أسطول الصمود وصوت إمامة اللواتية
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
حتى كتابة هذه السطور، لا يُعرف مصير الكاتبة العُمانية إمامة اللواتية التي احتجزتها القوات الإسرائيلية مع مجموعة من رفاق رحلة أسطول الصمود إلى كسر حصار غزّة. أعرف إمامة مثقّفة نشيطة وحريصة على الحضور والمشاركات، سواء في أنشطة أسرة القصة بالنادي الثقافي في مسقط، أو في جماعة الخليل بن أحمد الفراهيدي بجامعة السلطان قابوس، إذ كانت أيضاً طالبةً متفوّقةً ومعيدةً في قسم الإعلام بهذه الجامعة، حاصلة على الدكتوراه في جامعة منوبة بتونس، والماجستير في جامعة ويستمنستر في بريطانيا. لديها مؤلّفات في القصة القصيرة، خصوصاً قصص الأطفال، منها مجموعات "لماذا لا تسقط النجوم"، و"قطب المعشوقين"، وكتاب "رجل من بلاد الصين وحكايات أخرى"، مستوحىً من كتاب "منطق الطير" لفريد الدين العطّار، إلى جانب مشاركتها في كتاب "سراة الوادي المقدس... قراءات ودراسات وإضاءات في حياة ومدوّنة أهل التصوّف في عُمان"، و"أين هربت أحلامي"، و"فتى المانجو". كتب عنها الرئيس السابق لصحيفة عُمان، حمود السيابي، مقالاً قصيراً جاء فيه: "كانت إمامة اللواتية أجمل النواخذة المبحرين من بلاد الشراع إلى غزّة هاشم، وهي تعلم علم اليقين... بأن الرحلة ليست نزهة". وتداولت مواقع للتواصل الاجتماعي عديدة كلمات تضامن مع أمامة بعد ذيوع خبر اختفائها، مثل ما كتبه زميلها في العمل حمود النوفلي، ردّاً على من اتهم مشاركتها بأنه طلب للشهرة وتسليط الأضواء: "شاركت الزميلة إمامة اللواتية في قافلة الصمود، ليس حبّاً لشهرة أو بهدف إدخال كيلو من الغذاء، إنما المشاركة كان هدفها إحراج الصهاينة وفضحهم عالمياً"، كما دبّج بعض الشعراء قصائد عنها مثل الشاعر الشعبي مبارك الصلتي في قصيدة من فنّ الميدان (لون شعري شعبي عُماني)، وممّا قاله: "فضاكم هذا الخير بسطوله/إلى غزّة يسير بسطوله/ فلسطين حرّة هتفنا صمود/كلنا إمامة اللواتية". كما كتب عقيل اللواتي قصيدةً مقفّاةً مطلعها: "تخطّت كل آفاق الكرامة/ لتحلو في ملامحها الشهامة". منذ أكثر من 17 عاماً، يرزح قطاع غزّة تحت حصار خانق فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي، حصار شلّ حركة البشر والبضائع، وأحال حياة مليوني إنسان معاناةً مستمرّةً في أبسط تفاصيلها اليومية. في هذا الواقع القاسي، لم يتوقّف التضامن الإنساني في العالم مع غزّة وأهلها، فانطلقت عبر السنوات مبادراتٌ عديدة لكسر الحصار، لعلّ أبرزها "أسطول الحرية"، الذي حمل نشطاء ومساعدات إنسانية، وواجه اعتداءات دامية. واليوم، يعود المشهد مع "أسطول الصمود" الذي حمل خشبه العائم رسالة أمل وصوت مقاومة مدنية سلمية ضدّ الظلم. "أسطول الصمود" ليس مجرّد قوارب تحمل مساعدات غذائية وطبّية، بل هو مبادرة إنسانية للفت أنظار الرأي العام العالمي لمعاناة الشعب الفلسطيني المستمرّة، وإحراج القوى الدولية الصامتة أو المتواطئة. كما تعكس الرسالة البحرية وحدة الضمير الإنساني، خصوصاً أن سفن هذا الأسطول تشتمل أطيافاً مختلفة من المجتمع الإنساني من كتّاب وممثّلين وإعلاميين وناشطين حقوقيين، وكان التعامل معهم على هذا الوجه من العنف والسبّ والاتهام، كما فعل وزير حكومة نتنياهو إيتمار بن غفير، الذي تطاول على محتجزي الأسطول واتهمهم بالإرهاب، ما لم يكن مستبعداً من أحد أساطين ورموز الشرّ للمحتلّ والمُستعمِر الإسرائيلي. ولا بدّ أن المشاركين في هذا الأسطول على علم (وشعور) بذلك، ويتوقّعون الأسوأ من قوة الإرهاب الغاشمة، كما حدث مع سفينة مافي مرمرة التركية عام 2010، حين سقط ضحايا من المشاركين المدنيين. إمامة واحدة من مئات المشاركين الذين اعتقلتهم إسرائيل في شواطئ غزّة، وهي صوتٌ متفرّدٌ يحمل رسالةً ناصعةً ظلّت تبعث بها من البحر طوال فترة الإبحار الطويلة، إلى أن انقطع الصوت فجأة. وانسجاماً مع سياق اختفاء إمامة اللواتية، أصدرت وزارة الخارجية العُمانية بياناً أكّدت فيه أنها تتابع باهتمام بالغ أوضاع المواطنين العُمانيين المشاركين في أسطول الصمود العالمي، ودعت المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية، والضغط على قوات الاحتلال لوقف انتهاكاته المتكرّرة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة من دون عوائق.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية