لبنان بين التفاؤل والحذر: ترقّب انعكاسات اتفاق غزة على الجنوب
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
يسود الترقّب تداعيات اتفاق إنهاء الحرب في غزة على الساحة اللبنانية في ظلّ رأيَيْن يتصدّران المشهد؛ الأول يأمل أن يتبلور الاتفاق عن حل دبلوماسي سياسي قريب، خصوصاً أن الوسطاء ممسكون كذلك بالملف اللبناني، والثاني، ينظر بتشاؤم، خشية من أن إسرائيل ستتفرغ الآن إلى جبهة لبنان، وستواصل ضغطها بالنار حتى تحقيق أهدافها ونزع سلاح حزب الله بالقوة. وبالتزامن مع تطورات الاتفاق في غزة، يواصل جيش الاحتلال اليوم الخميس خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحيث نفذ اعتداء مزدوجاً في الحي الجنوبي لبلدة ميس الجبل، جنوبي البلاد، من خلال قيام المحلّقات بإلقاء قنابل بالقرب من بعض المنازل، بالإضافة إلى توغّل قوة منها حيث نفّذت تفجيراً لأحد المنازل، ما أدّى إلى تدميره ووقوع أضرار في المنازل المجاورة. كذلك، أفادت وسائل إعلام تابعة لحزب الله عن انفجار جسم مشبوه في بلدة بليدا، ما أدى إلى جرح أحد موظفي البلدية أثناء جولة على ورش رفع ركام البيوت المدمّرة، نُقل إثرها إلى مستشفى الشهيد صلاح غندور في مدينة بنت جبيل، كما أقدم جيش الاحتلال على قصف مقهى في بلدة حولا، ما أدى إلى تدميره بالكامل. ورحّب الرئيس اللبناني جوزاف عون، في موقف له اليوم الخميس، بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، معرباً عن أمله في أن يشكل خطوة أولى نحو وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني الشقيق في غزة، مؤكداً على "ضرورة استمرار الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفق مبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية في بيروت العام 2002". وتمنى عون أن تتجاوب إسرائيل مع الدعوات التي صدرت عن قادة الدول العربية والأجنبية من أجل وقف سياستها العدوانية في فلسطين ولبنان وسورية لتوفير المناخات الإيجابية للعمل من أجل سلام عادل وشامل ودائم يحقق الاستقرار في المنطقة. في الإطار، تقول مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "لبنان يرحّب بالاتفاق لإنهاء الحرب في غزة ويأمل أن ينعكس ايجاباً على المنطقة ككلّ"، مشيرة إلى أن "الساعات المقبلة ستتضح الصورة أكثر على مستوى الاتفاق، ويجب التمسّك دائماً بالإيجابية، خصوصاً أن لبنان خياره كان ولا يزال الحل الدبلوماسي السياسي". وتلفت المصادر إلى أن "مواقف لبنان لا تزال نفسها، بضرورة ضغط المجتمع الدولي ولا سيما أميركا على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية، وإطلاق سراح الأسرى والانسحاب من النقاط التي تحتلها جنوباً، وذلك ما يسمح بتنفيذ خطة الجيش اللبناني لحصرية السلاح، بحيث إن بقاء هذه الخروقات يعرقل عمله ومسار تنفيذ الخطة"، مشيرة إلى أن "لا ضمانات حصل عليها لبنان لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وهناك اتفاق أساساً في لبنان تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ويجب أن تلتزم به إسرائيل وتتوقف عن خرقه". لا ثقة بإسرائيل من جهته، يقول مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّنا "ندعم ما تقوم به حركة حماس، ونؤيد مواقفها، ونحن متمسّكون دائماً بثوابت القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن "حزب الله متمسّك كذلك بثوابته في لبنان، وباقٍ على مواقفه، والأولويات التي عبّر عنها في أكثر من تصريح، حول أولوية وقف الاعتداءات الإسرائيلية وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل والانسحاب من النقاط المحتلة جنوباً، وبعدها لكل حادث حديث". ويشدد المصدر على أن "لا ثقة بإسرائيل، وهي قادرة على خرق أي اتفاق يحصل بأي لحظة، ولا ننسى أن هناك اتفاقا تم التوصل إليه في نوفمبر الماضي، وهي خرقته لأكثر من 4200 مرة ولا تزال تخرقه يومياً، وقبل محاولة طرح اتفاقات أخرى، يجب تطبيق هذا الاتفاق من جانب إسرائيل بعدما طبّقه لبنان". وفي قراءة لتداعيات اتفاق غزة، يقول وزير الخارجية اللبناني السابق عدنان منصور لـ"العربي الجديد"، إن "التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتسليم الأسرى ليس الحل النهائي في غزة، لأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتضمن بنوداً معقدة كثيراً، ولا يمكن الرهان كذلك على النيات الإسرائيلية"، معتبراً أن الهمّ الأول هو إطلاق سراح الأسرى لتخفيف العبء عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقد نرى في ما بعد مماطلة على غرار ما حصل إبان توقيع اتفاقية أوسلو (عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية)، والوعود التي لم تتحقق. ويرى منصور أن الضغط الإسرائيلي على غزة خفّ الآن، وبالتالي فإن التوجه اليوم لترامب ونتنياهو هو نحو الوضع الحالي في لبنان، وسط تمسّك من قبلهما بأن تسلّم المقاومة سلاحها، وفي حال لم يتم التوصل لذلك بشكل كامل، ووجدا أن هناك ثغرات أو عدم إمكانية لتحقيق حصرية السلاح من قبل الحكومة، فقد تذهب إسرائيل باتجاه التصعيد من اعتداءاتها في لبنان، لافتاً إلى أن ذلك لا يعني أن الحرب ستكون واسعة، لكن يمكن لإسرائيل أن توسّع من عملياتها العسكرية لتجبر الداخل اللبناني بالقبول باتفاق معيّن. وتبعاً لذلك، لا يستبعد منصور أن تتوجه إسرائيل نحو لبنان في المرحلة القادمة، خصوصاً أنه جزء من المنطقة ومن التركيبة التي تريدها الولايات المتحدة بما يتعلق بالشرق الأوسط الجديد، كما يعتبر وزير الخارجية اللبناني السابق أن العدو لا يمكن الركون له أو الثقة فيه لأن أهدافه بعيدة المدى، وإسرائيل لديها أطماع عدّة في المنطقة. أما عن انعكاس اتفاق غزة على السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان، ولا سيما المرتبط بحركة حماس التي ترفض حتى الساعة تسليم سلاحها للدولة اللبنانية، يرى منصور أن "المسألة لم تعد صعبة بما يتعلق بالمخيمات في لبنان، فهناك فصائل كحركة فتح سلّمت سلاحها، فيما لحركة حماس وفصائل أخرى مواقف مرتبطة بها، لكن أتصور أنه في حال تم التوصل لاتفاق شامل، فإنّه سيشمل كل الأسلحة على الأراضي اللبنانية، لكن حتى التوصل إليه، لا أعتقد أن الدولة بوارد نزع سلاح حماس عن طريق القوة، فالموضوع يحتاج إلى تمهّل وحسابات لتفادي انفجار الوضع بالداخل اللبناني". بدوره، يقول الكاتب السياسي اللبناني جورج شاهين لـ"العربي الجديد"، إنه بانتظار ما ستظهره الساعات المقبلة بشأن الاتفاق في غزة، مضيفاً "يمكن تسجيل بعض الملاحظات المرتبطة بلبنان، حيث إنّ الوسطاء هم أنفسهم معنيون بالملف اللبناني، من هنا نجد خشية لدى محور المقاومة أو حزب الله من انعكاسات هذا الاتفاق على الساحة اللبنانية، وخصوصاً موضوع تسليم سلاح حركة حماس والتخلي عن السلطة نهائياً. ومن أن يكون الاتفاق بمثابة بروفة لما سيجري في الداخل اللبناني". ويردف شاهين "هناك من يقرأ الموضوع أيضاً بأن لبنان سيكون أمام إما تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء على مستوى حصر السلاح بيد الدولة، أو سيعيش تجربة غزة حتى التخلي عن السلاح، أما من يعتبر أن ما يحصل في غزة لن يكون له علاقة في لبنان فهذا كلام غير دقيق، فما يحصل في غزة يعني المنطقة ككل".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية