موجة استقالات تضرب الأحزاب المصرية احتجاجاً على ترشيحات النواب
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
تصاعدت حدة الأزمات داخل الأحزاب المصرية، بالتزامن مع بدء تلقي أوراق المرشحين لانتخابات مجلس النواب المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إذ كشفت عملية تشكيل القوائم والترشيحات الانتخابية عن أزمات تنظيمية عميقة في أغلب الأحزاب، سواء المنضمة لتحالف "القائمة الوطنية" الموالي للنظام الحاكم، أو من خارج التحالف من أحزاب المعارضة. وتسبب اختيار المرشحين في القوائم المغلقة لأحزاب التحالف، وعلى النظام الفردي، في موجة استقالات واسعة واحتجاجات، من قبل أعضاء وقيادات حزبية رأوا في الاختيارات إهداراً لجهودهم وتجاهلاً لتمثيلهم، ما دفع بعضهم إلى إعلان ترشحهم مستقلين على المقاعد الفردية بدوائرهم، احتجاجاً منهم على آليات توزيع المقاعد، وارتباطها بقيمة المبالغ المالية التي يدفعها كل مرشح، بعيداً عن معايير الكفاءة والشعبية في الدائرة الانتخابية. وتحالف "القائمة الوطنية" مدعوم من أجهزة الدولة الأمنية، ويضم 12 حزباً موالياً للرئيس عبد الفتاح السيسي، أبرزهم مستقبل وطن، والجبهة الوطنية، والشعب الجمهوري، وحماة الوطن، والوفد. وأعلن نائب دائرة بورفؤاد بمحافظة بورسعيد حسن عمار استقالته من حزب "مستقبل وطن"، بسبب عدم حصوله على خطاب إعادة الترشح من الحزب لخوض الانتخابات، الذي قرر عدم الدفع بمرشح في الدائرة بمواجهة مرشح حزب "حماة وطن" تامر حمزاوي. وأعلن عمار الترشح مستقلاً في الدائرة منافساً للأخير، والمخصص لها مقعد واحد على النظام الفردي. وتقدم سبعة من أعضاء وقيادات "مستقبل وطن" في محافظة أسوان باستقالاتهم من الحزب، عقب إعلان قائمة مرشحيه لخوض الانتخابات على النظام الفردي، وفي مقدمتهم إدريس الحاج والشاذلي الزعيم وجلال أبو الحسن، الذين أعلنوا اعتزامهم الترشح في الانتخابات مستقلين عن دوائر أسوان وكوم إمبو ونصر النوبة. ولم يسلم حزب الجبهة الوطنية، الذي تأسس قبل تسعة أشهر فقط، من موجة الاستقالات التي ضربت قواعده، حيث تقدم النائب أحمد العقاطي باستقالته من الحزب من أجل الترشح مستقلاً، تحت ذريعة أن "الحزب لا يحقق طموحاته في خدمة أهالي دائرته وأبناء محافظته الوادي الجديد"، مشيراً إلى أن "انتمائه الحقيقي كان وما زال للشعب، وليس لحزب أو كيان سياسي محدد". كما استقال النائب السابق غريب حسان من حزب الجبهة الوطنية، الذي يشغل منصب أمينه العام في محافظة جنوب سيناء، بعد استبعاد اسمه من الأمانة المركزية للحزب للترشح على قوائمه، مؤكداً أن قرار ترشحه مستقلاً "جاء من أجل خدمة أبناء دائرته، التي تضم مناطق الطور ورأس سدر وأبو زنيمة وأبو رديس، بعيداً عن الالتزامات الحزبية". أيضاً استقال وكيل لجنة الطاقة بمجلس النواب محمد الجبلاوي من حزب الشعب الجمهوري، وأعلن ترشحه مستقلاً في الانتخابات عن الدائرة الأولى في محافظة قنا، بالإضافة إلى مساعد أمين الحزب في محافظة المنيا خالد حسن، الذي قدم استقالته قبل أيام إيذاناً بخوض الانتخابات عن دائرة مركز المنيا كمرشح مستقل. وقدم عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب ممدوح الحسيني