
عربي
لا يمر أسبوع من دون أن تتصدر قرية المغير، شمال شرقي مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، الأخبار، لا سيما تلك المرتبطة بعدوان الاحتلال الإسرائيلي عليها، وتكرار اعتداءات المستوطنين.
قدمت القرية التي يسكنها نحو 3360 شخصاً 13 شهيداً منذ انتفاضة الحجارة في عام 1987، من بينهم خمسة شهداء منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، آخرهم الشاب سعيد نعسان (20 سنة)، الذي استشهد برصاص مستوطنين في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، حُرم أهالي المغير من غالبية أراضيهم الزراعية، ومن أصل 43 ألف دونم، حُشروا في مساحة لا تزيد عن 950 دونماً، هي المنطقة السكنية، وفي مساحات محدودة من الأراضي.
يقول رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا، لـ"العربي الجديد": "تلامس القرية حدود الأغوار الفلسطينية، وتقع ضمن منطقة شفا الغور، شرق رام الله، وتعد امتداداً طبيعياً للأغوار، لذا كانت في مقدمة القرى والبلدات التي استهدفها الاحتلال عبر ما عُرف بـ(خطة ألون الاستيطانية) بعد عام 1967، والتي نصت على السيطرة على الأغوار، وبناء (شارع ألون) في نهاية سبعينيات القرن الماضي، والذي فصل القرية عن 90% من أراضيها".
يضيف أبو عليا: "واصل الأهالي منذ إنشاء هذا الطريق، وحتى قبل نحو عامين، الذهاب إلى أراضيهم متحدين كل الإجراءات الإسرائيلية والاعتداءات، وكسروا مرات أوامر صنّفت المنطقة بأنها عسكرية، أو منطقة تدريب عسكري ومناورات، وأغلقتها قوات الاحتلال لفترات متفاوتة، كما واصل الأهالي زراعة أراضيهم مهما كانت الظروف".
وقضم الاستيطان والشارع الاستيطاني ومعسكر للاحتلال نحو أربعة آلاف دونم من أراضي المغير، ثم اختلف الأمر تماماً بعد السابع من أكتوبر 2023، إذ أصبحت كل المساحات البالغة 43 ألف دونم محرمة على أصحابها، باستثناء 950 دونماً خاصة بالمنطقة السكنية، وذلك من دون صدور قرارات أو أوامر عسكرية بمصادرتها.
استغل المستوطنون وجيش الاحتلال الواقع الميداني السائد والحرب في غزة لإغلاق الطرق المؤدية إلى الأراضي الزراعية لقرية المغير، ومن بينها مدخلها الشرقي الذي يقود إلى شارع ألون الاستيطاني والأراضي التي تقع شرق الشارع، ثم بدأت عملية عزل عدد من العزب الزراعية والتجمعات البدوية التي تقع شرقي البلدة، وتكثفت اعتداءات المستوطنين على المزارعين والبدو الذين فرضت سلطات الاحتلال غرامات باهظة عليهم. ومع قطع الطرق حُرمت هذه التجمعات من الاحتياجات الأساسية، من بينها المياه، ثم كرّست الاعتداءات واقع التهجير، وأصبح شرق شارع ألون خالياً من الفلسطينيين.
وبعدما كانت بؤرة استيطانية واحدة موجودة على أراضي المغير قبل السابع من أكتوبر 2023، باتت تضم تسع بؤر حالياً، إضافة إلى بؤرة عاشرة قيد الإنشاء، ولم يكتفِ المستوطنون بالمنطقة الشرقية، إذ وصلت اعتداءاتهم إلى المنطقة الغربية التي تفصل القرية عن بلدات مجاورة، كما أغلق جيش الاحتلال طريق المغير الرئيسي الذي يربطها ببلدة ترمسعيا، ومنها إلى مدينة رام الله. وإضافة إلى البؤر الاستيطانية تضم أراضي المغير معسكراً لجيش الاحتلال منذ ثمانينيات القرن الماضي، وأقيمت أخيراً بؤرة استيطانية داخل حدود المعسكر.
ويوضح أمين أبو عليا قائلاً: "تدفع المغير ثمن الجغرافيا التي تجعلها ضمن مخططات الاستيطان المرتبطة بالسيطرة على الأغوار ووصل بؤر أنشئت أخيراً بمستوطنات قديمة، وتفريغ منطقة شرق رام الله والمنطقة المحاذية للأغوار من الفلسطينيين، ما يستدعي فرض ضغوط قوية على الأهالي".
ويتابع: "خرجت من القرية مجموعة فدائية في عام 1968، حين هدم الاحتلال سبعة منازل، ويعتبر هذا العدد كبيراً مقارنة بعدد السكان حينها، ومنذ ذلك التاريخ، لم تسلم القرية من الاعتداءات، خصوصاً في ظل رفض الأهالي كل إجراءات الاحتلال، ومقاومتهم لها، ومواجهتهم المستوطنين، وتنظيمهم فعاليات مناهضة للاستيطان. الشغل الشاغل للاحتلال والمستوطنين هو كسر إرادة أهالي القرية، إذ يعتقدون أن كسر المغير والسيطرة على أراضيها يُسهّل اتخاذ إجراءات ضد القرى المجاورة على خطها الجغرافي، لذا تزداد حدة الهجمات والعنف على القرية".
ولا يُخفي المستوطنون أملهم في تهجير أهالي المغير، وبعدما زعم الاحتلال حصول إطلاق نار في 24 أغسطس/ آب الماضي من داخل القرية، جرى اقتحامها لمدة ثلاثة أيام بأعداد كبيرة من الجنود، وتجريف مساحات كبيرة من الأراضي، واقتلاع نحو عشرة آلاف شجرة زيتون، ونشر المستوطنون على منصاتهم دعوات لتهجير المغير، حتى أنهم عرضوا نقل عفش أهالي المغير مجاناً لمن يريدون الرحيل طوعاً.
وقتل المستوطنون أربعة على الأقل من شهداء المغير منذ عام 2018 خلال هجمات عنيفة تعرضت لها القرية. وشهد إبريل/ نيسان 2024 أعنف هجمات للمستوطنين، إذ شن مئات منهم هجوماً استمر لساعت على القرية، واستشهد فيه جهاد أبو عليا، الذي كان موجوداً على سطح منزل قريبه عبد اللطيف أبو علي، للمساعدة في صد هجوم المستوطنين.
ويواصل جيش الاحتلال اعتقال 70 من أبناء القرية، علماً أن عدد المعتقلين وصل إلى 300 في فترات مختلفة، بعدما شن الاحتلال حرب الإبادة على غزة، ومن بينهم رئيس المجلس القروي أمين أبو عليا نفسه، الذي اعتقل لفترة خلال الشهر الماضي.
ويؤكد الأهالي أن هذه الوقائع مؤشر واضح إلى تكامل الأدوار بين جيش الاحتلال والمستوطنين من أجل تنفيذ المخططات الرامية إلى تهجير القرية، أو على الأقل عزلها وفصلها بالكامل عن أراضيها، والسيطرة على كل المناطق التي تطل على الأغوار الفلسطينية.

أخبار ذات صلة.

تحدّيات لا بد من مواجهتها
العربي الجديد
منذ 26 دقيقة

اللاتواصل في زمن التواصل
العربي الجديد
منذ 27 دقيقة

أيام الجوع العالمية في غزّة والسودان
العربي الجديد
منذ 27 دقيقة