دمشق و"قسد"... لا اتفاق ولا حرب 
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
لم يتم التوصل إلى أي تفاهمات جديدة بعد بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والإدارة الذاتية التابعة لها، خلال اجتماعات عقدت في العاصمة دمشق، أول من أمس الثلاثاء، بدفع من الولايات المتحدة، التي تحاول إقناع الطرفين بالتلاقي في منتصف الطريق وتجنّب الصدام العسكري الذي لم تتبدد مخاوف الشارع السوري من وقوعه بعد. كذلك، حضر ملف "قسد" في المباحثات التي أجراها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في أنقرة، أمس الأربعاء، بالتزامن مع مطالبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، "قسد" بتنفيذ اتفاق العاشر من مارس/آذار الماضي، مع الحكومة في دمشق، الذي نصّ على دمج قوات "قسد" مع المنظومة العسكرية للبلاد، وحسم مصير شمال شرقي سورية الذي تسيطر عليه القوات الكردية، بيد أنه لم يجد طريقه للتطبيق بعد. كما حضر ملف "قسد" في محادثات وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أمس مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة. اجتماعات دمشق واشتباكات حلب في السياق، ذكر حساب "اتصالات شمال وشرق سورية" التابع للإدارة الذاتية عبر منصة أكس أول من أمس أن اجتماعا عقد في دمشق مع وفد من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، ضمّ مظلوم عبدي وإلهام أحمد، والرئيس السوري أحمد الشرع. ولفت إلى أن الاجتماعات تناولت ملفات سياسية وأمنية وإنسانية تهدف إلى تثبيت الاستقرار وبناء السلام في البلاد. وأشار إلى أن المباحثات ركزت على أربع قضايا رئيسية: تعديل الدستور، دمج القوات العسكرية، وقف إطلاق النار، وعودة النازحين. ووصفت النقاش حول الدستور بـ"المحوري"، وأن "أي دستور جديد يجب أن يمثل جميع المكونات السورية ويحمي حقوقها من دون تمييز". وبحسب الإدارة الذاتية، تناول الاجتماع مبدأ دمج "قسد" وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) ضمن "إطار وطني موحّد"، في خطوة وُصفت بأنها "باتجاه تشكيل جيش منظم وفعّال يخدم حماية جميع السوريين"، مؤكدة أن هذه النقاط طُرحت شفهياً خلال الاجتماع، ولم يُوقّع أي اتفاق رسمي بعد. مصدر مطلع: حصل اللقاء بين الشرع وعبدي في دمشق وشهدت مدينة حلب مساء الاثنين الماضي، مواجهات عسكرية بين "قسد" وقوات الحكومة، قبل أن يتم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف النار، بدفع أميركي، فيما شهدت دمشق الثلاثاء مكثفة، بما في ذلك اللقاء الذي جمع عبدي مع وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، الذي أعلن الأخير عقبه التوصل لاتفاق على "وقف شامل لإطلاق النار بكافة المحاور ونقاط الانتشار العسكرية شمال وشمال شرقي سورية". كما عقد الرئيس السوري أحمد الشرع لقاء مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توماس براك، وقائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر، لمناقشة آليات تنفيذ اتفاق مارس، ولم تنشر الرئاسة السورية أي معلومات عن لقاء عقد بين الشرع وعبدي، إلا أن مصدراً مطلعاً على سير المباحثات من دمشق، أكد لـ"العربي الجديد"، أن لقاء جرى بالفعل بين الشرع وعبدي، نافياً ما قالته محطة تلفزيونية عربية عن أن عبدي طالب خلال الاجتماع بإقليم للأكراد في سورية، شبيه بذاك الموجود في شمال العراق. بدوره، اكد القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي سيهانوك ديبو  لـ"العربي الجديد" حصول اجتماع الشرع وعبدي موضحا أن عدم الإعلان عنه بشكل رسمي يعود لأسباب تقنية وهو أمر ليس ذا أهمية. من جهته أشار رزكار قاسم، ممثل "مجلس سورية الديمقراطي" (مسد)، الذراع السياسية لقوات "قسد" في ألمانيا، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى عقد الاجتماع، كما أشار إلى حصول اجتماع بين وفدي الإدارة الذاتية و"قسد" ووفد الحكومة المؤقتة بحضور أميركي ـ فرنسي. وأوضح أن النقاش "تناول ماهية شكل الحكم في سورية، الذي يرتكز على اللامركزية ومسألة الدستور الدائم للدولة السورية، وبمشاركة كافة المكونات السورية وتفعيل اللجان التي تم تشكيلها في اتفاقية العاشر من مارس الماضي"، متهماً الحكومة السورية بـ"المماطلة في استمرارية الحوار بشكل جدي". وأشار إلى أن الجانب الكردي يطالب بحكم لا مركزي "لكل المكونات السورية في إطار دولة موحدة تشاركية لا يسيطر عليها مكون معين"، مضيفاً: سيكون الأكراد شركاء حقيقيون في إدارة الدولة مع إخوانهم العرب. وتابع قاسم: نحن جادون في هذه المفاوضات ومصرون على إنجاحها، وندعو الحكومة الانتقالية إلى اتخاذ مواقف جريئة بعيداً عن الأجندات الخارجية الطامعة في سورية (في إشارة إلى تركيا)، وندعوها إلى الاستقلالية التامة، عندها سنصل إلى اتفاقيات من أجل سورية المستقبل. يجب أن يكون القرار سورياً. كما اتهم كادار