استقالته من منصب الأمين العام المساعد لحزب حماة الوطن في محافظة الفيوم، نيابة عن جميع أعضاء أمانتي مركزي سنورس وسنهور، اعتراضاً على "تغليب المال السياسي على الكفاءة". وقال الحسيني في نص الاستقالة إنه "أنفق مبالغ هائلة منذ الانضمام إلى الحزب حتى يكون من أكبر الأحزاب على الساحة السياسية المصرية، ولكن للأسف قوبل كل ذلك بالإنكار والجحود، إثر استغناء الحزب عن كوادره في الترشيحات لصالح أصحاب المال السياسي". كذلك، استقال جميع أعضاء اللجان الفرعية لحزب حماة الوطن بمركز يوسف الصديق في الفيوم، بسبب "تخلي قياداته عن أبسط قواعد العمل السياسي، وتفضيلهم مرشحي المال السياسي من رجال الأعمال على حساب أبناء الحزب وكوادره، بما يمثل إهانة واضحة وخيانة لثقة الأشخاص التي ضحوا بسنوات من عمرهم في خدمة الحزب". وقدمت أمانة الحزب بمركز الوراق في محافظة الجيزة استقالة جماعية بكامل تشكيلها وأعضائها، اعتراضاً على قرار الحزب اختيار مرشحين من خارج صفوفه لانتخابات مجلس النواب. وذكر بيان الاستقالة أن "الحزب شهد في الفترة الأخيرة انفراداً من بعض قياداته بالقرارات المصيرية، وغياباً للعدالة في اختيار المرشحين من خارجه، ولأشخاص ليس لديهم أي وجود سابق داخل الحزب". وأكدت الأمانة، في البيان الذي حمل توقيع أمين التنظيم علاء المليجي، أن "الحزب تجاهل كوادره في أمانات الجيزة لصالح مرشحين لا يمثلون القواعد التنظيمية له". وسبق ذلك، استقالة جميع أعضاء أمانة الحزب في مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، برئاسة محمد سراج الدين، بسبب ما اعتبروه "غياباً للشفافية والديمقراطية في اتخاذ القرارات، وانحرافاً للحزب عن أهدافه". وكانت القيادية في الحزب حنان فايز شرشار قد كشفت عن مطالبتها من قبل البعض بسداد مبلغ 25 مليون جنيه للترشح على قوائمه. وقالت شرشار، في فيديو لها عبر فيسبوك: "قيل لي: ماذا ستدفعين مقابل الكرسي؟ السعر يبدأ من 25 مليون جنيه، وصولاً إلى 50 مليوناً وأكثر. أنا امرأة مسيحية، ومن أحق الناس بالتمثيل في القائمة الوطنية، بعد ست سنوات من العمل الدؤوب داخل أروقة الحزب". وتأسس حماة الوطن بمعرفة مجموعة من العسكريين السابقين، أبرزهم عضو مجلس الشيوخ الراحل جلال الهريدي، الذي شغل منصب رئيس الحزب منذ تدشينه في 2013 حتى وفاته عن 96 عاماً في 7 يناير/كانون الثاني الماضي. وحكم على الهريدي بالإعدام في 1967 بعهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بتهمة محاولة قلب نظام الحكم مع 70 ضابطاً آخرين، لكن الحكم خفف إلى السجن المؤبد، ثم أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قراراً بالإفراج الصحي عنه في عام 1974. أما حزب الوفد، فيشهد أزمة حادة جراء انفراد رئيس الحزب عبد السند يمامة بترشيحاته في القائمة الوطنية، التي شملت المتحدث باسم الحزب ياسر الهضيبي، والنائب أيمن محسب، وأنور بهادر، ونهال عهدي، وولاء الصبان، وأسماء سعد الجمال، ونشوى الشريف. وتقدمت سلوى عبد الله محمد رزق بشكوى رسمية إلى يمامة ضد الحسيني ياسين عز الدين، وشهرته أنور بهادر، عضو الهيئة العليا بالحزب، اتهمته فيها بأنه "يمتهن النصب والاستيلاء على أراضي المواطنين في مناطق