عربي
إثر حرب تشرين 1973، وقّعت سورية ومصر اتفاق "فضّ الاشتباك" مع الكيان المحتلّ. وعقد الاتفاق في جنيف برعاية الأمم المتحدة في مايو/ أيّار 1974. من الجانب السوريّ كان الموقّع رئيس أركان القوّات المسلّحة السوريّة حكمت الشهابيّ، ومن الجانب الصهيونيّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، مرحاي غور، وعليه صادق مندوب الأمم المتحدة. وفي 22 أكتوبر/ تشرين أول 1974، أعلن مجلس الأمن القرار رقم 338، وفيه أنّ تلك الاتفاقيّة ليست اتفاقية سلام، بل هي خطوة نحو سلام شامل وعادل، أي السلام مقابل الأرض، تبعاً للشرط السوري الذي طرحه حافظ الأسد وسار عليه الابن الوريث. وكان الغاصب الصهيوني قد احتلّ، في يونيو/ حزيران 1967، مساحة من هضبة الجولان مقدارها 1260 كيلومتراً، من أصل 1860 كيلومتراً. لم يتخلّ عنها بعد الاتفاق، لكنّه انسحب من مدينة القنيطرة التي احتلّها ودمّرها في حرب 1973. ومنذ ذلك الحين، لم تحدُث أيّة مجابهة سوريّة للعدوّ، رغم أنّ الاحتلال ومنذ 2012 لم يتوقّف عن اختراق أجوائنا السوريّة ودكّ أراضينا بصواريخه، تحت ذرائع شتّى، لتستفحل استباحته لأرضنا بدءاً من ليلة هروب الأسد الساقط ذاتها، وحتّى أيّام قليلة سابقة، ولم يحدث في العهدين؛ البائد أو الجديد، أن أطلقت رصاصة واحدة لصدّ هجمات الاحتلال وردع توغّله المشين. ليتمدّد خلال الأشهر التسعة المنصرمة، ويحتلّ مزيداً من أراضينا في الجنوب، ويضمّ الجزء السوريّ المتبقّي من هضبة الجولان، والقنيطرة وصولاً إلى حوض اليرموك في ريف درعا الغربيّ، لتتسع المساحة المحتلّة بمقدار 250 كيلومتراً. ولا ولن ننسى المقاومة بأسلحتها البسيطة التي جابهت اعتداء المحتلّ يوم 26 مارس المنصرم، في قرية كاوا بمحافظة درعا، بقرار شخصيّ من فلاحي الأرض وأصحابها الأحرار، قضى من بينهم سبعة شهداء. من دون أن تحرّك السلطة الانتقاليّة غير تلويحها ببعض الشجب والاستنكار، بلا أيّ تهديد بالردّ.
اليوم، يُستعاد اتفاق "فضّ الاشتباك" سالف الذكر، فيما تستمرّ وحشيّة الاحتلال بإبادة غزّة ببشرها وحجرها، وانتهاك الجنوب اللبنانيّ كلّ حين، برعاية ومباركة أميركيّة صلفة قذرة. وفي وقت صحا فيه العالم الغربيّ من جهله وغفلته ولا مبالاته بالقضيّة الفلسطينيّة، ليندّد بالصهيونيّة المخادعة المجرمة، ناشراً البراهين الساطعة ومشاهد وحشيّتها غير المسبوقة. في الوقت الذي نتابع، نحن السوريين المقصيّين في قلقنا المرعب، وفي أعالي آلامنا، وترقّبنا مباغتات الآتي وهي تتدفّق فوق رؤوسنا الوجلة المستبعدة. وفي خضمّ تسارع الأحداث الهائلة المخيفة، نتابع الفرجة على ما يُرسم لنا من مصائر غير آمنة، في جهاتنا الأربع. في هذا الوقت العصيب العنيف، تُستعاد اتفاقيّة "فضّ الاشتباك". لا ضير من استعادتها والعمل عليها، شرط أن يُعمل بقرار سياديّ وطنيّ حرّ، وفي داخل البلاد حصراً، ومع أهل البلد أجمعين؛ حلمنا الرئيس المطمور منذ عقود. حلمنا الذي ما كاد يقوم من رماده، لتواجهه الضبابيّة نفسها، والتوجّس المرعب عينه. وما يندلق في آذان العالم قبل وصوله إلى آذاننا الصاغية، لا تراه عيوننا على الأرض التي تحترق من حولنا، قاب التقسيم والانفصال. إعتام يتدفّق على غدنا، غد سوريّتنا، وطن الجميع الموحّد المشتهى.
استنفر قلقي، مع ما قاله الرئيس، في ردّه على سؤال أحد الإعلامييّن حول الاتفاق الذي أُبرمت بنوده، هنا وهناك خارج البلاد، وعلى غفلة من الشعب، قال حرفيّاً:" هو الاتفاق ذاته "فضّ الاشتباك" 1974، أو ما يشبهه." ما أعاد إليّ حديثه، على الشاشة الفضيّة، واعترافه بالاتفاق الدوليّ الذي قرّر أخيراً إسقاط الأسد العلّة القاتلة، وبرعاية روسيّة.
فهل سنرى في قادم المباغتات خريطتنا الجديدة المرسومة في الخارج، على ما يشبه سورية؟
أخبار ذات صلة.

اتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية في اليابان
العربي الجديد
منذ 14 دقيقة