
عربي
شكّل استدعاء المهاجم الفرنسي، جان فيليب ماتيتا (28 عاماً)، إلى صفوف منتخب بلاده، للمرة الأولى، تتويجاً لمسيرةٍ غير تقليدية، جمعت بين العزيمة والمثابرة والتطوّر التدريجي، حتى الوصول إلى قمة كرة القدم الأوروبية. وفرض لاعب كريستال بالاس الإنكليزي نفسه واحداً من أكثر المهاجمين نجاعة في "البريمييرليغ"، خلال السنوات الأخيرة.
ورغم أهمية الحدث بالنسبة له، فإن ظهور ماتيتا في مقر معسكرات المنتخب الفرنسي، مركز كليرفونتين، بدا كأنه جاء من حقبةٍ أخرى، من خلال زيّ رياضي بسيط بعيد كل البعد عن المظاهر الصاخبة لنجوم الجيل الحالي. ورغم بدايته المتواضعة، أصبح ماتيتا هذا العام ثالث أفضل هدّاف في الدوري الإنكليزي لعام 2025، برصيد 12 هدفاً، خلف النرويجي إيرلينغ هالاند (17) والمصري محمد صلاح (14)، محققاً هدفه الذي كتبه يوماً على ورقة صغيرة علّقها على ثلاجته: "يجب أن أسجّل 15 هدفاً هذا الموسم"، لكن طريقه إلى النجاح لم يكن سهلاً، فمنذ انتقاله إلى لندن في يناير/ كانون الثاني 2021، عانى التهميش تحت قيادة روي هودجسون، ثم باتريك فييرا، قبل أن يُغيّر قدوم المدرب النمساوي، أوليفر غلاسنر، مسار مسيرته كلياً.
وتحت قيادة غلاسنر، انفجرت موهبة المهاجم الفرنسي، الذي يبلغ طوله 1.93 متر، إذ سجّل 13 هدفاً في 13 مباراة، ما لفت أنظار المدرب تييري هنري، الذي ضمّه إلى تشكيلة المنتخب الأولمبي في أولمبياد باريس 2024. ومنذ ذلك الحين، أصبح دخول كتيبة ديشان هدفه الأول، وعن قوة عزيمة ماتيتا تحدث مدربه البدني، فابيان ريتشارد في تصريحات لموقع ويست فرانس الفرنسي، أمس الخميس، قال فيها: "حتى عندما كان بديلاً في كريستال بالاس، كان يتحدث دائماً عن المنتخب الفرنسي، لم يشأ أن يحجز عطلة الصيف لأنه كان يأمل أن يُستدعى للمنتخب".
وتروي مسيرة ماتيتا حكاية لاعب بدأ من القاع؛ ففي موسم 2017-2018، وخلال إعارته إلى لوهافر في دوري الدرجة الثانية الفرنسي، خاض 37 مباراة وسجّل 19 هدفاً، وعن هذه التجربة تحدث مدربه آنذاك أوزوالد تانشو قائلاً: "كان بحاجة إلى صقلٍ تقنيّ، لكنه كان يملك غريزة تهديفية نادرة، يضرب بالقدمين بنفس القوة"، كان شاباً هادئاً لكنه عنيد، يعمل بلا توقف حتى وصفه جهازه الفني بالمُرهِق لكثرة وجوده في الملعب. ويقف جان فيليب ماتيتا، اليوم، أمام لحظة مفصلية في مسيرته، بعدما استُدعيّ إلى معسكر المنتخب الفرنسي، وهو يحمل في جعبته قصة لاعبٍ لم تؤهله الموهبة وحدها، بل الإصرار على العمل من أجل بلوغ الأهداف.
