فلسطين: لئلا يفقد الزخم معناه
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
تعيش القضية الفلسطينية لحظة غير مسبوقة من التضامن العالمي، تجلّت في الشوارع والجامعات ومنصات التواصل الاجتماعي ومواقف رسمية تستجيب للضغوط، وبفعل ما كشفه أهالي غزة في صمودهم وتضحياتهم الهائلة أمام دمار وحصار وجرائم حرب وإبادة جماعية. لكن هذا الإنجاز لا يصمد وحده؛ فآلة الدعاية الصهيونية، بقيادة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، تحاول استعادة صورة "إسرائيل الضحية" عبر التضليل والتحالف مع اليمين المتطرف. بل يُختزل الغضب الشعبي الأوروبي في "أصوات مهاجرين مسلمين"، في محاولته إسقاط عقله الأبرتهادي في فلسطين على الساحات الغربية، لتشويه الاحتجاجات وتبرير الجرائم بدل محاسبتها. لا يفعل نتنياهو ذلك وحده، بل ينسّق مع منظّري هذه المقاربة من أقصى اليمين الغربي، ممن لا يكتفون بتبرير الاحتلال، بل يشاركون في إنتاج خطاب يقلب المعايير: من الجلاد إلى الضحية، ومن المطالِب بالعدالة إلى "المتطرّف"؛ بشمول الكل الفلسطيني، الذي يُفترض إخراجه من المشهد. الخطير أن هذا الخطاب، الذي يكرّس عقلية التمييز العنصري الاستعلائي ويعيد تدوير الكراهية، يمرّ في بعض الأحيان بصمت رسمي، غربي وعربي، مثير للريبة. فلو أن مسؤولاً عربياً اتهم الجاليات اليهودية الأوروبية، لقوبل بعاصفة من الإدانات. أما اتهامات قادة الاحتلال لمواطنين أوروبيين مسلمين، فلا تُواجَه بالحد الأدنى من المحاسبة الأخلاقية، ما يُغذي الانقسام، ويمنح اليمين المتطرف فرصة لاستثمار الوضع. في المقابل، بدأت تظهر شقوق في جدار الدعم التقليدي لإسرائيل. بعض الأصوات داخل تيار "ماغا" الأميركية (الحركة الداعمة للرئيس دونالد ترامب؛ اجعل أميركا عظيمة مجدداً)، وأوساط من المحافظين، باتت تتساءل علناً عن جدوى الدعم المفتوح لكيان أجنبي يورّط الولايات المتحدة سياسياً ومالياً. ومع ذلك، فإن هذا التحول لا يعني تراجع الدعم بالمطلق، بل يضع على عاتق حركة التضامن العالمي مسؤولية تحويل هذا التعاطف المتصاعد إلى ضغط سياسي ودبلوماسي وقانوني مستمر وفعّال. في المحصلة، ما قدّمه الفلسطينيون في غزة خلال العامين الأخيرين، ليس مجرد أرقام أو صور مأساوية؛ بل اختبار لضمير العالم ولصدقية القانون الدولي. ومن دون ضغط متواصل على كل المستويات، ودعم عربي صريح بالمواقف والمصالح، وبالطبع بقيادة فلسطينية موحّدة تواصل مشروع التحرر، فإن ما تحقق من تضامن يبقى عرضة للتراجع. ولا ينبغي أن يُستبدل الحق بالتطبيع، ولا أن يُباع العدل بوهم "العملية السلمية". فاستمرار الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس والعربدة الإرهابية في الضفة الغربية المحتلة، ستُقابل بمزيد من المقاومة والانفجار طالما ظلّ الاحتلال قائماً، والحقوق الوطنية الفلسطينية غير مُعترف بها أو قابلة للتنفيذ.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية