شروط تُهدد استقلالية قطاع النشر في سورية
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

أصدرت وزارة الإعلام السورية، يوم الثلاثاء الماضي، تعليمات جديدة لتنظيم قطاع النشر في البلاد، بعد سنواتٍ ارتبط فيها هذا القطاع بالمنع والرقابة والتضييق، بدءاً من اشتراط الموافقات الأمنية لإنشاء دور النشر، وصولاً إلى المعوقات المتعلقة بحرية المحتوى.

التعليمات الجديدة وضعت شروطاً صارمة للحصول على ترخيص لدار نشر، أبرزها ضرورة امتلاك مقر بمساحة لا تقل عن 60 متراً مربعاً أو استئجاره، إلى جانب دفع رسوم ترخيص تبلغ 1200 دولار أميركي لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد. شروط اعتبرها مراقبون عائقاً إضافياً أمام النشر المستقل، قد تسهم في اقتصار النشاط على دور نشر مدعومة، تتماهى مع توجهات الممولين وسياساتهم، ما يضعف التعددية والاستقلالية الثقافية.

ويثير شرط المساحة جدلاً خاصاً، لا سيّما في وقت تتجه فيه العديد من الدول إلى الاكتفاء بعنوان قانوني لمزاولة العمل، خصوصاً مع ازدهار أنماط العمل عن بُعد، حيث تنفذ كثير من دور النشر أعمالها دون الحاجة إلى مقر فعلي، باستثناء ما يفرضه الترخيص التجاري.

وتشمل الشروط الأخرى حصول المتقدم على الجنسية السورية أو ما يعادلها، وعدم صدور أحكام قضائية ضده في جرائم شائنة أو جنايات. كما تضمّنت التعليمات استثناءً لمعتقلي الرأي أو من لديهم قضايا مرتبطة بـ"النشاط الثوري ضد النظام المخلوع"، وهو استثناء بات متكرراً في بعض القرارات الحكومية الأخيرة.

تأتي هذه التعليمات الجديدة في ظلّ حالة من التململ داخل الوسط الثقافي في البلاد، خصوصاً على خلفية الجدل المستمر حول دور اتحاد الناشرين السوريين، والتغييرات التي طاولت النقابات، وسط غياب انتخابات حقيقية وشفافة تمكّن الفاعلين الثقافيين من المشاركة في رسم السياسات الثقافية التنظيمية، في مرحلة انتقالية تمسّ مختلف مجالات العمل المؤسسي.

قد تعيق هذه الشروط استقطاب مستثمرين في صناعة الكتاب

وتعاني صناعة النشر السورية من أزمات متراكمة منذ سنوات، أبرزها فقدان الناشرين مستودعاتهم، وتضرر المطابع، ومغادرة بعض الناشرين البلاد بسبب الملاحقة الأمنية أو بحثاً عن بيئة عمل مستقرة، إلى جانب أزمات طباعة وورق، وتوقّف معارض الكتاب المحلية، وصعوبات التوزيع داخلياً وخارجياً بسبب الحرب والعقوبات.

ويخشى ناشرون أن تؤدي هذه التعليمات الجديدة، رغم طابعها الإداري والاقتصادي، إلى إغفال القضايا الأهم في هذا القطاع، وعلى رأسها حماية حقوق المؤلف، وتحديث قوانين الملكية الفكرية، ومكافحة القرصنة التي تهدد استمرارية النشر داخل سورية، خصوصاً مع توجّه عدد متزايد من الناشرين السوريين إلى الأسواق العربية ومعارض الكتاب الخارجية.

وتبقى المخاوف قائمة من أن تنعكس هذه الإجراءات سلباً على حرية النشر وتنوّع المحتوى، ويدفع ثمنها مجدداً الناشر والكاتب السوري، الذي كثيراً ما اضطر لمغادرة بلاده بحثاً عن مساحة لحرية الكلمة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية