
عربي
تجدد التوتر بين الجيش السوري و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شرقي حلب شمالي سورية، وسط اتهامات متبادلة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه أول أمس الثلاثاء. وذكرت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية أنّ "قسد" استهدفت نقاط الجيش في محيط سد تشرين شرق حلب، "ما أدى إلى استشهاد جندي وإصابة آخرين".
وأضافت أنه "بعد أقل من 48 ساعة على إعلان وقف إطلاق النار، خرقت قسد الاتفاق أكثر من 10 مرات باستهدافها مواقع الجيش في محاور الانتشار شرق حلب"، موضحة أن "قسد" تواصل "عمليات التدشيم والتحصين بكافة المحاور، وقد رصدنا مكالمات تحريضية على أعمال تستهدف الجيش وقوى الأمن بمدينة حلب".
من جانبها، قالت "قسد" في بيان لها "في تصعيد جديد وخرق لوقف إطلاق النار، استهدفت مجموعات مسلّحة تابعة لحكومة دمشق تلة سيريتل ومحيط سد تشرين بالمدفعية الثقيلة، وذلك عند الساعة الخامسة والنصف من مساء اليوم الخميس". وأوضحت أن القصف مصدره محيط مدينة منبج. وفي بيان آخر، قالت "قسد" إن "مجموعة مسلحة تابعة لحكومة دمشق حاولت التسلل" إلى أحد مواقعها في ريف منطقة سد تشرين مستخدمة قنابل يدوية، وإن عناصرها تصدوا لها ما أسفر عن مقتل أحد المهاجمين وفرار الباقين، وفق تعبير البيان.
وسادت حالة هدوء نسبي صباح اليوم في مدينة حلب بعد الاتفاق بين الحكومة السورية "وقسد" مساء الثلاثاء، وسط استنفار وتأهب من الجانبين. وذكر الناشط محمد الشمالي لـ"العربي الجديد" أنه سُمح بحركة المدنيين باتجاه حيي الأشرفية والشيخ مقصود شمالي حلب اللذين تسيطر عليهما "قسد"، وذلك عبر حاجزي الزهور بمنطقة السريان الجديدة ودوار الشيحان، بينما يتواصل إغلاق حاجزي العوارض والأشرفية منذ اندلاع المواجهات، نتيجة قربهما من خطوط التماس. وكانت "الإخبارية السورية" ذكرت الليلة الماضية أن "قسد" نشرت مدافع هاون في عدد من النقاط داخل الحيين.
وفي جنوب البلاد، قال محافظ السويداء مصطفى البكور إن ما تشهده المحافظة من تدهور في الخدمات "ليس نتيجة تقصير من الدولة، بل يعود إلى مواقف داخلية اتخذتها بعض الأطراف، وغياب قنوات التواصل الرسمية مع الحكومة"، مشيراً إلى أن الدولة "جاهزة لتقديم كل الموارد والخدمات، لكن هناك جهات تمنع ذلك وتصر على التعامل خارج الأطر القانونية".
وفي جلسة مع عدد من ممثلي وسائل الإعلام في دمشق، قال البكور إن كل من حاول التواصل مع الدولة تعرض للتهديد، "ما استدعى التريث والتهدئة حتى بدأت بعض الشخصيات المحلية بالانفتاح على الحوار". وأشار إلى أن الحكومة السورية "وفرت كميات كبيرة من القمح والطحين، لكن غياب جهة رسمية لتسلّمها داخل السويداء حال دون توزيعها بشكل منظم.
وقال إن مؤسسات الدولة لا تزال تعمل داخل المحافظة وفق الهيكل الإداري الرسمي، رغم محدودية التواصل الخارجي، مشيراً إلى أنه جرى تفعيل مديريات الأمن في بلدتي الصورة والمزرعة، وإنشاء مكاتب إدارية لتسهيل معاملات المواطنين. وكشف المحافظ عن "استيلاء لجنة غير قانونية وغيرها على مبلغ قدره 20 مليار ليرة سورية، ومليون دولار من بنك السويداء، وصُرف المبلغ دون رقابة أو تقارير رسمية".
وكشف أن مصرف السويداء خاضع لسيطرة فصائل مسلحة، ما يمنع الحكومة من ضخ الأموال أو صرف الرواتب بشكل مباشر، لافتاً إلى أن الحكومة اقترحت إرسال الرواتب مع مدير الدائرة ومحاسبها عن طريق الهلال الأحمر لتوزيعها على المديريات، لكن تم رفضها بسبب ممانعة "اللجنة القانونية" التي شكلها الزعيم الديني حكمت الهجري. وبشأن ملف المحتجزين، كشف المحافظ عن احتجاز 110 أشخاص لدى بعض العشائر، تم نقلهم إلى السجن وهو إجراء احترازي لتجنب ردات فعل انتقامية. وأضاف البكور أن لجنة التحقيق باشرت النظر في ملفاتهم، معتبراً أن الإفراج عنهم بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى تصعيد جديد.
وأوضح أنه تم الاتفاق على إطلاق سراح 30 شخصاً مقابل 110، "لكن الفصائل حاولت عرقلة الاتفاق فقررنا من طرفنا الإفراج عن بعض الأشخاص، وعرضنا الحالات على لجنة التحقيق، وبعد أن وافقت، بدأنا بتنفيذ الإفراج التدريجي، وبقي عدد قليل سنفرج عنهم على دفعات". واعتبر البكور أن هناك حملات إعلامية تحاول تصوير السويداء وكأنها منبوذة من الشعب السوري، مبيناً أن "المحافظة مع شباب وشابات من المحافظات السورية سيطلقون حملة بعنوان السويداء منا وفينا، والتي تهدف إلى إعادة النسيج الوطني السوري وتحسين البنى التحتية، وخاصة في الريف الغربي والشمالي".
وأردف "ستوجه تبرعات الحملة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة وغيرها، تشمل مشاريع بنية تحتية تمثل ترميم آبار مياه و50 مدرسة و35 مسجداً و50 دار عبادة للطائفة الدرزية و15 كنيسة، وتجهيز 20 ألف منزل و40 بلدية، ومراكز ثقافية وشوارع وإنارة وكهرباء، وتجهيز محطة سميع التي تغذي الريف الغربي والشمالي". وحث المحافظ الأهالي على التهدئة والثقة بالدولة، مؤكداً أن الحكومة تعمل على حل الملفات العالقة بشكل منظم.
