التشويش على الملاحة يهدد ناقلات النفط في الخليج... اصطدام وتكاليف
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

بدأت شظايا الحرب المتطايرة بين إسرائيل وإيران تصيب إمدادات النفط من الشرق الأوسط، وإن كان بشكل مباشر حتى الآن، إذ تعرضت ناقلات للاصطدام قرب مضيق هرمز، بسبب خلل في إشارات الملاحة في ظل التشويش على السفن في الخليج العربي، في الوقت الذي توقف بعض مالكي ومديري ناقلات النفط عن العمل على المسارات المتجهة إلى الشرق الأوسط، وقفزت تكاليف الشحن إلى آسيا بنحو الخُمس في أيام معدودة، بينما تتعاظم المخاوف من إغلاق مضيق هرمز على الرغم من استبعاد البعض هذا الخيار بالنسبة لإيران حتى الآن.

ووفق مصادر ملاحية، فإن سفينة اصطدمت بسفينتين أخريين كانتا تبحران قرب مضيق هرمز، أمس الثلاثاء، وذلك بعد أن أعلنت شركة الأمن البحري البريطانية "أمبري" وقوع حادث على بعد 22 ميلاً بحرياً إلى الشرق من خورفكان في الإمارات.

حدثت الواقعة في وقت تتصاعد فيه الضربات بين إسرائيل وإيران، إذ يتبادل الجانبان الهجمات، منذ يوم الجمعة الماضي، في أعقاب شن الاحتلال الإسرائيلي غارات على مواقع عسكرية ونووية إيرانية واغتيال قيادات في الحرس الثوري وعلماء في الطاقة النووية.

يأتي حادث الاصطدام بين السفن قرب مضيق هرمز في الوقت الذي تزايدت شكاوى ملاك الناقلات في الأيام الأخيرة من التشويش على السفن في الخليج العربي مع تصاعد الحرب، إذ تعرضت أكثر من 900 سفينة لخلل فني في أنظمتها الملاحية.

ويؤثر هذا الخلل الفني على ناقلات النفط، وسفن الشحن، وزوارق السحب، ومراكب الصيد، وغيرها، منذ الجمعة، ويؤدي إلى تزايد الاعتماد على الرادارات، والبوصلات، والرؤية المباشرة، ما يرفع احتمال وقوع حوادث تصادم.

وأظهرت بيانات منصة تتبع السفن "ستار بورد ماريتايم إنتليجنس" (Starboard Maritime Intelligence)، أن السفن تبحر في المنطقة في خطوط مستقيمة يستحيل سلوكها، أو تتخذ مسارات متعرجة في المياه، أو تبدو كأنها قرب الساحل.

وحذر مركز المعلومات البحرية المشترك، وهو مجموعة عمل بحرية دولية تراقب المنطقة، يوم الأحد الماضي، من وجود حالات "تشويش شديد" على الإشارات الصادرة عن ميناء بندر عباس الإيراني. وكررت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية التحذيرات، يوم الاثنين الماضي، مشيرة إلى أن التشويش يتزايد في الخليج، ويؤثر على كيفية إبلاغ السفن عن موقعها عبر الأنظمة الآلية.

وقال مارك دوغلاس، محلل شؤون الملاحة البحرية في "ستاربورد" وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية، إن "هذا ليس المكان المناسب، ولا الوقت المناسب لوجود أنظمة ملاحة تعجز عن تحديد الموقع الدقيق". وأشار إلى أن ما يجري يقوض الملاحة في الممر، قائلاً: "رغم أن إغلاق المضيق يبدو احتمالاً مستبعداً، فإنّ هذا النوع من التشويش واسع النطاق يثير قلق كل من يعمل في المنطقة".

ويشكل مضيق هرمز بوابة الخليج العربي، حيث تُحمّل كبرى الدول المُنتجة للنفط، بما فيها السعودية وقطر والكويت وإيران، الناقلات بالخام وترسلها عبر المضيق إلى المشترين النهائيين. وقد تزايدت المخاوف من احتمال إغلاق إيران الممر البحري بعد الغارات التي شنتها عليها إسرائيل الأسبوع الماضي، والتهديد الأميركي بالتدخل مباشرة في الحرب.

وعلق الكثير من مالكي الناقلات إرسال سفنهم إلى الخليج العربي، بحسب وسطاء شحن. وشهدت تكاليف الشحن من الشرق الأوسط إلى آسيا قفزات حادة. ويمر نحو خُمس إجمالي استهلاك النفط العالمي عبر المضيق. ووفقاً لبيانات من شركة معلومات الملاحة البحرية (فورتيكسا) فقد تدفق ما بين 17.8 مليون إلى 20.8 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات والوقود عبر المضيق يومياً في الفترة من بداية عام 2022 حتى مايو/أيار الماضي.

قفزت تكلفة شحن الوقود من المنطقة إلى شرق آسيا بنحو 20% خلال ثلاث جلسات، حتى يوم الاثنين، بحسب بيانات بورصة البلطيق. وفي الوقت نفسه، قفزت الأسعار على المسار نحو شرق أفريقيا بنسبة تجاوزت 40%. جاء هذا بالتزامن مع إقدام مُلاك ناقلات النفط ومشغليها على تعليق عروض السفن في الشرق الأوسط تماماً، في ظل تزايد شظايا الحرب المتطايرة بين إسرائيل وإيران دون أي مؤشرات على التهدئة والتوقف عن المضي في سيناريو اللاعودة بين الجانبين.

ورغم عدم وقوع أي هجمات كبيرة حتى الآن على السفن التجارية في منطقة الخليج العربي، إلا أن التوترات تخيم على السوق. أفاد وسطاء ومُلاك سفن بأن المؤشرات الاسترشادية للأسعار أظهرت استمراراً في وتيرة ارتفاع أسعار الشحن، أمس الثلاثاء.

وصعدت معدلات الشحن المرجعية لناقلة متوسطة الحجم تحمل منتجات نفطية مكررة من الشرق الأوسط إلى اليابان، والمعروفة بمؤشر "تي سي 1" (TC1)، إلى 136 نقطة على مقياس "وورلد سكيل"، يوم الاثنين، مقابل 114 نقطة يوم الخميس الماضي قبل اندلاع الصراع.

أما تكلفة الشحن باستخدام ناقلات أصغر على نفس المسار، والمعروف بمؤشر "تي سي 5"، فقد قفزت إلى 167 نقطة، بعد أن كانت 139 نقطة قبل جلستين. فقد ارتفعت عقود الشحن الآجلة لمؤشر "تي دي 3 سي" في بورصة البلطيق، إلى نحو 14 دولاراً للطن، يوم الاثنين، مقارنة بنحو 11 دولاراً قبل العدوان الإسرائيلي على إيران.

في المقابل، سجل المسار المخصص للناقلات المتوسطة التي تنقل الوقود من الخليج العربي إلى شرق أفريقيا، والمعروف بـ"تي سي 17" اندفاعاً صاروخياً إلى 287 نقطة يوم الاثنين، مقارنة بـ202 نقطة قبل جلستين.

ورغم أن الكثير من المحللين يستبعدون حالياً إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز، يبقى الاحتمال قائماً، بخاصة إذا اتسعت الحرب وتدخلت فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر، ما يعرض المنطقة برمتها إلى خطر كبير ويهدد الإمدادات إلى آسيا تحديداً، ويعرض اقتصادات الخليج لاضطرابات بغض النظر عن الوفورات المالية التي يمكنها الاستناد إليها لفترات من الزمن.

وقال أنوب سينغ، المدير العالمي لبحوث الشحن في شركة "أويل بروكريج"، في مذكرة له، إن حدوث اضطرابات في الإمدادات هو الاحتمال الأرجح، وأن مضيق هرمز هو "ورقة إيران الأخيرة في المساومة، ولا تُستخدم هذه الأوراق إلا عند ظهور السيناريو الأسوأ". ويقع مضيق هرمز بين سلطنة عُمان وإيران ويربط بين الخليج الواقع شماله بخليج عُمان وبحر العرب جنوباً.

وبالفعل، توقف بعض مالكي ناقلات النفط ومديريها عن العمل على المسارات المتجهة إلى المنطقة، يوم الجمعة الماضي، في ظل تقييمهم للمخاطر الناجمة عن الصراع الدائر. وقال سماسرة شحن ومتعاملون في تأجير السفن، وفق وكالة بلومبيرغ، إن المنتجين والتجار الذين يسعون لحجز سفن لتحميل النفط الخام والوقود من الخليج العربي، يواجهون نقصاً في العروض المتاحة.

في الأثناء، واصلت أسعار النفط ارتفاعها، أمس، لاسيما بعد أن دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إخلاء العاصمة الإيرانية طهران. وارتفعت العقود الآجلة لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط الأميركي بأكثر من 2% خلال التعاملات 1%، ليتجاوز مزيج برنت 74 دولاراً للبرميل، فيما صعد الخام الأميركي فوق 72.5 دولاراً للبرميل. وإيران هي ثالث أكبر منتج للنفط بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وقد تؤدي الحرب إلى تعطيل إمداداتها من النفط، وبالتالي ارتفاع الأسعار.

غادر ترامب قمة قادة مجموعة السبع في كندا، الاثنين، فجأة، بعد ساعات من دعوته لإخلاء طهران فوراً من سكانها. وصرحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأن الرئيس سيغادر إلى واشنطن "ليتمكن من الاهتمام بالعديد من الأمور المهمة" لكنها قالت في منشور لاحق على موقع "إكس" إن المغادرة تأتي بسبب "ما يحدث في الشرق الأوسط".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية