الخلاف بين برلمان يهيمن عليه التيار الأصولي وحكومة الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، في مشهد يعكس غياب الإجماع بين الطرفين حول اتجاه الدولة داخلياً وخارجياً. يحدث ذلك في لحظة حرجة تمرّ بها البلاد تحت وطأة العقوبات المتجددة، وتضخم متصاعد يخنق الاقتصاد، وتوقعات بعدوان إسرائيلي محتمل، ما يجعل السياسة الإيرانية أمام اختبار لمرونتها وقدرتها على التماسك لمواجهة التحديات. منذ توليه الرئاسة قبل عام، رفع بزشكيان شعار "الوفاق الوطني" ساعياً لبناء جسر بين أجنحة السلطة عبر إشراك المحافظين في حكومته، أملاً في خلق وحدة سياسية داخلية. غير أن التجربة لم تنجح في ترسيخ الثقة المتبادلة بين التيارين، فبدت أقرب إلى تهدئة ظرفية منها إلى مصالحة بنيوية؛ إذ رأى ناشطون أن الوفاق لا يتحقق بمشاركة النخب داخل الحكم، بل بجسر الهوة بين السلطة والشارع. أما إصلاحيون فاعتبروها عائقاً أمام تنفيذ البرامج الإصلاحية بدون أن تكسب جميع أطياف المحافظين أيضاً. إلى ذلك، أطلقت "جبهة الصمود" المتشددة تحركات برلمانية ضد الحكومة مطالبة باستجواب أربعة وزراء في قطاعات الطرق والطاقة والعمل والزراعة، مع تركيز خاص على وزيرة الطرق والإسكان فرزانة صادق مالواجرد، المرأة الوحيدة في الفريق الوزاري. كما عاد الجدل حول قانون "الحجاب والعفاف" ليسخّن المعركة السياسية. المحافظون يرون أن مظاهر اللباس في الشوارع تجاوزت حدوداً مقبولة، منتقدين بشدة وقف تنفيذ القانون بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي بضغط من بزشكيان الذي يرى أن الإلزام يولّد رفضاً وانقساماً أكثر، بينما اعتبر خصومه ذلك ضعفاً في إدارة الدولة بما يهدد الثورة الإسلامية. ويغيب الإجماع في التصدي للملفات الساخنة داخلياً وخارجياً، من الاقتصاد والحجاب إلى التفاوض النووي والعلاقة مع الغرب، ما يستنزف طاقات إيران وقدرتها على المناورة. في الأثناء، قال بزشكيان، الخميس الماضي، إن الخطر الحقيقي من الداخل لا الخارج، مضيفاً: "أنا لا أخاف من أميركا ولا من إسرائيل، بل أخاف من الخلاف الداخلي؛ إذا اتحدنا نتغلب على كل المشكلات". يكشف هذا التصريح إدراكه لمعضلة الحكم وخطورة الخلافات السياسية وتبعاتها على الوضع فيما سخط الشارع يتزايد بعدما تجاوز الدولار حاجز المليون ومئة ألف ريال، وزادت أسعار السلع وتراجعت الطبقة الوسطى إلى حافة العجز. يشكل هذا الوضع ضغطاً مضاعفاً على بزشكيان الذي لم يتمكن من تنفيذ وعوده، فالعقوبات لم ترفع بل زادت، ورفع القيود عن الشبكات لم يتحقق بالكامل. هكذا يقف الرئيس الإيراني أمام سيفٍ ذي حدّين: محافظون عازمون على إضعافه، وشارع يزداد سخطاً بفعل أزماته المعيشية. وبين الفكين يتآكل مشروع "الوفاق الوطني" وتتعمّق أزمة الرؤية الموحدة لإدارة الدولة التي باتت بأمسّ الحاجة إلى وفاق سياسي حقيقي يحميها أمام الضغوط والتهديدات الخارجية غير المسبوقة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية