ارتفاع أسعار مواد البناء يؤجل أحلام السوريين بإعادة إعمار منازلهم
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
تسجل أسعار مواد البناء في سورية ارتفاعا مطردا كل يوم، الأمر الذي يعرقل محاولات السوريين لترميم بيوتهم المتضررة من سنوات الحرب أو بناء بيوت جديدة. ويرتبط ارتفاع أسعار مواد البناء بعدة عوامل أخرى، منها انهيار قيمة الليرة السورية وارتفاع تكاليف النقل والضرائب المفروضة على المعابر، ويتكلل كل ذلك بجشع كبار التجار واستغلالهم زيادة الطلب على شراء هذه المواد التي أصبحت ضرورية لإعادة الإعمار والاستقرار. وتتفاوت أسعار مواد البناء في سورية بناءً على نوع المادة، ومصدرها، وسعر الصرف، وتتراوح أسعار الطن الواحد من الحديد  اليوم بين ستة ملايين وسبعة ملايين ليرة سورية، بينما يبلغ سعر طن الأسمنت المحلي مليونا ومائتي ألف ليرة سورية، في حين تبلغ أسعار المتر المكعب من الرمل والبحص نحو 130 ألف ليرة. ومقارنة بأسعار مواد البناء في سورية العام الماضي 2024، ارتفعت إجمالي الأسعار بنسبة 30%-40% وفق ما قاله التاجر مازن أبو النار، وهو صاحب مستودع لمواد البناء في حلب، مشيراً إلى أن الزيادة الكبيرة بين عامي 2024 و2025  لم تأت من فراغ، بل لها أسباب متعددة. وأضاف لـ"العربي الجديد": "نحن التجار لسنا وحدنا المسؤولين، فهناك عوامل خارج إرادتنا، سعر الصرف ارتفع بشكل غير مسبوق، وكل طن أسمنت أو حديد نستلمه يكون مرتبطاً بالدولار، كذلك ارتفعت تكلفة النقل بعد زيادة أسعار المحروقات إلى الضعف، إضافة إلى الرسوم المفروضة على المعابر، وزيادة الطلب، وحتى أجور العمال في التحميل والتفريغ تضاعفت، صحيح أن بعض التجار قد يضيفون هامش ربح أكبر من اللازم، لكن لا يمكن إنكار أن التكاليف الفعلية ارتفعت بشكل كبير خلال عام واحد". من جانبه، قال خالد الرضوان، وهو رب أسرة نازحة في ريف إدلب، إن فكرة إعادة بناء جزء من منزله المدمر باتت شبه مستحيلة نتيجة الغلاء المتواصل لمواد البناء. ويشير إلى أنه اشترى طن الحديد قبل أسبوع بسعر مرتفع، لكنه فوجئ بأن السعر قفز بعشرات الدولارات خلال أيام قليلة فقط. وأضاف أن هذا التغير السريع يجعله غير قادر على وضع خطة واضحة لإعادة البناء، إذ كلما جمع مبلغاً وبدأ خطوة جديدة، يجد أن الأسعار تجاوزت قدرته. ويرى أن استمرار هذا الارتفاع اليومي يحول حلم الاستقرار إلى عبء نفسي ومالي، ويدفع الكثير من الأسر مثله إلى تأجيل مشاريع الترميم أو التنازل عنها نهائياً. بينما أوضح عبد الله السالم، وهو عامل بناء، أن ارتفاع أسعار المواد جعل من الصعب على معظم الناس استئجار عمال لإنجاز أي مشروع، حتى وإن كان بسيطاً، لأن تكاليف الحديد والأسمنت وحدها باتت تلتهم ميزانياتهم. ويشير إلى أن العمال أنفسهم يتضررون بشكل مباشر، إذ تراجع الطلب على البناء بشكل كبير، وأصبح العمل مقتصراً في الغالب على العائلات الميسورة القادرة على تحمل التكاليف الباهظة.  وللوقوف على الأسباب الحقيقية بعد تجاهل إدارة المعابر الرد على الاستفسارات، بيّن الخبير الاقتصادي سامي الخطيب لـ"العربي الجديد" أن أسباب الغلاء متعددة، أهمها انهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار، فالتقلب المستمر في سعر الصرف يدفع التجار إلى إضافة هامش أمان (احتياطي) في السعر لتجنب الخسائر إذا ارتفعت تكاليفهم لاحقاً، إضافة لارتفاع تكاليف الاستيراد، والقيود على إدخال المواد عبر المعابر وفرض الرسوم والضرائب عليها.  ورأى أن الأمر لا يخلو من "الجشع" الذي لا يعني فقط الرغبة في الربح، بل هو نتيجة لغياب إيجابي للضوابط والشفافية، مضيفاً أن "النتيجة الطبيعية لهذه الأزمة أن حركة البناء تتراجع بشكل كبير، ما يؤدي إلى تجميد النشاط الاقتصادي المرتبط بها، مثل أعمال المقاولات والنجارة، فضلاً عن حرمان مئات العائلات من فرص إعادة إعمار منازلهم المدمرة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أصلا".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية