
عربي
أكد صندوق النقد الدولي أنه سيواصل المحادثات مع السلطات الباكستانية لتسوية القضايا العالقة قبل صرف الشريحة التالية من القرض المخصص لدعم اقتصاد الدولة الواقعة في جنوب آسيا. وأوضح الصندوق في بيان مساء الأربعاء أن فريقه أحرز تقدمًا ملحوظًا نحو التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء، مشيرًا إلى أنه سيواصل مناقشات السياسات بهدف تسوية النقاط الخلافية بين الجانبين.
وذكرت وكالة بلومبيرغ أن بعثة الصندوق، برئاسة إيفا بيتروفا، زارت كراتشي وإسلام آباد في الفترة ما بين 24 سبتمبر/أيلول و8 أكتوبر/تشرين الأول لتقييم برنامج القرض الممدد بقيمة 7 مليارات دولار، الذي تم الاتفاق عليه العام الماضي، إلى جانب قرض المرونة والاستدامة البالغ 1.4 مليار دولار، الذي تمت الموافقة عليه في مايو/أيار الماضي.
وأكد الصندوق أن تنفيذ البرنامج في باكستان لا يزال قويًا ومتوافقًا بشكل عام مع الأهداف المحددة، مشددًا على ضرورة تعديل أسعار الطاقة بانتظام وتحرير أسواق السلع الأساسية. وقبل وصول بعثة الصندوق إلى باكستان الشهر الماضي، صرّح رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، خلال لقائه مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا، بأن بلاده تحرز تقدمًا مطردًا في الوفاء بعدة التزامات ضمن برنامج الصندوق، بحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ.
يُذكر أن اللقاء بين شريف وجورجيفا جرى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أكد شريف أن الاقتصاد الباكستاني يظهر مؤشرات إيجابية على الاستقرار ويتجه نحو التعافي، داعيًا بعثة الصندوق إلى أخذ الخسائر التي تكبدتها بلاده نتيجة موجة الفيضانات الأخيرة في الاعتبار.
وتأتي المحادثات بين صندوق النقد الدولي وباكستان في ظل أوضاع اقتصادية معقدة تشهدها البلاد منذ أكثر من عامين. فقد واجه الاقتصاد الباكستاني ضغوطًا متزايدة نتيجة التضخم المرتفع، وتراجع قيمة الروبية، ونقص احتياطي العملات الأجنبية الذي انخفض في مراحل سابقة إلى مستويات تهدد قدرة البلاد على تغطية وارداتها الأساسية من الوقود والقمح والدواء.
وتعود جذور الأزمة الاقتصادية في باكستان إلى تراكم الديون الخارجية، وضعف العائدات الضريبية، وسوء إدارة الموارد، إلى جانب الكوارث الطبيعية المتكررة التي زادت من حدة التدهور الاقتصادي. فقد سببت الفيضانات المدمرة خسائر قُدرت بأكثر من 30 مليار دولار، ما دفع الحكومة إلى طلب مساعدات عاجلة من المانحين الدوليين وصندوق النقد لتثبيت الاقتصاد ومنع الانهيار المالي.
وفي العام الماضي، توصلت إسلام آباد إلى اتفاق مع الصندوق على برنامج قرض ممدد بقيمة 7 مليارات دولار، يهدف إلى دعم الاستقرار المالي وتعزيز الإصلاحات الهيكلية، خاصة في مجالات الطاقة والضرائب والحوكمة. كما أقر الصندوق في مايو/أيار الماضي قرضًا إضافيًا بقيمة 1.4 مليار دولار ضمن تسهيلات المرونة والاستدامة، لمساعدة باكستان على مواجهة تداعيات تغير المناخ وتحسين بنيتها الاقتصادية على المدى الطويل.
تُظهر المفاوضات الجارية بين صندوق النقد الدولي والحكومة الباكستانية أن مسار التعافي الاقتصادي في البلاد لا يزال هشًا ويعتمد إلى حد كبير على التزام الحكومة بالإصلاحات الهيكلية وتعاون المجتمع الدولي في دعم جهودها. فبينما يسعى الصندوق لضمان تنفيذ سياسات مالية واقتصادية صارمة تعزز الشفافية والاستدامة، تحاول باكستان الموازنة بين متطلبات الإصلاح وضغوط الواقع الاجتماعي والمعيشي لمواطنيها.
وفي الوقت الذي يرى فيه المراقبون أن صرف الشريحة الجديدة من القرض سيمنح الاقتصاد دفعة مؤقتة، يبقى التحدي الأكبر في قدرة البلاد على تحقيق نمو ذاتي مستدام يقلل اعتمادها على القروض الخارجية. ومن دون معالجة جذرية لهيكل الاقتصاد، وتعزيز الإنتاجية والصادرات، فإن باكستان ستظل عالقة في دوامة المديونية والإصلاحات المؤقتة التي تُسكن الأزمة ولا تُنهيها.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

أخبار ذات صلة.

تحدّيات لا بد من مواجهتها
العربي الجديد
منذ 22 دقيقة

اللاتواصل في زمن التواصل
العربي الجديد
منذ 23 دقيقة

أيام الجوع العالمية في غزّة والسودان
العربي الجديد
منذ 23 دقيقة