
عربي
وقعت قطر اتفاقية لإنشاء مكتب لمجموعة البنك الدولي في الدوحة "يخدم قطر ويدعم المنطقة"، وذلك في إطار تعزيز التعاون الثنائي ودعم جهود التنمية الاقتصادية الإقليمية. وقالت وكالة الأنباء القطرية (قنا) إن توقيع الاتفاقية بين وزارة المالية القطرية ومجموعة البنك الدولي جاء على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي المنعقدة في العاصمة الأميركية واشنطن خلال الفترة من 13 إلى 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وتأتي الاتفاقية تأكيدًا لحرص قطر على تعزيز شراكاتها الدولية مع المؤسسات المالية العالمية وتسريع تنفيذ برامج التنمية المستدامة التي تتبناها الدولة، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
ويوفر إنشاء مكتب البنك الدولي في قطر منصة متقدمة لتبادل الخبرات الفنية والمالية مع المؤسسات والمنظمات متعددة الأطراف، إضافة إلى تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى قطر نوعياً وكمياً، مع استمرار الإصلاحات والترويج الدولي والمنافسة على استقطاب الشركات الكبرى في القطاعات الحيوية والمستدامة. وقال الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة قطر جلال قناص، لـ"العربي الجديد"، إن الاتفاقية "ليست مجرد إضافة هيكلية، بل تمثل اعترافاً دولياً بمكانة قطر المتنامية، وتشكل نقطة انطلاق جديدة لتعزيز التعاون الثنائي ودعم جهود التنمية الاقتصادية ليس في قطر فحسب، بل في المنطقة بأسرها".
وأوضح قناص أن قرار البنك الدولي، وهو مؤسسة مالية عالمية ذات ثقل، بافتتاح مكتب يخدم المنطقة من الدوحة، يؤكد "الدور المحوري الذي تلعبه قطر كمركز إقليمي رائد في مجالات التنمية الاقتصادية والمالية، كما يرسخ التزام الدولة بالانفتاح على الشراكات الدولية والعمل متعدد الأطراف لتحقيق أهداف التنمية المستدامة".
وتوقع الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة قطر أن يكون لافتتاح هذا الفرع "انعكاسات إيجابية عميقة على الواقع النقدي والاقتصادي في قطر، تتجاوز مجرد الحضور الجغرافي، إذ سيعزز المكتب الجديد قدرة قطر على تسريع تنفيذ رؤية قطر الوطنية 2030، التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام بعيداً عن الاعتماد الكلي على عائدات الطاقة. كما سيعمل على دعم أولويات التنمية في القطاعين العام والخاص، لا سيما في مجالات حيوية مثل تعزيز رأس المال البشري، وخلق فرص عمل جديدة، وتنويع الاقتصاد، وتشجيع النمو المستدام من خلال تحفيز الاستثمارات وتسهيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص".
وذكر المتحدث ذاته أن المكتب "يوفر منصة متقدمة لتبادل الخبرات الفنية والمعارف العالمية بين الخبراء القطريين والبنك الدولي، وفي الوقت نفسه يتيح لقطر الاستفادة من أفضل الممارسات الدولية في مجالات الإدارة المالية العامة، وتطوير البنية التحتية، والإصلاحات التشريعية. ويساعد هذا التدفق للمعرفة في صقل الكفاءات المحلية وتعزيز قدرة المؤسسات القطرية على اتخاذ القرارات الاقتصادية والنقدية بناءً على تحليلات وبيانات عالية الجودة".
وعن دور المكتب في تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات، اعتبر الأستاذ في كلية الاقتصاد أن وجود مؤسسات ضمن مجموعة البنك الدولي، مثل مؤسسة التمويل الدولية (IFC) والوكالة الدولية لضمان الاستثمار (MIGA)، في الدوحة، "يبعث برسالة قوية إلى المجتمع الاستثماري العالمي حول الاستقرار والموثوقية التي تتمتع بها البيئة الاستثمارية في قطر". وأضاف أن ذلك "سيسهل على الشركات القطرية التوسع في الأسواق الناشئة، ويجذب رؤوس الأموال الأجنبية، ويدعم جهود الدولة المستمرة في تبسيط إجراءات الأعمال وتحسين تصنيفها العالمي في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال".
وأشار إلى أهمية المكتب على الصعيد الإقليمي، إذ لن تقتصر أهميته على الداخل القطري، فالبيان واضح في أن المكتب سيقوم بدور إقليمي "يدعم المنطقة"، ما يعكس الثقل المالي لقطر وقدرتها على المساهمة في التنمية الإقليمية بصفتها مركزاً للتمويل الإنمائي. وأوضح أن الدوحة "ستصبح مركزًا لتبادل الآراء حول التطورات الاقتصادية العالمية والإقليمية، ونقطة انطلاق لتمويل المشاريع التنموية الإقليمية، خاصة في ضوء الشراكة القائمة بين قطر والبنك الدولي لدعم قضايا عالمية مثل توسيع نطاق الوصول إلى التعليم الجيد".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن المكتب "سيلعب دوراً في تعزيز الاستقرار المالي الإقليمي من خلال تبادل وجهات النظر وبناء قدرات الدول المجاورة على مواجهة الصدمات الاقتصادية، مما يعزز الاستقرار الكلي في المنطقة، وهو أمر ذو أهمية خاصة لدولة ذات اقتصاد مفتوح مثل قطر". ويمثل افتتاح مكتب البنك الدولي في الدوحة، وفق قناص، تتويجاً لجهود قطر في بناء شراكات دولية قوية ومؤثرة، و"خطوة تؤكد الثقة العالمية في متانة الاقتصاد القطري ونظامه المالي. والأهم من ذلك أنه يعزز دور الدوحة كجسر يربط بين الخبرات والموارد العالمية واحتياجات التنمية في منطقة الشرق الأوسط، ما يضع قطر في طليعة الدول الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام والتعاون الدولي الفعّال".
وتعد المكاتب الإقليمية للبنك الدولي في منطقة الخليج محدودة، إذ يقتصر الحضور على دور تقني في بعض العواصم مثل الرياض وأبوظبي عبر بعثات أو وحدات متخصصة، بينما يُعد إنشاء مكتب فعلي في الدوحة خطوة نوعية ونادرة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، تمنح قطر أفضلية تنافسية في استقطاب المشاريع الإقليمية وتجعلها مركزًا لتحفيز التعاون بين البنك الدولي وحكومات المنطقة في مشاريع التنمية والسياسات الإصلاحية. وتشير التوقعات الاقتصادية للبنك الدولي إلى أن نمو الاقتصاد القطري سيبقى مستقرًّا عند نحو 2.4% في عام 2025، مع احتمالية تسارع النمو بعد توسعة حقل الشمال للغاز المسال، إضافة إلى توقعات بدور قوي للقطاع غير النفطي في تعزيز مرونة الاقتصاد المحلي.

أخبار ذات صلة.

تحدّيات لا بد من مواجهتها
العربي الجديد
منذ 30 دقيقة

اللاتواصل في زمن التواصل
العربي الجديد
منذ 31 دقيقة

أيام الجوع العالمية في غزّة والسودان
العربي الجديد
منذ 31 دقيقة