هوزان مدير مؤسسة "كرد بلا حدود" في باريس، في حديث مع "العربي الجديد" الحكومة السورية بأنها "لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار"، مضيفاً: ضغطت الولايات المتحدة من أجل الالتزام بذلك. وأوضح أن المباحثات التي جرت أول من أمس الثلاثاء، في دمشق تناولت "تفعيل ملف عودة النازحين إلى منطقتي تل أبيض ورأس العين وعفرين"، مضيفاً: لم تكن هناك مخرجات مكتوبة لأنه نوقشت نفس النقاط التي وردت في اتفاق العاشر من مارس. وتابع: الإدارة الذاتية تطالب بدولة اتحادية فيدرالية، كما اتفقت الأطراف الكردية في الوثيقة التي أقرّت في إبريل/نيسان الماضي. بدوره، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، "قسد" للوفاء بوعودها وإكمال اندماجها مع الدولة، وقال إن "وحدة أراضي سورية جوهرية بالنسبة لنا، ولا يمكننا قبول أي مواقف تتحدى ذلك". ولدى سؤاله عن سورية والتطورات في ملف عدم تطبيق الاتفاق بين "قسد" والحكومة في دمشق، قال أردوغان على متن طائرة العودة من أذربيجان، عقب مشاركته في اجتماع قمة دول منظمة العالم التركي: "لدينا موقف واضح من هذه القضية، لن نسمح أبداً لسورية بالانزلاق إلى دوامة عدم الاستقرار، تركيا تراقب عن كثب جميع التطورات على الأرض". وأضاف: "لا ينبغي اعتبار موقف تركيا الصبور والحكيم علامة على العجز، يجب على قوات سوريا الديمقراطية الوفاء بوعودها، وأن تكمل اندماجها مع الدولة، وإذا تصرفنا بروح التاريخ المشترك والمستقبل المشترك أعتقد أن العديد من المشاكل ستحل". كادار هوزان: الإدارة الذاتية تطالب بدولة اتحادية فيدرالية وشدد أردوغان على أنه "قلت سابقاً من يتجه إلى أنقرة ودمشق سينتصر، التحالف التركي والكردي والعربي هو مفتاح السلام والهدوء الدائمين في المنطقة، ولا ينبغي لأحد أن يستسلم للاستفزازات أو يتأثر بالحماس الزائف". ورأى أن "الإدارة السورية حافظت على حساسيتها تجاه التوترات في حلب، وأعلنت أنه من المتوقع أن تتصرف قوات سوريا الديمقراطية وفقاً لاتفاق 10 مارس، لأن وحدة أراضي سورية جوهرية بالنسبة لنا، ولا يمكننا قبول أي مواقف تتحدى ذلك، والرئيس السوري أحمد الشرع وحكومته يتشاركون معنا في وجهات النظر، وستواصل تركيا الوقوف إلى جانب الشعب السوري". وفي أنقرة، دعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إلى وجوب إخراج "قوات سوريا الديمقراطية من المعادلة في سورية"، مضيفاً خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري أسعد الشيباني أنّ "العناصر التي تهدّد أمن سورية تهدد أمن تركيا كذلك، ومن بينها قوات سوريا الديمقراطية". من جهته، شدّد الشيباني على أنه "أكدنا بحسم ووضوح رفضنا لتقسيم سورية تحت أي مبرر أو إطار"، لافتاً إلى أن "اجتماع (أول من أمس الثلاثاء) بين الحكومة و"قوات سوريا الديمقراطية" هدفه تأكيد الالتزام باتفاق 10 مارس". وطلب من "قسد" الالتزام بما جاء في الاتفاق.  اللامركزية السياسية عنوان الخلاف مع "قسد" وساد التوتر بين الحكومة و"قسد" خلال الأيام القليلة الماضية، خصوصاً داخل مدينة حلب، التي تسيطر قوات "قسد" على حيين فيها، وفي ريفها الشرقي عند منطقة دير حافر، التي شهدت مناوشات وتحشيد عسكري كبير، تحديداً من جانب "قسد" التي دفعت بتعزيزات. وعند كل توتر بين الجانبين تتدخل الولايات المتحدة من أجل تهدئة الأجواء وإقناع الجانبين بمواصلة الحوار على أساس اتفاق العاشر من مارس الماضي. ويتبادل الجانبان التهم حول التأخير في تطبيق مضامين الاتفاق، فالحكومة ترى أن مطالب قوات "قسد" غير ممكنة التطبيق، وتعتبر اللامركزية السياسية جنوحاً سياسياً نحو التقسيم. في المقابل، تقاوم قوات "قسد" محاولات تفتيتها وخروجها من المشهد السوري، وتالياً من المشهد الكردي، فهي تعتبر نفسها حاملة للقضية الكردية في البلاد والمدافعة عنها، وتربط مصيرها بمصير هذه القضية التي تتشابك خيوطها وتتعقد يوماً بعد يوم. وتقف عدة ملفات حائلاً دون اتفاق دمشق وقوات "قسد"، التي يقودها حزب "الاتحاد الديمقراطي" الذي يُنظر إليه على أنه نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني. و"قسد" المدعومة من التحالف الدولي ضد الإرهاب، تريد الدخول إلى الجيش السوري كتلة واحدة، لتبقى بنفس الهيكلية والتسليح، بوصفها جهة مسيطرة على نحو ثلث سورية، الغني بالثروات. ولا يبدو أن وزارة الدفاع السورية بصدد مناقشة هذا المطلب، كونه يعني وجود جيشين في البلاد، ولا يؤسس لإنشاء جيش واحد. كما أن الحكومة السورية تطرح مبدأ "اللامركزية الإدارية"، الذي كان صدر إبان النظام البائد، وينص على "إعطاء المجالس المحلية في المحافظات، سلطات واسعة في التخطيط والرقابة واتخاذ القرار". وحتى اللحظة ترفض القوى الكردية هذا الطرح وتعتبر مبدأ اللامركزية السياسية غير قابل للتفاوض مع تحصين ذلك في الدستور القادم.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية