القهوة العربية معرضة للخطر بسبب أزمة المناخ
تقارير وتحليلات
منذ يومين
مشاركة

تحذر دراسات أن نصف الأراضي المناسبة لزراعة القهوة اليوم قد تصبح غير صالحة بحلول عام 2050، وتُعد قهوة الأرابيكا (القهوة العربية) الأكثر عرضة للخطر، وتعزو ذلك إلى تحديات إزمة المناخ وارتفاع درجة الحرارة وتفاوت هطول الأمطار.

وفقً موقع «Qahwa World» -المتخصص في القهوة- “لا يواجه مستقبل القهوة تحديًا أكبر من تغيّر المناخ، فالقهوة من المحاصيل شديدة الحساسية للتغيرات المناخية، إذ تحتاج إلى نطاقات محدودة من درجات الحرارة وكميات الأمطار، وأي تغيرات في هذه الظروف قد يؤثر بشكل كبير على الإنتاجية ويقلل من المساحات الصالحة للزراعة”.

وتعتبر القهوة العربية (أرابيكا) وقهوة كانيفورا (روبوستا) النوعين التجاريين الرئيسيين في العالم. ورأى “شتيفن شفارز” -كاتب التقرير- “إن الإجماع العلمي مقلق: إذا استمرت معدلات الاحترار الحالية، فإن العديد من مناطق القهوة الرئيسة قد تصبح هامشية بحلول منتصف القرن”، وفق ما تشير أبحاث خبراء الزراعة ومنظمات مثل البحث العالمي للقهوة ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو).


      مواضيع مقترحة

القهوة العربية في خطر

وتُعد القهوة العربية (الأرابيكا) الأكثر عرضة للخطر، إذ تحتاج إلى درجات حرارة معتدلة (بين 18 و22 درجة مئوية) وأنماط هطول أمطار محددة، تتوقع إحدى الدراسات انخفاضًا بنسبة 50% في المناطق المناسبة لزراعة البن العربي عالميًا بحلول منتصف القرن بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتغير الأنماط الموسمية، وزيادة ضغط الآفات والأمراض.

بينما يتحمل بن “الكانيفورا” الحرارة بشكل أفضل، إلا أنه يواجه هو الآخر خسائر إذا ازدادت الظواهر الجوية المتطرفة والجفاف، يشهد المزارعون بالفعل آثار تقلبات المناخ في جميع  أنحاء العالم. وفق التقرير.

القهوة العربية معرضة للخطر بسبب أزمة المناخ
عرف تحميص االقهو وتخميرها لأوّل مرّة إلا في اليمن في القرن الخامس عشر

ففي السنوات الأخيرة، شهدت البرازيل موجات جفاف شديدة في منطقتي سيرادو والجنوب الشرقي (2014، 2020)، وصقيعًا أسود مدمرًا في يوليو 2021، مما أدى إلى تدمير ملايين الأشجار. كما شهدت فيتنام جفافًا وحرارة ممتدة (2020-2023) أدت إلى انخفاض إنتاج الكانيفورا، بينما أثرت الأمطار الغزيرة الناجمة عن التغيرات الموسمية على إندونيسيا وكولومبيا.

التحديات المستقبلية

أصبحت الظواهر التي كانت تُعتبر نادرة في السابق تتكرر بوتيرة مثيرة للقلق، تشير التوقعات إلى أن العديد من مناطق زراعة البن ستحتاج إلى “الهجرة” للبقاء، غالبًا إلى ارتفاعات أو خطوط عرض أعلى.


توقعات بإنخفاض المناطق المناسبة لزراعة البن العربي بنسبة 50% عالميًا بحلول منتصف القرن بسبب ارتفاع درجات الحرارة


في أمريكا الوسطى، قد تتقلص مناطق زراعة البن الحالية بشكل حاد، مما يدفع الزراعة إلى مناطق محدودة في المرتفعات. بينما قد تبقى مرتفعات شرق أفريقيا صالحة لفترة أطول، ستواجه المناطق المنخفضة صعوبات. في البرازيل، قد تنتقل المناطق المثالية جنوبًا أو إلى مناطق غابات حالية، مما يُعرّضها لخطر إزالة الغابات.

بحلول عام 2100، وبدون تكيّف، قد يواجه كبار المنتجين مثل البرازيل وفيتنام وكولومبيا انخفاضًا حادًا في الإنتاج. تعزز خريطة مخاطر المناخ التي أعدتها منظمة الأغذية والزراعة هذه الاتجاهات، محذرةً من تدهور مطرد في قابلية البن للاستمرار في المناطق الرئيسية طوال القرن الحادي والعشرين.

استراتيجيات التكيف

تستجيب صناعة البن بجهود تكيف متعددة الجوانب، يُعدّ استنباط أصناف مقاومة لتغير المناخ أولوية، حيث يُعيد الباحثون اكتشاف وتهجين أنواع من البن البري تتحمل الحرارة والجفاف، ويطورون أصنافًا مقاومة لفساد أوراق البن. وتوزّع حاليًا شتلات هذه الأصناف المحسّنة على المزارعين.

