
عربي
قال مسؤول أردني، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، إن العمل جار حالياً على استكمال منظومة التشريعات اللازمة لضبط عمل الأصول الافتراضية، بما في ذلك العملات الرقمية، وذلك بعد صدور القانون الخاص بتنظيم هذا النشاط. وبحسب المسؤول، فإن مجموعة من الأنظمة والتعليمات ستصدر بعد إقرار القانون، بهدف تنظيم التعامل بالأصول الافتراضية والعملات الرقمية وضبطه، بما يضمن حماية جميع الأطراف والمتعاملين، وتفادي المخاطر، إضافة إلى ضمان التوافق مع الممارسات والمعايير الدولية في هذا المجال.
وكان محافظ البنك المركزي الأردني عادل شركس قد أكد أهمية وضع أسس قانونية وتنظيمية لترخيص المنصات الإلكترونية التي ستتيح للمواطنين الأردنيين شراء العملات الافتراضية. وبيّن أن هذه المنصات سيجرى ترخيصها ومراقبتها من قبل هيئة الأوراق المالية لضمان الشفافية وحماية المستثمرين، مشيراً إلى أن القرار ينسجم مع رؤية الأردن في تعزيز الاقتصاد الرقمي ودعم الابتكار، وأن الإطار التنظيمي الجديد سيعمل على ضبط المخاطر المرتبطة بهذه الأصول، مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بما يتماشى مع توصيات مجموعة العمل المالي (FATF).
كذلك أوضح أن ترخيص هذه المنصات سيوفر للبنوك إمكانية التعامل معها، حيث ستكون مرتبطة بمنصات عالمية معتمدة، فيما ستتولى هيئة الأوراق المالية مراقبة العملية بأكملها لضمان إتمامها في بيئة استثمارية شفافة وآمنة للمواطنين الأردنيين. وأضاف أن الأصول الافتراضية تشمل العملات الرقمية، مثل "البيتكوين"، وأن الترخيص سيسهم في حماية المواطنين من عمليات الاحتيال، وضمان التعامل مع منصات معتمدة وآمنة، معتبراً هذه الخطوة مرحلةً مهمة نحو تنظيم الأصول الرقمية في الأردن، بما يعزز مكانة البلاد كوجهة استثمارية رقمية آمنة.
من جانبه، نبّه الخبير الاقتصادي منير دية إلى خطورة شركات البورصات الوهمية والعملات الرقمية التي كبّدت الأردنيين خسائر بمئات الملايين من الدنانير خلال العامين الماضيين، موضحاً أن تلك الشركات تمارس أنشطة غير قانونية عبر فتح مقار وفروع داخل الأردن وجمع أموال طائلة بحجة التداول في البورصات العالمية. وقال دية لـ"العربي الجديد" إن التعامل مع هذه الشركات ما زال يحظى بإقبال واسع من الأردنيين، مقدّراً عددهم بنحو 250 ألف شخص خلال العامين الماضيين، يسعون لتحقيق أرباح سريعة كما تدعي تلك الشركات. وأوضح أن القانون المنظم لعمل شركات العملات الرقمية صدر قبل نحو ثلاثة أشهر فقط، مؤكداً أنه رغم أهميته جاء متأخراً، بعد أن تكبّد المواطنون خسائر فادحة بسبب غياب الرقابة والتشريعات في السنوات السابقة.
وقدر دية، استناداً إلى معلومات متاحة، أن حجم الأضرار التي لحقت بالأردنيين نتيجة التعامل مع الأصول الافتراضية والعملات الرقمية خلال العامين الماضيين بلغ نحو 700 مليون دولار، إضافة إلى تهريب حوالي 350 مليون دولار إلى الخارج، محذراً من أن هذه الممارسات تهدد مزيداً من الأفراد، وداعياً إلى التحرك العاجل لحماية المتعاملين والحد من أساليب النصب والاحتيال المنتشرة. وبيّن أن تلك الشركات تبدأ عادة بإعطاء أرباح وهمية للمستثمرين لتعزيز الثقة وتشجيعهم على زيادة استثماراتهم، لكنّها تغلق أبوابها وتختفي نهائياً عندما تتضخم المبالغ المستثمرة. وكان مجلس الوزراء الأردني قد قرّر مؤخراً وضع إطار تنظيمي وقانوني شامل وفق حوكمة واضحة للتعامل بالأصول الافتراضية والرقمية خلال عام واحد.
ويأتي القرار، بحسب بيان حكومي، لمواكبة التحوّلات في القطاع المالي العالمي، وفي مقدمتها دخول الأصول الرقمية التي تمثل فرصة للشباب الأردني المبدع للانخراط في الاقتصاد الرقمي، خصوصاً أنّ عدداً من أبرز منصات العملات الرقمية في المنطقة قد تأسس على أيدي أردنيين. وكلف مجلس الوزراء هيئة الأوراق المالية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد المتطلبات والشروط للجهات الراغبة في التعامل بالأصول الافتراضية، وتطوير الترتيبات القانونية والفنية اللازمة لترخيص واعتماد منصات التداول العالمية للأصول الرقمية، على أن تستكمل الإجراءات خلال عام واحد.
كما نفذ مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية دراسة أولية شاملة لتحديد المتطلبات الفنية والتقنية والمالية والتشريعية لتنظيم أنشطة هذه المنصات، وخلصت الدراسة إلى الحاجة إلى إطار تنظيمي لحوكمة التعامل بالأصول الرقمية يتماشى مع المعايير الدولية للأسواق المالية ومكافحة الجرائم المالية، مع الاستفادة من تجارب دولية ناجحة في هذا الإطار. ويتيح تنظيم هذا القطاع في الأردن فرصاً للدخول إلى الاقتصاد الرقمي العالمي وتحقيق مكاسب اقتصادية واستثمارية، بما يساهم في جذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل للشباب الريادي، على غرار تجارب الإمارات والبحرين وتركيا والولايات المتحدة ودول أوروبا واليابان.
وعرّف البنك المركزي الأردني العملات الافتراضية بأنها "قيمة رقمية يمكن تداولها أو تحويلها إلكترونياً واستخدامها للدفع أو الاستثمار"، موضحاً أنها لا تشمل التمثيلات الرقمية للعملات الورقية أو الأوراق المالية الصادرة من جهات مرخصة داخل الأردن، ومن أمثلتها عملة البيتكوين. وكان البنك المركزي الأردني قبل التوجه الحكومي الأخير نحو التنظيم، قد حذر من التعامل بهذه العملات لما تنطوي عليه من مخاطر مرتفعة تشمل تذبذب الأسعار والجرائم المالية والقرصنة الإلكترونية وفقدان القيمة، إلى جانب غياب الغطاء القانوني والتنظيمي، نظراً لعدم صدورها عن جهات معتمدة أو مرخصة قانونياً داخل المملكة.
