ما الذي نجا من الإبادة الثقافية؟
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
لا تزال الأرقام غير دقيقة حول عدد المباني الثقافية والتاريخية التي تعرّضت لتدمير كامل أو جزئي في غزّة، ففي الوقت الذي تشير فيه اليونسكو إلى أن عددها بلغ 110 مواقع، أعلنت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية في آخر تقاريرها الصادر في فبراير/ شباط 2025 أن عدد المباني الأثرية والثقافية المتضررة تجاوز 316 مبنى ومؤسسة ومركزاً. وعلى الرغم من أهمية دور المؤسسات الدولية المعنية بحفظ التراث مثل اليونسكو، فإن معظم تقاريرها اعتمدت على تسجيلات غير محدثة بشكل مستمر. في مقابل ذلك، اعتمدت المنظّمة الأممية قرارين خاصين بالمؤسسات الثقافية والتعليمية في فلسطين، في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، لتشكل سنداً دولياً حاسماً لمحاسبة الاحتلال. أسس هذا القرار لوصف الأعمال الإسرائيلية بـ"إبادة ثقافية"، ممهداً لمرحلة جديدة من الاعتراف المؤسساتي بالإبادة الثقافية، كما جاء في تصويت الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية في سبتمبر/ أيلول 2025. مؤسسات فلسطينية ودولية دفع هذا الاعتراف مؤسسات أخرى إلى إصدار تقارير إضافية استخدمت مصطلح الإبادة الثقافية دون أن تترجم إلى إجراءات فعلية لحماية المؤسسات الثقافية الفلسطينية على الأرض، إذ أشارت المجموعة العربية في المجلس الدولي للمعالم والمواقع التاريخية (ICOMOS)، في تقريرها الصادر الشهر الماضي، إلى الدمار الشامل الذي طاول التراث الثقافي في غزة، من قصف الجامع العمري الكبير، أقدم مساجد غزة، وتدمير قصر الباشا الذي كان متحفاً يحتفظ بمخطوطات عثمانية نادرة، إلى احتراق أرشيف بلدية غزة بالكامل، حيث ضاع ما يزيد عن 150 عاماً من السجلات والوثائق. منذ بداية العدوان على غزة، منذ عامين، تجاوزت نسبة الدمار في البنية الثقافية 65%، وفق تقديرات وزارة الثقافة الفلسطينية. وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني، في مارس/ آذار الماضي، فإن العدوان الإسرائيلي دمّر البنية الثقافية في القطاع بشكل شبه كامل، حيث أتى على 25 جمعية ومركزاً ثقافياً مسجلين لدى وزارة الثقافة بين تدمير كلي وجزئي، ومسح 80 مؤسسة ثقافية غير مسجلة من الوجود. كما تضررت 87 مكتبة، بينما تعرّضت 325 موقعاً أثرياً وتراثياً للدمار، بالإضافة إلى تدمير مواقع احتوت على 2100 قطعة تراثية من الأثواب التقليدية والتطريز. وقد قامت مؤسسات أخرى بإصدار تقاريرها حول الإبادة الثقافية، من بينها مؤسسة القطان والمتحف الفلسطيني، التي اهتمت بتوثيق الأبنية الثقافية، وأعمال الفنانين الذين فقدوا أعمالهم، كان من بينها مركز رشاد الشوا الثقافي، الذي ضم قاعة عرض ومراسم ومطبعة ومكتبة، وجامعة دار الكلمة للثقافة والفنون، ومحترف "شبابيك"، وغاليري "التقاء".  تجاوز عدد المباني الثقافية المتضررة 316 مبنى ومؤسسة ومركزاً وفي المقابل، برزت "آرت زون فلسطين"، وهي منصة رقمية تأسست لمواجهة الإبادة الثقافية، عبر توثيق الأعمال الفنية التي تضررت أو فقدت، وحفظ الأرشيف البصري الفلسطيني من التدمير والضياع، وأطلقت العديد من المعارض، من بينها "شيفرة حياة وهوية" الذي ضم أكثر من 150 عملاً لـ19 فناناً من غزة، ومعرض "أن تنجو لتشهد" الذي عرض أكثر من 60 عملاً مطبوعاً، بعدما تعذّر نقل الأعمال الأصلية من غزّة بسبب الحصار.  من التوثيق إلى الترميم في يناير/ كانون الثاني 2025، أطلقت مؤسسة الدراسات الفلسطينية منصة رقمية بعنوان "توثيق استهداف الثقافة في قطاع غزة"، وتتكون من 7 أقسام يجري تحديثها باستمرار، تسجّل المؤسسات الثقافية، والأماكن الأثرية، والمكتبات، والمخطوطات المستهدفة، وأسماء شهداء القطاع الثقافي، بالإضافة إلى شهادات مصورة ومقالات تحليلية. وتهدف المنصة إلى رسم صورة مقارنة للنسيج الثقافي في غزة قبل الحرب وبعدها، وإنشاء قاعدة بيانات موثوقة للباحثين. في حين يظل السؤال مفتوحاً حول إعادة ترميم هذه المباني، والأعمال والمكتبات التي تعرّضت للتدمير الكامل. من أهم المؤسسات التي تعمل على الترميم تحت ظروف الحرب، بلدية غزّة بالتعاون مع التحالف الدولي لحماية التراث، مع إعلانها عن طرح عطاء لإعادة ترميم المسجد العمري الكبير في غزة، وكذلك بعض الاتفاقيات لإعادة الترميم، مع المؤسسة الجزائرية للإعمار في فلسطين، والجمعية الدولية للإعمار التركية، والجمعية المغربية لدعم الإعمار في فلسطين وغيرها. تحتاج عملية الترميم لوضع آليات حقيقية وواقعية لمواجهة الإبادة الثقافية ووقفها أولاً، ودعم المشاريع التي تحتاج غالباً لبنية تحتية قائمة، كما كانت قبل الحرب ثانياً.  

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية