
عربي
انفض حفل توقيع الاتفاق على خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لوقف الحرب في غزّة، وقيل ما قيل، وبدأت خطوات التطبيق التي لا يبدو أنها تسير بالسلاسة التي كان عرّابو الاتفاق يتوقّعونها. وقد ظهرت عراقيل كثيرة مع الأيام الأولى لبدء سريان وقف إطلاق النار. ولم يتوقّف الأمر على أزمة جثامين القتلى الإسرائيليين الذين كانوا موجودين في القطاع، بل انسحب على إدخال المساعدات وتوزيعها، وما بين ذلك من خروقات إسرائيلية لم تتوقف.
وأخيراً العودة إلى التلويح باستئناف العدوان على القطاع، سواء من ترامب نفسه أو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خصوصاً مع بروز تصريحات من حركتي حماس والجهاد الإسلامي برفض إلقاء السلاح، وهو ما اعتبره الرئيس الأميركي خرقاً لـ"تعهدات" حصل عليها مسؤولون أميركيون من "حماس" في شرم الشيخ، وهو ما نفته الحركة لاحقاً.
بعيداً عن هذه التطورات التي تهدد فعلياً بنسف الاتفاق، كانت هناك بعض أمور لافتة في حفل التوقيع في شرم الشيخ، بدءاً من الحضور والغياب والملحقين في اللحظات الأخيرة، على غرار الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، وصولاً إلى الحرص الأميركي على وضع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في صدارة الراعين للاتفاق وتنفيذه. ولعل هذه الملاحظة تستحق التوقف عندها أكثر من غيرها لما تحمله من أبعاد غير منظورة حالياً، وما تؤشر إليه من دور قد تلعبه مصر في المراحل المقبلة.
من المعلوم أن دور الوساطة الأساس في الوصول إلى الاتفاق على خطّة ترامب، والدفع بـ"حماس" لقبولها، لم يكن مصرياً، فمنذ اليوم الأول للمفاوضات الكثيرة التي حصلت خلال السنتين الماضيتين كانت قطر تؤدّي هذا الدور، في ظل الوجود المصري، والذي لا يمكن تطبيق أي اتفاقٍ من دونه، باعتبار مصر البلد الوحيد المحاذي لقطاع غزة، والمسيطر على المنفذ الحدودي المؤدّي إليه.
وحتى خلال الأيام الأخيرة السابقة لإبرام الاتفاق، كان هناك جهد ثلاثي في الدوحة (قطر ومصر وتركيا) لمنع انهيار التفاهمات التي حصلت في الولايات المتحدة، باعتبارها الفرصة الأخيرة لوضع حد لمعاناة قطاع غزّة وناسه، وهو ما حصل فعلاً، لتبدأ ترتيبات الحفل الذي أراده ترامب.
رغم ذلك، كان لافتاً التوجه الأميركي إلى تقديم الدور المصري على غيره، سواء بالتصريحات أو عبر زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ومستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر إلى القاهرة ولقائهما الرئيس المصري. ثم جاء التوقيع على الاتفاق في شرم الشيخ، وتصدّر ترامب والسيسي للحفل الخطابي.
من المفهوم أن هناك دوراً أساسياً لمصر في تطبيق الاتفاق، لكن هل هناك بنود خفية ستعمل مصر عليها في المراحل المقبلة؟ ربما، خصوصاً في نقطتين أساسيتين لم يتم ذكرهما في الاتفاق. ... على سبيل المثال، لم يذكر الاتفاق مقر قوات السلام الدولية المفترض أن تشكل وتشرف على الأمن في قطاع غزة. كان الحديث سابقاً أن القيادة الأميركية الوسطى (سينتكوم) ستكون مسؤولة عن هذه القوات، لكن من غير المنطقي أن تكون موجودة في مقرّ القيادة في البحرين، البعيدة آلاف الكيلومترات عن قطاع غزّة. لذا من المرجح أن تكون سيناء حاضنة لهذه القوة، في حال جرى تشكيلها، إذ لا يزال الأمر محل تشكك في ظل تعقيدات تطبيق الاتفاق.
وفي ما يخص إعادة الإعمار، ورغم أن الاتفاق أكّد رفض التهجير القسري لسكان القطاع، إلا أنه لم يتطرّق إلى الانتقال المؤقت إلى أماكن أخرى ريثما تنتهي ورشة البناء، وهو ما كان قد تحدّث به ترامب سابقاً قبل طرح خطته، وأشار بالتحديد إلى إنشاء مراكز إيواء في سيناء، التي خصها بأكثر من مشروع في خططٍ كان يطرحها منذ ولايته الأولى، بداية من صفقة القرن وصولاً إلى "ريفييرا غزّة".
أمام هذه التساؤلات، يمكن القول إن المراحل المقبلة للاتفاق ستظهر ما إذا كان هناك بنود خفية أم لا، هذا في حال قيّض لهذا الاتفاق أن يصل إلى محطّته الأخيرة.

أخبار ذات صلة.

تحدّيات لا بد من مواجهتها
العربي الجديد
منذ 22 دقيقة

اللاتواصل في زمن التواصل
العربي الجديد
منذ 23 دقيقة

أيام الجوع العالمية في غزّة والسودان
العربي الجديد
منذ 23 دقيقة