
عربي
فتح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، السويسري جياني إنفانتينو (55 عاماً)، الباب أمام احتمال تنظيم المزيد من نسخ كأس العالم في فصل الشتاء، مستلهماً النجاح الكبير الذي حققته النسخة الأخيرة في قطر عام 2022، إذ أكد إنفانتينو أن كرة القدم تحتاج اليوم إلى "عقل منفتح" يواكب المتغيرات المناخية، وضغط المباريات المتزايد على مستوى الأندية والمنتخبات، مشيراً إلى أن التقويم الكروي العالمي لم يعد قابلاً للاستمرار بصيغته التقليدية، وأن المونديال الشتوي لم يكن استثناءً، بل نموذجاً يمكن تكراره مستقبلاً.
واعتادت بطولات كأس العالم أن تُقام في فصل الصيف، غير أن نسخة قطر الأخيرة شكّلت استثناءً تاريخياً، بعدما أُقيمت في الشتاء، فقد دارت المنافسات بين شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول بسبب ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة، خلال الصيف، وأجبر هذا التغيير غير المسبوق الدوريات الأوروبية الكبرى على التوقف مؤقتاً في منتصف الموسم، لكنه في المقابل فتح الباب أمام نقاش واسع حول جدوى تنظيم المونديال في الشتاء مستقبلاً، خصوصاً بعد منح السعودية حق استضافة نسخة 2034، وتجدر الإشارة إلى أن نسخ البطولة تُقام عادة في شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز، وهي فترة قد تصل فيها درجات الحرارة في الرياض إلى أكثر من 40 درجة مئوية، في حين تُعد الأشهر الممتدة من أكتوبر/ تشرين الأول إلى إبريل/ نيسان الأنسب مناخياً لإقامة البطولة.
وتجري حالياً مناقشات حول تقويم المباريات للفترة، التي تلي عام 2030، في وقت تزداد فيه الضغوط، بسبب التوسعات في مختلف البطولات، وقد شكّل الاتحاد الدولي لكرة القدم مجموعة عمل خاصة لدراسة هذه المسألة، بعدما منح السعودية حق استضافة مونديال 2034، وهي بطولة ستقام على الأرجح في الشتاء، كما حدث في نسخة قطر 2022، وأشار إنفانتينو إلى أن عالم كرة القدم يجب أن يتعوّد على فك ارتباط المونديال بالصيف الأوروبي التقليدي، مؤكداً أن التغيير أصبح ضرورة لا بد منها، في ظل التحديات المناخية والجدول الكثيف للمسابقات.
وقال إنفانتينو، في تصريحات أبرزتها صحيفة ذا غارديان البريطانية، يوم الخميس، خلال كلمته في الجمعية العامة لرابطة الأندية الأوروبية بالعاصمة الإيطالية روما: "نحن نناقش التفاصيل يومياً، فالأمر لا يتعلق بكأس عالم واحدة فقط، بل برؤية شاملة، حتى اللعب في بعض الدول الأوروبية في يوليو يكون حاراً جداً، وأفضل شهر للعب كرة القدم، وهو يونيو، لا يُستغل كثيراً في أوروبا، ربما توجد طرق لتحسين التقويم الكروي، لكننا نواصل النقاش وسنرى إلى أين نصل، علينا فقط أن نحافظ على عقل منفتح".
وأكد إنفانتينو أن الهدف من إعادة النظر في التقويم هو تحقيق توازن بين مصالح الأندية والمنتخبات، دون الإضرار بجودة اللعبة، ليواصل الرجل الأول في أعلى هيئة كروية في العالم حديثه قائلاً: "من الحقائق أنه إذا أردنا أن تُقام المباريات في الوقت نفسه حول العالم، فإن مارس/ آذار أو أكتوبر هما الأشهر الأنسب، لأنك لا تستطيع اللعب خلال ديسمبر، في بعض المناطق، ولا في يوليو في مناطق أخرى، علينا أن نأخذ كل هذه العناصر بعين الاعتبار عند الحديث عن مسابقات المنتخبات، وإفراج الأندية عن لاعبيها، والمنافسات القارية، لنجد الطريقة الأنسب التي تخدم الجميع".
وأوضحت صحيفة ذا غارديان، في تقريرها، أن أي إعادة هيكلة جذرية للتقويم قد تثير خلافات كبيرة، خصوصاً أن قدرة "فيفا" على فرض رؤيته قد تتأثر، في حال قررت المفوضية الأوروبية فتح تحقيق رسمي بشأن الشكوى المقدمة العام الماضي، من طرف روابط الدوريات الأوروبية، واتحاد اللاعبين "فيفبرو"، ورابطة الليغا الإسبانية، ضد سياسات الاتحاد الدولي المتعلقة بالتقويم الدولي، علماً بأن "فيفا" يبحث أيضاً سبل توسيع بطولة كأس العالم للأندية، إذ يجري التفكير في إقامة نسخة بـ 48 فريقاً عام 2029، مع احتمال إقامة تصفيات تأهيلية تقلّص العدد النهائي إلى 32 فريقاً، في خطوة تهدف إلى زيادة العائدات المالية وضمان تمثيل أوسع للقارات.
وأضافت الصحيفة أن إسبانيا والمغرب تُعدان أبرز المرشحين لاستضافة نسخة 2029، التي ستُقام في الصيف، رغم وجود خيارات أخرى مطروحة، كما يُحتمل عودة سريعة إلى الولايات المتحدة، ولا تزال الصين، التي كانت مقررة لاستضافة نسخة 2021 قبل تفشي جائحة كورونا، مهتمة بتنظيم البطولة، ويدرس "فيفا" إمكانية إقامة كأس العالم للأندية كل عامين بعد 2029، مع كون قطر المرشحة الأقوى لاستضافة نسخة 2031، وهو أمر سيصبح أسهل، في حال اعتماد الجدولة الشتوية التي يفضلها إنفانتينو، مما يمنح مرونة أكبر في توزيع المسابقات الكبرى زمنياً.
ويُذكر أن تقويم المباريات الدولية محدد حتى عام 2030، إذ ستقام النسختان المقبلتان من كأس العالم في فصل الصيف، على أن تستضيف الولايات المتحدة وكندا والمكسيك النسخة المقبلة خلال شهري يونيو ويوليو 2026، ومن المتوقع أن تُحدد مواعيد انطلاق المباريات عند الظهر، والثالثة عصراً، والسادسة مساءً، والتاسعة ليلاً بالتوقيت المحلي، على غرار بطولة كأس العالم للأندية، التي أُقيمت في الصيف المنصرم، مع الإشارة إلى أن تلك البطولة واجهت تحديات كبيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما دفع المنظمين إلى جدولة مباريات القمة في المواعيد المتأخرة، حفاظاً على سلامة اللاعبين.
