
عربي
تواجه فرق التنقيب العراقية تحديات كبيرة في مقبرة الخسفة الجماعية، التي تقع جنوبي مدينة الموصل، بسبب طبيعة المنطقة الجيولوجية الخطيرة، وانبعاث الغازات السامة من المقبرة واحتمال وجود عبوات ناسفة فيها، الأمر الذي يعرقل جهود استخراج رفات الضحايا الذين قتلهم تنظيم "داعش" الإرهابي خلال اجتياحه المدينة صيف عام 2014.
وأكد خبراء جيولوجيون من جامعة الموصل، أن الفرق الفنية تحتاج ما لا يقل عن عام أو عامين لإجراء عمليات التنقيب في المقبرة، وقال الخبير محمد حسن، في تصريح صحافي، أمس إن "الدراسة الجيولوجية للمقبرة التي تستغرق نحو ثلاثة أشهر ضرورية قبل أي تدخل ميداني، وذلك لضمان سلامة الفرق العاملة، لا سيما أن طبيعة أرض المقبرة هشة وقابلة للانجراف". مضيفا أن "هناك انبعاث غازات سامة من المقبرة، وخطورة وجود عبوات ناسفة غير منفجرة قد ألقاها عناصر داعش مع الضحايا"، مشيراً إلى أنه "من الممكن فتح بئر على بعد ثلاثة كيلومترات من المقبرة باتجاه ناحية حمام العليل جنوب الموصل، لاستخدامها "مرشّحاً" للمياه الجوفية المتدفقة من المقبرة باتجاه الينابيع، الأمر الذي قد يساعد في الكشف عن الرفات وضمان سلامة الفرق الفنية، إذ يصعب النزول إلى قاع المقبرة مباشرة".
وكانت السلطات العراقية قد بدأت منتصف أغسطس/آب الماضي أعمال فتح "مقبرة الخسفة" الجماعية الواقعة جنوب مدينة الموصل، والتي تُصنّف بأنّها أكبر مقبرة جماعية في البلاد، وتضمّ رفات مئات المدنيين والعسكريين الذين أعدمهم تنظيم "داعش" خلال سيطرته على مدينة الموصل بين عامَي 2014 و2017.
من جهته، دعا الناشط في المجال البيئي، أمجد الحيالي، الجهات المسؤولة الى "الاستعانة بجهود وخبرات دولية في عملية التنقيب"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن حجم المقبرة وخطورة المنطقة يتطلبان تنسيقاً وتعاوناً مع المنظمات الدولية المختصة في البحث والتنقيب، وتوفير آليات وتقنيات حديثة للتغلب على المصاعب التي تواجه الفرق العاملة عليها". وشدد، أن "الملف إنساني ولا يمكن تأخيره لفترات أطول، لذا فإننا نحتاج وضع خطط صحيحة لفتح المقبرة وعدم الاكتفاء بالتقنيات المتوفرة لدينا فقط".
الحديث المتواصل عن العقبات والصعوبات في فتح المقبرة واستخراج رفات الضحايا، يثير قلق ذويهم، ممن يطالبون بالكشف عن مصير أبنائهم، وسط انتقادات لضعف إدارة الملف من قبل الجهات المسؤولة. وقال الناشط الحقوقي، سفيان الحمداني، لـ"العربي الجديد"، "يجب تسريع وتيرة العمل في ملف الخسفة وإنهاء معاناة آلاف العائلات التي مازالت تجهل مصير أبنائها"، مؤكدا أن "التأخير في عمليات التنقيب يفاقم من آلام ذوي الضحايا". وشدد، أن "كل يوم تأخير يعني حرمان عائلة من معرفة مصير ذويها أو دفنه بكرامة"، مؤكدا أن "الملف أهمل في فترات سابقة وأن التأخير هو نتيجة طبيعية للإهمال وعدم وضع جدول زمني محدد لإنهائه".
وتعد مقبرة "الخسفة" التي تضم رفات 20 ألف شخص جميعهم من أبناء محافظة نينوى (شمال العراق) أعدمهم تنظيم "داعش" بعد اجتياحه المدينة منتصف العام 2014، شاهدا على ما عاشته محافظة نينوى من إجرام بشع في تلك السنوات. وتقع المقبرة جنوبي الموصل وهي عبارة عن حفرة عميقة تعد من أكبر المقابر الجماعية في البلاد.
