
من جبال اليمن، حيث تزدهر أشجار البُن، تتجدد قصة القهوة مع مزاد أفضل قهوة يمنية لعام 2025، يشارك في المزاد 33 دفعة استثنائية، تجسد عبق التاريخ العريق للقهوة اليمنية.
يحمل مزاد هذا العام شعار “الإرث الحي” ويسعى تكريمٌ للمزارعين، والمدرجات الزراعية، والقرى التي حافظت على هوية القهوة اليمنية لأكثر من خمسة قرون. ووفق ما أورد موقع المزاد “لا نحتفل بالقهوة فحسب، بل نُكرّم الأشخاص والأماكن والتقاليد التي تقف وراءها”.
وينطلق المزاد في نسخته السابعة بتاريخ 18 سبتمبر 2025، بالشراكة مع شركة قمة للقهوة وتحالف التميز في القهوة (ACE)، حيث يتسابق المشترون من مختلف دول العالم لاقتناء هذه الكنوز الثمينة، مما يضيف فصلًا جديدًا إلى قصة القهوة اليمنية التي تستمر فصولها منذ مئات السنين.
مواضيع مقترحة
-
القهوة اليمنية: إرث عريق ونكهة فريدة تتحدى الزمن
-
كيف ترك اليمنيون بصماتهم بصناعة القهوة في الولايات المتحدة؟
-
هل اليمن موطن القهوة الأول في العالم
القهوة اليمنية الإرث الحي
يعود مزاد “أفضل ما في اليمن” في نسخته السابعة، ليحتفي بأروع أنواع القهوة اليمنية، ويكرّم الأفراد والأماكن والتقاليد التي تقف وراءها إذ يُقام المزاد تحت شعار “الإرث الحي” ويسلط الضوء على المدرجات الزراعية المنحوتة يدويًا وأشجار البُن التي يعود تاريخها إلى قرون طويلة، وأساليب الزراعة المتوارثة عبر الأجيال، بالإضافة الثقافة اليمنية التي قدمت القهوة للعالم.
نحو 33 قهوة نادرة من اليمن في المزاد الذي يحمل شعار “الإرث الحي” يقام في 18 سبتمبر المقبل
يبرز اسم يحيى الفقيه من قرية الجدعان في الحيمة الخارجية كأعلى قهوة في المزاد، على الرغم من أن محصوله من صنف “اليمنية” المعالج طبيعيًا لم يتجاوز 37 رطلًا فقط، فقد حصد 90.45 نقطة، ليُتوَّج بأعلى تقييم. تتميز قهوته بنكهات غنية ومتعددة، حيث تتكامل فيها نكهات الياسمين والزنابق الصفراء، مع لمسات من الخوخ، الفراولة المخمرة، التوت الأزرق، ولمسة نهائية من التفاح الأخضر.
قصة يحيى ليست مجرد أرقام؛ إنها حكاية عائلة تتوارث الزراعة منذ ثلاثة قرون، نساؤها في قلب موسم الحصاد، ومدرجاتها الحجرية شاهدة على مقاومة الجفاف والآفات والسنين. وفق ما أورد موقع «َQahwaWorld».

كما برز المزاد بتنوّع طرق المعالجة التي جمعت بين الأصالة والتجديد: المعالجة الطبيعية حافظت على نقاء التربة، وتقنيات Alchemy منحت القهوة طبقات إضافية من الحلاوة والوضوح، فيما أضاف العسل الكربوني من بني زيدان لمسة نادرة جمعت بين الإبداع وحماية الموارد.
تألقت دفعات أخرى لا تقل روعة، من مغرب عنس XV (90.29) من صنف كينت بتقنية Alchemy الدقيقة، ومزارعات حجرات العين XV (90.16) من ارتفاعات شاهقة بلغت 2300 متر، وبيت ياسين XI (90.16) الذي جمع بين التاريخ والأزهار والنكهات الفريدة.
من اثنتي عشرة قرية جبلية يتراوح ارتفاعها بين 1800 و2300 مترًا، جاءت هذه الدفعات لتعكس أكثر من مجرد محاصيل زراعية؛ إنها روايات صمود محفورة في المدرجات. كل حجر وكل شجرة يقصان حكاية عائلات واجهت شظف العيش والعزلة، لكنها واصلت إنتاج قهوة تُعد من الأندر والأكثر قيمة في العالم.
وحقق مزاد أفضل قهوة يمنية 2024 معيارًا جديدًا للقهوة اليمنية، حيث وصلت الأسعار إلى مستوى قياسي بلغ 1,159 دولارًا أمريكيًا للكيلوغرام الواحد. يُظهر هذا الإنجاز ليس فقط الجودة الاستثنائية للقهوة اليمنية، ولكن أيضًا التأثير المتزايد للمزارعات اليمنيات اللواتي لعبن دورًا رئيسيًا في نجاح هذا العام.
حضور نسائي لافت
لعل أبرز ما يميز هذا العام هو الحضور النسائي اللافت، حيث أسهمت النساء بـ 14 دفعة من أصل 33 دفعة، أي ما يعادل 42% من إجمالي المحصول. ومن حُجَر العين إلى الميزاب، تُروَى قصص ملهمة عن نساء اقتلعن القات لزراعة القهوة، وبَعن الذهب لشراء شتلات جديدة، وعملن من شروق الشمس حتى غروبها ليورِّثن أبناءهن المدرجات والإرث معًا.
وتعد النساء اليمنيات شريكًا أساسيًا للرجال في جميع مراحل زراعة البن، بدءًا من غرس الثمار والعناية بالنباتات، وصولًا إلى مرحلة الحصاد والتجهيز، ومن ثم بيعه في الأسواق، إذ تشير إحصاءات البنك الدولي إلى أن النساء يشكّلن نحو 50% من القوى الزراعية العاملة في اليمن.
وبحسب مسح ميداني أجرته المؤسسة الوطنية نهر بدعم من منظمة رؤيا أمل في مديرية يهر في يافع بمحافظة لحج جنوبي اليمن، تبلغ نسبة النساء العاملات في زراعة البن 60%.
مؤخراً أثبتت المرأة اليمنية حضورها القوي في زراعة وإنتاج وتسويق البن اليمني الأصيل، حيث تمكنت خلال السنوات الأخيرة من إطلاق العديد من المشاريع المتخصصة في إنتاج وبيع القهوة في مختلف المحافظات.
الاحتفاء بالقهوة إرث متجدد
تجدر الإشارة إلى أن الاحتفال بالقهوة اليمنية هو احتفال بالاستمرارية في مواجهة الشدائد. من أولى الأشجار المزروعة إلى إعادة اكتشاف اليمن، ومن طرق القوافل القديمة إلى مزارع المرتفعات التي لا تزال مزدهرة حتى اليوم، يعد هذا تكريمًا للمزارعين والعائلات والمعرفة التي بقيت حية وتنمو وتُخمَّر.
وتقام مزادات القهوة اليمنية عادةً في اليمن نفسها، حيث يتم تقييم القهوة وبيعها من قبل منظمات مثل قهوة القمة وACE لدعم المزارعين وتعزيز صناعة القهوة اليمنية. ورغم إقامة هذه المبادرات محليًا، يشارك فيها مشترون دوليون من مختلف أنحاء العالم عبر منصات إلكترونية، مما يسلط الضوء على الاهتمام العالمي بالقهوة اليمنية ويعزز قدرة المزارعين على الحصول على تعويض عادل.
سيطر البن اليمني على التجارة العالمية من القرن السادس عشر إلى الثامن عشر، وكان يصدر من ميناء المخا إلى كل العالم
تمثل القهوة اليمنية، دلالة تاريخية على جودة وتميز مذاق البن القادم من البلاد نحو مختلف أنحاء العالم، حيث كانت اليمن أول دولة تصنع وتُسوّق القهوة تجاريًا قبل 700 عام.
تعود زراعة البن في اليمن إلى قرون طويلة، حيث تشير مصادر تأريخية إلى أن اليمنيين أول من قاموا بزراعة البن وتصديره، ويرتبط اسمه عالميًا بميناء المخا (موكا) الذي كان المرفأ الأول لتصدير البن اليمني إلى كل العالم منذ القرن الخامس عشر، وأصبح الميناء الأشهر الذي استمد منه البن اسمه العالمي “موكا كافيه”.
ويعتبر البُن اليمني من أبرز المحاصيل النقدية في البلاد، حيث تُقدّر المساحة الزراعية المخصصة لزراعته حاليًا بنحو 34,497 هكتارًا، ويعمل في هذا القطاع ما يقارب المليون شخص، وبفضل الجهود المبذولة من قبل النساء والرجال على حد سواء، يواصل البن اليمني الحفاظ على مكانته الفريدة محليًا وعالميًا، كأحد أجود أنواع القهوة في العالم.
The post 33 نوعًا من البن اليمني في مزاد “الإرث الحي” first appeared on ريف اليمن.