البحر الأعظم والهرم وفيصل بمحافظة الجيزة". وقالت سلوى، في شكواها، إن "الحزب اختار بهادر ممثلاً عنه في القائمة الوطنية، رغم اتهامه سابقاً بالتنقيب عن الآثار بمحافظة سوهاج"، مضيفة أنه "أوهمها بقدرته على إخراج زوجها الذي يقضي عقوبة السجن لمدة خمس سنوات بعفو رئاسي، مقابل مبلغ مليون و100 ألف جنيه، بزعم علاقته المباشرة بالأجهزة الأمنية المقربة من المؤسسات السيادية". وبينت أنها "حولت المبلغ له بالكامل على ثلاث دفعات، عبر حسابه الشخصي ببنك الإسكندرية (فرع المنشأة) بسوهاج، بصعيد مصر ولم يلتزم بالاتفاق الذي يقضي بإصدار عفو عن زوجها، ثم علمت أنه استخدم المال في تزكية اسمه لدى رئيس الحزب للترشح في الانتخابات، من خلال سداد مبلغ أربعة ملايين جنيه، في خيانة صريحة لقيم الحزب ومبادئه ومواثيقه"، مستطردة بأنها "تمتلك جميع المستندات والتسجيلات التي تثبت صحة تلك الوقائع، وستقدمها إلى الجهات المختصة". من جهتهم، طالب عدد من أعضاء الهيئة العليا لحزب الوفد يمامة بتقديم استقالته، من أجل إفساح المجال أمام "قيادة جديدة تعبر عن إرادة الوفديين". وقال الأعضاء، في بيان مشترك، إن "الحزب يمر بمرحلة حرجة تتطلب وقفة صادقة مع الذات، ومراجعة شاملة للمسار التنظيمي والسياسي، خاصةً مع فشل الحزب في تحقيق تمثيل حقيقي ضمن القائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب". في السياق ذاته، تواجه رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل اتهامات بانفرادها في اتخاذ القرارات، وتهميش أصوات قيادات الحزب، على وقع إعلانها تدشين تحالف انتخابي باسم "الطريق الحر" مع حزب المحافظين. واتهم عضو الهيئة العليا بالحزب محمد حمدون رئيسة الحزب بأنها "فرغته من قياداته، وحولته إلى ملكية خاصة، من خلال فرض أسماء بعينها للترشيح عن الحزب في الانتخابات، بعيداً عن معيار الكفاءة". وأعلن تحالف "الطريق الحر" عن قائمة مبدئية لمرشحيه ضمت مسؤول المكتب السياسي بحزب الدستور محمود الملواني، وأمين الصندوق إسلام أبو ليلة، وفائقة طلبة، الإضافة إلى نائب رئيس حزب المحافظين إسلام قرطام، نجل رئيس الحزب رجل الأعمال أكمل قرطام، والنائبين السابقين طلعت خليل، وإيهاب الخولي. وخصص قانون مجلس النواب 4 دوائر للانتخاب بنظام القوائم المغلقة بإجمالي 284 مقعداً، و143 دائرة لنظام الانتخاب الفردي بإجمالي 284 مقعداً، مع منح رئيس الجمهورية الحق في تعيين نسبة 5% من إجمالي عدد الأعضاء، بما يوازي 28 نائباً من أصل 596 نائباً. وتجاهل القانون، الذي أقره مجلس النواب في 25 مايو/أيار الماضي، توصيات لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي بالمحور السياسي في "الحوار الوطني"، في ما يخص تطبيق نظام القائمة النسبية في الانتخابات البرلمانية بدلاً من المغلقة، بما يضمن تمثيلاً أكبر للأحزاب. وتراجعت نسب المشاركة في الانتخابات النيابية المصرية بداية من عام 2015، التي سجلت نسبة مشاركة بلغت 26.56% في المرحلة الأولى، و29.83% في المرحلة الثانية. وفي عام 2020، بلغت نسبة المشاركة 29.5% لانتخابات مجلس النواب، ثم تدنت في انتخابات مجلس الشيوخ إلى 17%.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية