
عربي
بين تصاعد الرسوم الجمركية وتشديد القيود على المعادن النادرة، تقف العلاقات الأميركية الصينية على مفترق حساس يعكس توازناً دقيقاً بين التنافس والاعتماد المتبادل. وفي هذا المناخ المشحون، جاءت زيارة رئيس شركة آبل تيم كوك إلى الصين لتعيد إحياء لغة الحوار الاقتصادي، وسط خطاب سياسي متوتر، في محاولة لتخفيف الاحتقان وطمأنة المستثمرين إلى استقرار أكبر في واحدة من أهم العلاقات الاقتصادية في العالم.
وحضّت الصين في هذا السياق، على حوار "متكافئ" مع الولايات المتحدة وسط تصاعد الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين، وذلك تزامناً مع زيارة كوك إلى الدولة الآسيوية. وتزايدت التوترات بين بكين وواشنطن في الأسابيع الأخيرة بعدما فرضت الصين قيوداً واسعة على صادرات المعادن النادرة. ورداً على ذلك، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على واردات المنتجات الصينية اعتباراً من الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إلا أنّ لقاء محتملاً بينه وبين نظيره الصيني شي جين بينغ، قد يتيح فرصة للتراجع عن حافة المواجهة.
والتقى كوك الذي يزور الصين بانتظام بوصفهاً سوقاً رئيسية ومركزاً أساسياً لتصنيع منتجات "آبل"، وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو، أمس الخميس، بحسب بيان رسمي. وخلال الاجتماع، دعا وانغ البلدين إلى البحث عن حلول للمشاكل عبر الحوار والتشاور على أساس المساواة، وفق البيان، مضيفاً أنه يرحّب بزيادة استثمارات "آبل" في الصين. ونُقل عن كوك قوله إن العلاقات الاقتصادية الجيدة بين الصين والولايات المتحدة ذات أهمية كبيرة.
On the same day, Commerce Minister Wang Wentao met with @Apple CEO Tim Cook in Beijing. Wang said recent fluctuations in bilateral economic and trade relations have been caused mainly by the US side’s intensive rollout of new, restrictive measures targeting China following… pic.twitter.com/2FCtQ0Fp7G
— Xie Feng 谢锋 (@AmbXieFeng) October 16, 2025
كما التقى كوك نائب رئيس الوزراء هي ليفنغ، كبير المفاوضين التجاريين الصينيين، بحسب وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا". وخلال كلمة أمام مجلس أمناء كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة تسينغهوا التي يرأسها كوك، قال هي إنّ الصين مستعدة لتعميق التعاون المتبادل المنفعة مع دول العالم، وفق "شينخوا". كما زار بكين رئيس مجموعة "بلاكستون" ستيفن أ. شوارتزمان، والتقى وزير الخارجية وانغ يي، بحسب بيان رسمي.
وقال وانغ إنّ "العلاقات الصينية الأميركية هي أهم علاقة ثنائية في العالم اليوم"، مضيفاً أنّ "فك الارتباط وقطع العلاقات ليس خياراً واقعياً أو عقلانياً، والمواجهة لن تؤدي إلا إلى الإضرار بالطرفين". وبحسب البيان، أعرب شوارتزمان عن أمله في أن "يتمكن الجانبان من إزالة سوء الفهم القائم". ورغم التصعيد، تبقى احتمالية لقاء بين الرئيسين الأميركي والصيني واردة كفرصة لإعادة فتح قنوات التواصل وتخفيف حدة المواجهة. في هذا السياق، تمثل زيارات شخصيات اقتصادية بارزة مثل كوك وشوارتزمان، مؤشراً على رغبة الأطراف الاقتصادية في الحفاظ على جسور التعاون رغم الخلافات السياسية المتصاعدة.
وتعكس التحركات الاقتصادية الأخيرة في بكين رغبة صينية واضحة في توجيه رسالة مزدوجة: الانفتاح على الاستثمار الأجنبي من جهة، والدعوة إلى تهدئة التوترات مع الولايات المتحدة من جهة أخرى. وبينما تواصل واشنطن وبكين اختبار حدود القوة الاقتصادية المتبادلة، يبدو أن الشركات العالمية الكبرى، مثل "آبل" و"بلاكستون"، أصبحت لاعباً دبلوماسياً غير رسمي يسهم في إبقاء قنوات التواصل مفتوحة بين الجانبين.
(فرانس برس، العربي الجديد)