تتغير ممارسات إدارة المزارع أيضًا، يزداد اعتماد أنظمة الزراعة في الظل، حيث تحمي أشجار الظل نباتات البن من الحرارة الشديدة، وتحافظ على رطوبة التربة، وتعزز التنوع البيولوجي. يساعد تحسين الري وإدارة المياه على تخفيف آثار الجفاف، إلا أن التكاليف لا تزال تشكل عائقًا أمام صغار المزارعين.

حتى مع جهود التكيف، ستصبح بعض المناطق غير صالحة لزراعة القهوة. وهذا يحمل تبعات اجتماعية خطيرة، إذ قد يفقد ملايين المزارعين مصدر دخلهم، ما يزيد من الفقر والهجرة. تحذر منظمات مثل الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD) ومنظمة التجارة العادلة من أنه بدون إجراءات مناخية أوسع نطاقًا، ستتفاقم هذه التحديات.

تذبذب الإنتاج

قد يفتح تغير المناخ فرصًا جديدة. قد تصبح المناطق الواقعة على خطوط العرض الأعلى، مثل أجزاء من جنوب الولايات المتحدة، أوروغواي، وشمال الأرجنتين، مناسبة لزراعة البن. كما قد تصبح المناطق المرتفعة التي كانت شديدة البرودة سابقًا، بما في ذلك بعض جبال شرق أفريقيا، قابلة للاستمرار.

كما ظهرت تجارب زراعية في مقاطعة سيتشوان الصينية ونيبال قد تمهّد لظهور منابت جديدة إذا توافرت الظروف المناخية الملائمة.

لا يزال صقيع يوليو 2021 في البرازيل مثالا على تأثير تقلبات المناخ على السوق، إذ خفّض بشكل مفاجئ توقعات حصاد قهوة الأرابيكا ورفع الأسعار العالمية لأعلى مستوى في عقد، في المقابل، أحدث الجفاف في 2022-2023 آثارًا مختلفة، وإن كانت بنفس القدر من الاضطراب.

ومع تزايد الضواهر الجوية المتطرفة في قطاع القهوة وأصبح التخطيط على “مناخ متوسط” غير موثوق. وكما وصف أحد المحللين: “الاتجاه الوحيد الثابت هو غياب الثبات”. هذا الواقع يعقّد قرارات الاستثمار للمزارعين، ويصعّب على المشترين تأمين الإمدادات، ما يزيد من تقلبات السوق.

البن العربي ظهر قبل 600 ألف سنة

يرجع أصل القهوة العربية (أرابيكا) إلى الجزيرة العربية ويعتقد الباحثون ان النبات نشأ في إثيوبيا ولكن لم يُعرف تحميصها وتخميرها لأوّل مرّة إلا في اليمن في القرن الخامس عشر، ولكن هذا النوع أصبح يزرع في كثير من المناطق حول العالم خلال الوقت الراهن.

أقدم باحثون على جمع معلومات وراثية من نبات القهوة من مناطق مختلفة حول العالم لبناء تسلسل وراثي للبن العربي، وهو أشبه ببناء “شجرة العائلة”، وشملت الدراسة تحليل التركيب الجيني لمختلف نباتات القهوة العربية الموجودة لفهم علاقاتها التطورية وأصل منشئها.

ووفقًا لدراسة نشرت في 15 أبريل/نيسان 2024 بمجلة “نيتشر جينتكس”، فإن البن العربي ظهر منذ نحو 600 ألف سنة من خلال التهجين الطبيعي لنوعين آخرين من أنواع القهوة، ويسعى الباحثون إلى معرفة المزيد عن البن لحمايته من آفات ومخاطر تغير المناخ.

ويقول عالم الأحياء “فيكتور ألبرت” من جامعة بوفالو الأميركية والذي شارك في الدراسة: إن ظهور القهوة العربية بهيئتها الحالية لم يشهد تدخل الإنسان.

ويعتقد العلماء أنّ نباتات القهوة البريّة نشأت في إثيوبيا، ولكن لم يُعرف تحميصها وتخميرها لأوّل مرّة إلا في اليمن في القرن الخامس عشر.

ويقال إن الراهب الهندي “بابا بودان” في القرن السابع عشر، تمكن من تهريب 7 حبات من البن في رحلة طويلة من اليمن إلى موطنه الأم، ليضع حينها حجر الأساس لانتشار القهوة عالميا.

وتمثّل القهوة العربية اليوم ما بين 60 و70% من سوق القهوة العالمية، وذلك بسبب مذاقها الساحر ونكهتها الأصيلة، كما تُجرى عملية تخميرها من خلال علامات تجارية موجودة حول العالم مثل “تيم هورتون ودانكن”.

ويظهر اليوم أنّ نبات البن العربي أكثر عرضة للأمراض الفطرية مثل صدأ الأوراق، والتي تتسبب بخسائر بمليارات الدولارات كلّ عام. تمكن الباحثون من الوصول إلى أحد أنواع نبات البن العربي الذي يمتلك شفرة وراثية تساعده على مقاومة الصدأ.

The post القهوة العربية معرضة للخطر بسبب أزمة المناخ first appeared on ريف اليمن.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية