
يستعد وفد مغربي من وزارة الصناعة والتجارة لزيارة العاصمة التركية أنقرة خلال الأسبوع المقبل، في إطار اجتماع دوري للجنة المشتركة المنبثقة عن اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين في 2004، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2006، وذلك بحسب بيان رسمي صادر عن الوزارة، اليوم السبت. وبحسب البيان فإن الزيارة "تقنية وطبيعية"، ولا تهدف إلى إعادة التفاوض على الاتفاقية كما روجت بعض التقارير الأجنبية، بل تأتي في سياق مراجعة الأداء وتبادل البيانات والإحصاءات التجارية، بما يعزز فعالية الاتفاق ويعكس روح الشراكة الاقتصادية بين الجانبين. ومن المنتظر أن يترأس الوفد المغربي نائب وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية عمر حجيرة، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية، فيما لم يتضح تاريخ بداية الزيارة لأنقرة.
وسبق أن أشارت تقارير إعلامية أجنبية إلى أن الزيارة تأتي بهدف إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية، مستندة إلى مصادر مغربية لم تُكشف هويتها. غير أن وزارة الصناعة والتجارة شددت على أن "هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة"، موضحة أن الاجتماعات تهدف إلى تقييم الأداء وتبادل البيانات حول التجارة الثنائية، بحسب الأناضول. من جانبه، قال مدير العلاقات التجارية الدولية في الوزارة يوسف الزهوي، إن "الاجتماع المزمع تقني بحت، وسيناقش البيانات والإحصاءات ومجريات تنفيذ الاتفاقية، ضمن إطارها الفني والطبيعي". وأضاف في تصريح للصحافة المحلية أنه ستتم مراجعة الأرقام ومؤشرات الأداء التجاري، مع تقييم سبل تطوير التجارة لتكون أكثر توازنا وفعالية.
وأشار الزهوي إلى أن بعض التحليلات التي تربط العجز التجاري المغربي مع تركيا باتفاقية التجارة الحرة "تعكس رؤية قاصرة"، موضحا أن "نحو 40% من هذا العجز لا يرتبط بالاتفاق مباشرة". وأكد الزهوي أن الاتفاقية ساهمت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة إلى قطاعات إنتاجية في المغرب، قائلاً: "لولا هذه الاتفاقيات، لما تمكنا من تحقيق القدرات الإنتاجية الحالية في بعض المجالات". كما شدد على أن الاتفاق لم يقتصر تأثيره على التجارة الثنائية، بل عزز أيضًا اندماج المغرب في أسواق أوسع، قائلاً: "المستثمرون ينظرون إلى إمكانات التصدير والأسواق الخارجية، وليس فقط السوق المحلي".
ووقع المغرب وتركيا اتفاقية التجارة الحرة في 7 إبريل/ نيسان 2004، ودخلت حيز التنفيذ في 1 يناير/ كانون الثاني 2006، قبل أن يدخلا تعديلات عليها قبل خمس سنوات شملت فرض رسوم جمركية 90% على واردات المنسوجات والملابس التركية لحماية المصنعين المغاربة والوظائف. ومع ذلك، لا تزال الشركات المغربية تستورد كميات كبيرة من الأقمشة التركية لتلبية احتياجات قطاع الملابس في المملكة. وتشير البيانات الرسمية إلى أن العجز التجاري الإجمالي للمغرب زاد 22.8% إلى 109 مليارات درهم (12 مليار دولار) في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام. واتسع أيضاً العجز التجاري 7% إلى 306 مليارات درهم العام الماضي. والعجز التجاري بين المغرب وتركيا هو ثالث أكبر عجز بعد الولايات المتحدة والصين.
وبحسب بيانات رسمية مغربية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2024 نحو 5.5 مليارات دولار، بواقع صادرات من المغرب بقيمة 1.6 مليار دولار، فيما بلغت الواردات من تركيا 3.9 مليارات دولار. ويجمع خبراء، بحسب الأناضول، على أن الاتفاقية لعبت دورا رئيسيا في تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وفتح المجال لتوسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري. والأربعاء، قال مصدران لـ"رويترز" إن المغرب يعتزم مراجعة اتفاقه التجاري مع تركيا، والضغط من أجل زيادة الاستثمارات التركية لتعويض العجز التجاري المتزايد الذي يُعزى إلى حد بعيد إلى واردات الأقمشة التركية. وأضاف المصدران اللذان حضرا اجتماعاً مع عمر حجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية في المغرب، إن حجيرة سيزور تركيا، سادس أكبر شريك تجاري للمغرب، قريباً لمناقشة الإجراءات التي تهدف إلى تخفيف العجز البالغ ثلاثة مليارات دولار.
والاثنين الماضي، أعلن كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية في المغرب أنه سيجري زيارة رسمية إلى تركيا خلال الأيام المقبلة لمراجعة اتفاقية التبادل التجاري الموقعة بين البلدين منذ 2004، وسط تزايد الضغوط على الميزان التجاري المغربي. وأكد حجيرة، خلال اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب يوم الاثنين، أن بلاده ستطلب من الجانب التركي رفع وتيرة الاستثمارات المباشرة لتعويض العجز، معتبراً أن "الاستثمار هو المفتاح الحقيقي لتجاوز اختلالات الميزان التجاري"، بحسب قناة الأخبار المغربية. ويستفيد المغرب من 12 اتفاقية للتبادل التجاري الحر مع أكثر من 100 دولة، تغطي ما يقرب من 2.3 مليار مستهلك.
